«إسرائيل اليوم» : على إسرائيل أن تطوّر قدراتها الذاتية لإزالة "النووي" الإيراني

حجم الخط

بقلم: اللواء احتياط تمير هايمن

 

 


تصريح الرئيس الأميركي بايدن، بأنه لن يكون لإيران سلاح نووي أبداً، تصريح مهم. صحيح أن هذا تصريح له سابقة تاريخية، لكن أهمية التصريح هي في مفهومين: أولاً، جاء في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات، وبالتالي فإن للتصريح معنى في المحادثات مع إيران. ثانياً، الكلمة الأهم في التصريح هي «أبداً». حيث إن تعهُّد الرئيس ترامب إنما كان لورديته فقط. في هذه الحالة يتعهد الرئيس بايدن باسم الولايات المتحدة وبلا قيد زمني. صحيح أن مثل هذا التعهد يفتقد لكل إسناد قانوني ولا يلزم الإدارات التالية، لكنه لن يمحى من تاريخ العلاقات الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويمنح إسناداً للاعب آخر (أي إسرائيل) في حالة ألا تفي الولايات المتحدة بهذا التعهد في الزمن الحقيقي.
وبعد البداية المتفائلة نقف أمام بعض الواقعية للتوازن. الشرق الأوسط ليس في رأس جدول الأولويات الأميركي. فالمشاكل الداخلية تتطلب كامل اهتمام الإدارة. وذلك في الوقت الذي يكون فيه التحدي الأكبر للسياسة الخارجية هو المنافسة بين القوى العظمى لبلورة نظام عالمي جديد. لهذه المنافسة، التي تعيد رياح الحرب الباردة، جاءت الولايات المتحدة متأخرة ومع نقيصة لنقطة البدء: نقيصة تنبع، وفقاً لرأي الكثيرين في الولايات المتحدة، من التدخل الأميركي في الحروب التي لا تنتهي في الشرق الأوسط.
ومع أن الولايات المتحدة لا تهجر الشرق الأوسط، فإنها غير متحمسة لبدء حرب جديدة. وبالتأكيد إن كان يمكن الامتناع عن هذه الحرب من خلال اتفاق نووي. لكن لنفترض أن الزعيم الأعلى في إيران لا يوافق على العودة إلى الاتفاق النووي ولا يوافق على أن يحتسي مرة أخرى كأس السم، حسب فكره، كي يتلقى إهانة أخرى بعد سنتين. في حينه، ربما، ستقوم إدارة أميركية قديمة - جديدة تنسحب مرة أخرى من الاتفاق وتعيد العقوبات دفعة واحدة.
هذا الوضع الانتقالي، الذي لا يكون فيه اتفاق، ويتطور خلاله البرنامج النووي الإيراني، هو وضع خطير. يمكن لإيران أن تصل إلى وضع دولة عتبة نووية. هي منذ الآن دولة عتبة نووية يوجد لها ردع نووي؛ لأن تنفيذ القدرة النووية يكون فقط مسألة قرار، وبالتالي فإن التصرف تجاه دولة عتبة نووية هو تصرف وكأنها باتت دولة نووية. ظاهراً، هذا واقع يفي بتعهد الرئيس بايدن؛ إذ إن دولة عتبة نووية ليست دولة مع قدرة نووية، وفي هذا الوضع وإن كان يفي بتعهده التاريخ، فإن ميزان الأمن القومي لإسرائيل سيتغير إلى الأسوأ.
سيناريو آخر ومتطرف أكثر من ذلك، هو أن تقتحم إيران النووي بشكل علني. فهل سنرى عملاً أميركياً فورياً ضد إيران؟ تماماً ليس مؤكداً. منذ الآن يوجد في الولايات المتحدة رأي (ليس هامشياً)، لكن لا يزال رأي أقلية، بأن إيران نووية ستحسن الاستقرار في الشرق الأوسط، كونها ستقلص إمكانية التصعيد إلى حرب. يستخلص مؤيدو هذا النهج من واقع الحرب الباردة وعصر سباق التسلح النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ويستنتجون أنه مثلما أدى ذاك الصراع ذاته إلى الاستقرار، ومثلما هو السلاح النووي غير معد للاستخدام بل لإظهار القوة فقط، هكذا سيكون في الشرق الأوسط.
من الواضح للقراء الإسرائيليين تماماً أن هذا واقع لا يطاق. فشرق أوسط يوجد في سباق تسلح، يستعين فيه بعض الأنظمة بعلامات دينية كي يتخذوا قرارات إستراتيجية، هو شرق أوسط خطير أكثر بكثير من ذاك الذي نعيش فيه. لكن هذا الوضوح في إسرائيل لا يضمن الوضوح في الولايات المتحدة. على إسرائيل أن تطور قدرة إسرائيلية مستقلة لإزالة التهديد النووي، لكنها ملزمة بالإسناد الأميركي، وذلك بسبب إمكانية أن هجوماً إسرائيلياً ضد إيران سيتسع إلى حرب إقليمية. في مثل هذه الحالة، فإن إسرائيل ملزمة بالشرعية والإسناد الدوليين.
وختاماً، زيارة الرئيس مهمة بسبب جانب القيم - الوعي في شراكة المصير التاريخية، ويحتمل أن تؤدي إلى تعزيز القدرات الإسرائيلية من خلال زيادة الدعم الأميركي لمشاريع أمنية إسرائيلية، كما أن مذكرة التفاهم في مجال التعاون والبحث مهمة للغاية. تصريحات عامة، مثل هذا التصريح، ليست ذات تعبير عملي يفترض أن يهدئ إسرائيل بأن هناك من سيخوض حروبها.

 عن «إسرائيل اليوم»