يديعوت: لن يغفر السعوديون لبايدن

حجم الخط

يديعوت ، بقلم: نداف ايال

 

فقط بعد السعودية يمكن أن نفهم لماذا تاق الرئيس بايدن للمرور بإسرائيل. كان هناك من أشار إلى أن زيارته هنا بلا معنى، وهي عديمة السبب. أحيانا، يأتي المرء إلى أماكن ما كي يمحو فقط الانطباع عما كان قبل ذلك، أو ما سيأتي بعد ذلك. جاء الرئيس الأميركي إلى إسرائيل لأنه عرف، على ما يبدو، ما سيمر به في السعودية.
أراد أن يحصل على الشرف، المحبة، والإحساس بالانتماء الذي ستمنحه إسرائيل بسرور لكل زعيم أميركي، قبل لحظة من تلقين السعوديين له درسا قاسيا في الواقعية السياسية.

الرئيس بايدن هو أحد السياسيين الأميركيين الأكثر خبرة في العلاقات الدولية، وكادت جولته تكون بلا خلل (بالنسبة لبايدن، بالطبع) فقد نجح في خلق التعاطف في إسرائيل، ووقف على النقاط المهمة في السعودية، واظهر اطلاعا بالتأكيد ما كان يميز سلفه. والسؤال هو هل حقق الأهداف التي من أجلها انطلق على الدرب؟ ليس مؤكدا.

أراد بايدن المجيء إلى الشرق الأوسط كي يجسد بأن بلاده لا تخلي مكانها لروسيا والصين، وأن في نيتها الحفاظ على نفوذ واسع في الشرق الأوسط.

بالتوازي، حاول أن يتصدر دينامية إيجابية تؤدي إلى تخفيض أسعار الطاقة، الموضوع الأكثر إقلاقا للجمهور في الولايات المتحدة.

كانت نجاحاته معدودة: الإذن السعودي للطيران الإسرائيلي في سمائهم، لقاء متجدد مع الفلسطينيين بعد فترة مقاطعة ترامب، ومحاولة لتثبيت وقف النار في اليمن.

في مجال النفط، الموضوع الأهم، أوضح السعوديون بطريقة عنيفة أن ليس لهم القدرة على رفع الإنتاج فوق 13 مليون برميل (هم في هذه اللحظة ينتجون أعلى بقليل من 11 مليوناً)، ويدور الحديث عن خطة مرتبة ستستمر حتى 2027.

من غير المتوقع صدور قرار لـ “أوبيك” قبل آب، وإذا كانت ستحدث زيادة في الإنتاج في السعودية وفي الخليج فإنها لن تأتي قبل أيلول.

من المعقول الافتراض بأن الأسعار في السوق – التي بدأت تنخفض حتى قبل زيارة بايدن – تؤكد هذه الإنجازات المتواضعة.

ما الذي لم يفعله السعوديون؟ لم يعطوا الانطباع بأنهم يعتزمون الانقضاض على زيادة الإنتاج. وأبعد من ذلك. حتى لو انخفضت الأسعار فمن المشكوك فيه أن يحصل بايدن على الحظوة على ذلك، في ضوء السلوك السعودي المبتعد الذي يحاول بوضوح الامتناع عن “إعطائه” الإنجاز.

والثمن بالنسبة لبايدن رهيب جدا. الرجل الذي وعد بأن تكون السعودية دولة منبوذة، والذي صاغ رؤية زعامة أخلاقية للولايات المتحدة، تحاول تجنيد العالم من أجل أوكرانيا على أساس مقاومة الشمولية، اضطر ليذهب إلى الرياض.

صحيح أن الرئيس طرح في محادثاته حقوق الإنسان، ومقتل الصحافي، جمال خاشقجي، لكن هذا انتهى هنا. لم يقبل السعوديون البادرة الأميركية للصورة المشتركة مع ولي العهد، ومصافحة القبضة الودية، كبادرة عميقة من الولايات المتحدة. كعادتهم يشعرون أن على الإدارة الأميركية أن تعوضهم عن الضرر الذي لحق بالسمعة الطيبة للمملكة.

بالنسبة لبايدن كانت هذه لحظة شجاعة سياسية غير عادية، هاجمه عليها ديمقراطيون كبار وهاجمته الصحافة الأميركية؛ بالنسبة لولي العهد كان هذا إصلاحا لظلم، إذ ما الذي يجعل الولايات المتحدة تصمه بوصمة العار الشخصية؟ وقد تفجرت هذه الفجوة حقا عندما عمد السعوديون إلى الحديث مطولا ضد الرئيس، بينما كان في المملكة، وتسريب تفاصيل لشبكة “العربية” عن المحادثات مع ابن سلمان، بما في ذلك المقطع الذي وبخ فيه الملك التالي لآل سعود الرئيس الأميركي، وشرح له أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تفرض قيمها في أرجاء العالم.
أراد البيت الأبيض إعادة إطلاق العلاقات بين الدولتين حتى بثمن النقد. لكن الانطباع هو أن السعوديين لم يغفروا لبايدن. ستنسى هذه الإهانات بسرعة إذا ما تبين أن الرئيس حقق توافقات هادئة – وقد ألمح إلى ذلك – في أن تزيد “اوبيك” الإنتاج، وهكذا تخفض أسعار الوقود.

وفي الخلفية يوجد انعدام الوضوح بالنسبة للصفقة مع إيران. فواشنطن تريد للمنطقة أن تفهم بأنها مصممة على البقاء في الشرق الأوسط، للردع وعند الحاجة لدفع الثمن.

ولكن بالتوازي فإنها تبقي في الهواء صفقة مع قوة عظمى إقليمية تشكل تهديدا مهما على السعوديين، دول الخليج، وإسرائيل. تواصل الاتصالات لاتفاق نووي متجدد يدخل بعد عدم استقرار وعدم وضوح في المنطقة.

لو توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق متجدد مع طهران لطلب حلفاؤها ضمانات أمنية وقدرات عملياتية، ولكانت الزيارة تركزت على ذلك. إذا فشلت محاولات المفاوضات ستكون هناك حاجة إلى بناء بديل استراتيجي إقليمي للتصدي لإيران كدولة منبوذة تطور قدرات نووية.

لكن بايدن جاء إلى المنطقة قبل أن تتضح هذه الأمور. بهذا المفهوم، جاءت زيارته في توقيت إشكالي للغاية. بقيت النتائج الأهم لإدارته (مرة أخرى أسعار الطاقة) غامضة. أما النار السياسية التي يتلقاها فغير غامضة على الإطلاق.