ليت الرئيس توقف في معبر الكرامة

AZ01p.jpeg
حجم الخط

بقلم د. أسامه الفرا

 

 

 عمدت قوات الاحتلال قبل إنسحابها من قطاع غزة على فصل شمال ووسط القطاع عن جنوبه، ومارس جنود الاحتلال على الحاجز سادية منقطعة النظير في اذلال وامتهان كرامة المواطن الفلسطيني، عند الحاجز كانت تتجمع مئات السيارات لساعات عدة في انتظار أن يسمح لهم الجندي الإسرائيلي بالحركة، جاءت السيدة لويزا مورغانتيني عضو البرلمان الأوروبي برفقة وفد رفيع من السياسيين والادباء الحاصلين على جائزة نوبل لزيارة مدينة خان يونس، وعند الحاجز رأى الوفد معاناة الفلسطينيين وانتظارهم لساعات طويلة كي يأذن لهم الجندي الإسرائيلي بالمرور، كان لدى الجندي تعليمات بالسماح للوفد الأجنبي بالمرور فور وصوله الحاجز، لكن السيدة الإيطالية "لويزا" ومعها أعضاء الوفد رفضوا ذلك إلا بعد أن يسمح الجندي الإسرائيلي لكافة السيارات الفلسطينية المتواجدة في المكان بالمرور، أمام إصرار الوفد على ذلك إضطر الجندي بعد أن تلقى التعليمات من قيادته بالسماح للجميع بالحركة، وكان الوفد هو آخر من عبر الحاجز ليتأكد من أن الجميع سبقه في ذلك.
سافر السيد الرئيس ومعه الوفد الفلسطيني عبر معبر الكرامة متوجهاً إلى رومانيا ومن بعدها إلى فرنسا، وطبيعي أن يسلك الرئيس والوفد المرافق له مساراً خاصاً في المعبر لكبار الزوار ولا نعرف إن كان قد توقف في الصالة المخصصة لهم لحين إتمام الإجراءات التي تسير على عجل أم سبقه في تنفيذها طاقم الشؤون المدنية، لكن المؤكد أن الرئيس والوفد المرافق معه على علم بمعاناة المواطنين على المعبر الممتدة منذ عدة أيام، ماذا لو فعل الرئيس ما فعلته السيدة الإيطالية وأمر موكبه أن يتوقف في المعبر ولا يغادره إلا بعد أن إنهاء معاناة المواطنين في الانتقال بين ضفتي النهر، مؤكد أن الرئيس والوفد المرافق له سيتأخر عن موعد الوصول إلى رومانيا المحدد سابقاً، ومن شأن ذلك أن يخلق حالة من الارباك في البروتوكول المعد لاستقباله، لكنه لو فعل ذلك لكان الرئيس الروماني قد إلتمس العذر له إن لم نقل أكبر فيه ذلك، نعم قد يتأخر الرئيس عن زيارته لرومانيا وقد يضطر لإلغائها وما الضير في ذلك طالما آنه حقق مكاسب لشعبه، تفوق بكثير ما يمكن أن يجنيه من زيارة هذه الدولة أو تلك، أقلها تعزيز ثقافة الصمود والتحدي لديه. كان يمكن للرئيس أن ينجح كما نجحت السيدة الإيطالية في إجبار الاحتلال التخلي عن ساديته وانهاء معاناة المواطنين، ومن الممكن أيضاً ألا يستجيب الاحتلال للضغوط الناجمة عن الفعل ولا يتمكن الرئيس من فرض إرادته على الاحتلال وهذا هو المرجح، وقد يتخلي الاحتلال عن المعاملة الخاصة التي يوفرها لموكب الرئيس، وإن فعلها فلن يقلل ذلك من شأن الرئيس في شيء، بل أن الرئيس إن افترش الأرض مع مواطنيه في المعبر لشعر بفخر يفوق ما يشعر به وهو يسير على السجاد الأحمر في هذا المطار أو ذاك، ولو تبادل أطراف الحديث مع مواطنية لكان ذلك كفيلاً بأن يخفف كثيراً من معاناتهم.
لماذا لم يفعلها الرئيس؟، أليس ذلك من صلب المقاومة السلمية التي تتبناها السلطة ولطالما طالب الرئيس بها؟، ألن يشكل ذلك حافزاً للمواطن للانخراط أكثر في أنماط المقاومة السلمية المختلفة؟، ألا يشعر معه المواطن بأنه يتواجد وقيادته سوياً في خندق المعاناة والصمود؟، ألن يكون لمثل هذا الفعل تفاعلاته السياسية وتخلق ردود فعل ضاغطة من المجتمع الدولي على دولة الاحتلال لوقف أو حتى التخفيف من المعاناة على معبر الكرامة؟، وهل يكفي أن تكون ردود أفعالنا حول الممارسات الإسرائيلية بحقنا مقتصرة على الشجب والإدانة وتحميل الاحتلال مسؤولية ما يجري؟.