هارتس : بناء البؤر الاستيطانية وتهديدات "حزب الله".. تحديان أمام حكومة لابيد

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل



وجدت الحكومة الانتقالية، برئاسة يائير لابيد، منذ أيامها الأولى نفسها تقف أمام تحديات جديدة، وربما تصيدات جديدة. من الداخل تنظم، اليوم (أمس)، إحدى حركات المستوطنين مبادرة لإقامة بؤر استيطانية غير قانونية على أراضي الضفة الغربية، ويستعد الجيش الإسرائيلي والشرطة لمنعها. في حين أنه في الساحة الأمنية يضخم "حزب الله" قضية تقنية في جوهرها وهي تموضع الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان ذريعةً لإطلاق تهديدات جديدة. يتوقع أن تستمر هذه الأحداث، وربما تشتد، كلما اقتربنا من الانتخابات في تشرين الثاني. بدرجة معينة يمكن أن نجد تشابها بين التحديين. توجد هنا محاولات لفحص تصميم الحكومة، وبهذا ربما يتم إيجاد نقاط ضعف يمكن تسجيلها.
أصدر مكتب وزير الدفاع، بني غانتس، صباح أول من أمس، بيانا استثنائيا، جاء فيه أنه عرضت على غانتس معلومات حول خطة لإقامة بؤر استيطانية في أرجاء الضفة. وذكر الوزير في البيان أن الأمر يتعلق بنشاط غير قانوني، وأن الجيش والشرطة أعطيا تعليمات للاستعداد من أجل منعه.
خلف هذه المبادرة يقف بعض الأشخاص، الذين ورطوا الدولة في قضية "أفيتار"، وهي البؤرة الاستيطانية التي أقيمت قرب مفترق تفوح في جنوب نابلس، في ذروة عملية "حارس الأسوار" في أيار الماضي. سكان "أفيتار" تم إخلاؤهم من هناك طوعا في الصيف الماضي، لكن القضية لم تنته. فالبيوت التي أقيمت هناك بسرعة ما زالت قائمة، ويواصل الجيش الإسرائيلي تأمين المكان، ويطالب المستوطنون بالعودة إلى إشغاله.
تحدث مواجهة مشابهة حول البؤرة التي ما زالت مسكونة في مستوطنة "حومش" التي تم إخلاؤها، بعد أن قتل هناك مواطن إسرائيلي في كانون الأول الماضي. في نسختها السابقة، مع نفتالي بينيت على رأسها، وجدت الحكومة صعوبة في إنهاء المواجهتين. قبل الانتخابات حتى يائير لابيد سيجد أنه من الصعب التخلص من هاتين البؤرتين.
مؤخراً، اكتشفوا في جهاز الأمن أن آلاف النشطاء من اليمين ومن المستوطنين، من بينهم عائلات كثيرة، تريد المشاركة في عملية إقامة البؤر الاستيطانية الجديدة. ومن المنشورات التي نشرها المنظمون كان يمكن الإدراك، بشكل خاطئ، بأن الأمر يتعلق بحدث منسق ومؤمن من قبل الجيش الإسرائيلي.
استهدف بيان غانتس تقليص عدد المشاركين، حيث سيتم إضافة إلى ذلك نشر قوات ووضع حواجز بهدف منع إقامة خيام أو مبان على الأرض دون مصادقة. حتى لو نجح المستوطنون في نقطة أو اثنتين (من المخطط إقامة اكثر من عشر) فإن النية هي إخلاؤها الفوري تقريبا، من اجل عدم خلق المزيد من "حومش" و"أفيتار".

افتراضات متفائلة
في الشمال، ارتفع التوتر بين إسرائيل و"حزب الله" درجة، بصورة واضحة، في 2 تموز. فقد أطلق "حزب الله" ثلاث طائرات مسيرة نحو منصة الغاز "كاريش" في البحر المتوسط، التي توجد بصورة واضحة في جنوب الحدود البحرية (حتى لو كان المكان الدقيق للحدود لم يتم الاتفاق عليه بعد بين إسرائيل ولبنان وهو خاضع لمفاوضات بوساطة أميركية). اعترض الجيش الإسرائيلي هذه المسيرات، وبعد ذلك أعلن أنه اعترض أيضا محاولة لإطلاق طائرة مسيرة منفردة قبل أيام معدودة من ذلك. اعتبر إطلاق المسيرات في إسرائيل إعلان نوايا واضحا من جانب "حزب الله"، وتهديدا صريحا للمس بمرفق اقتصادي حاسم، رغم إدراك "حزب الله" بأن هذه ستكون خطوة يمكن أن تجر المنطقة إلى حرب أخرى.
منذ هذه الأحداث، تستمر تهديدات "حزب الله". وقد هدد رئيس الحزب، حسن نصر الله، الأسبوع الماضي، بتوسيع مجال المواجهة "ما بعد كاريش" (على صيغة "ما بعد حيفا") مثلما جاء في خطاباته في حرب لبنان الثانية. إذا لم تتم تسوية قضية مكان الحدود في الأشهر القادمة، حذر نصر الله، فإن حزبه سيشوش بداية الحفريات المخطط لها في "كاريش". في جهاز الأمن ما زالوا متشككين حول استعداد "حزب الله" لتنفيذ تهديداته، مع الأخذ في الحسبان الوضع الاقتصادي البائس السائد في لبنان. ولكن خبراء مستقلين، منهم الجنرال احتياط، غيورا آيلاند، والدكتور شمعون شبيرا والدكتور دانييل سوبلمان (في مقال في "هآرتس)، وصفوا في السابق التوتر بأنه خطير، بل الأخطر، الذي سجل على الحدود الشمالية منذ سنوات كثيرة.
هذه هي الخلفية للزيارة المشتركة لرئيس الحكومة لابيد ووزير الدفاع غانتس لقيادة المنطقة الشمالية، أول من أمس، التي هي في الواضع وبشكل تقليدي المحطة الأولى للزيارة في الجيش الإسرائيلي لرئيس حكومة جديد، لكن يبدو أنهم في إسرائيل اعتقدوا أنه قد حان الوقت لإرسال رسالة علنية أخرى لـ"حزب الله". الإرسال نفسه كان محرجا قليلا: في البيان المشترك الذي اصدره المكتبان ورد أن لابيد وغانتس يرسلان "رسالة حازمة للبنان" (إذا كان عليك أن تعطي لنفسك صيغة أقوى فهل ربما الصياغة نفسها لم تكن واضحة بما فيه الكفاية؟).
مع ذلك، من المرجح أن البيان سجل في الجانب الآخر للحدود. فقد أعلن لابيد بأن "وجهتنا ليست المواجهة، لكن من سيحاول المس بسيادتنا أو بمواطني إسرائيل فإنه سرعان ما سيكتشف أنه قد ارتكب خطأ كبيرا". وأضاف غانتس، إن "لبنان سيحترق بشدة إذا اختار مسار النار". حتى أن لابيد واصل بعد ذلك الطريق إلى الساحة المختلف عليها. فقد سافر بطائرة مروحية فوق منصة (كاريش)، وبعد ذلك نشر بيانا آخر قال فيه، إن "لبنان أيضا يمكن أن يستفيد من تطوير هذه الحقول في مياهه الاقتصادية، من خلال المفاوضات التي يجب إنهاؤها في أسرع وقت".
الهدف الذي وجهت التهديدات إليه في هذه المرة ليس "حزب الله"، بل حكومة لبنان، طالما أن هذا الجسم المعطوب ما زال يحكم الدولة. يمكن الافتراض أن الفكرة هي عدم السماح لنصر الله بالادعاء فيما بعد بأن تهديداته هي التي ابتزت من إسرائيل تنازلات في المفاوضات على الحدود البحرية. وحتى الآن يفترضون في جهاز الأمن فرضيتين متفائلتين: الأولى هي أن التهديدات لن تضع حدا لاندلاع حرب غير مخطط لها. والثانية هي أن اللبنانيين لن يتنازلوا عن الفرصة الاقتصادية الكبيرة، وسيستجيبون في نهاية المطاف إلى محاولة ترسيم حدود متفق عليها. في هذه الظروف، لا سيما إذا نفس الشركة الأجنبية هي التي ستنقب عن الغاز في طرفي الحدود البحرية، سيخلق حافزا للحفاظ على الهدوء من اللحظة التي سيبدؤون فيها الحفر.

أحداث نهاية الولاية
في غضون ذلك، استمر عدم الهدوء في "المناطق"، رغم أن الأحداث مع الفلسطينيين تثير تغطية إعلامية أقل منذ أن خبت محاولات تنفيذ العمليات في "غوش دان". أول من أمس، بعد الظهر طعن فلسطيني وأصاب اصابة طفيفة مواطنا إسرائيليا في حافلة في مفترق "راموت" في القدس. في حادثة أخرى، قبل بضع ساعات، تم إطلاق النار من سلاح بسيط من شمال القطاع، وأصيب مبنى في موشاف "نتيف هعسرة" قرب الحدود. رد الجيش الإسرائيلي بقصف من الجو على موقع لـ"حماس" قرب الحدود. طالما أن هذه الأمور تحدث على نار هادئة نسبيا فإنها لا تؤدي إلى هزة حقيقية. ولكن يجدر التذكر بأن أحداثا أمنية (عملية "حارس الأسوار" في السنة الماضية وموجة العمليات في ربيع هذه السنة) رافقت نهاية ولاية رئيسي الحكومة السابقين، بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت. وبسبب أننا نتجه إلى الانتخابات في الأصل فإن التنظيمات "الإرهابية" لن تستطيع إسقاط لابيد من الحكم، لكن بالتأكيد يمكنها أن تصيبه بضربة قاتلة.

عن "هآرتس"