صـــــفـــــــعـــــــــة لــــــتـــــل أبـــيــــــــــــب

images
حجم الخط

 

 


كان صعبا، امس، الا يفكر المرء بتهالك الارضية التي تقف عليها حياتنا هنا. ففي لحظة واحدة تكون تحتسي الشاي الحار، تستعد ببهجة لراحة السبت، وبعد لحظة، تجد نفسك تغلق على نفسك البيت، تصلي أن تمر هذه الموجة ايضا كيفما اتفق. سكنت كل حياتي تقريبا في تل ابيب، ولم يسبق لي أن رأيتها فزعة بهذا القدر مثلما كانت في نهاية الاسبوع الماضي.
في اللحظات الاولى بعد العملية كان هناك فضوليون تجمعوا قرب بار «هسمتا»، ولكن رويدا رويدا بعد أن بدأت تتجمع الانباء عن ان المطاردة للقاتل مستمرة وانه يحتمل أن يكون يختبئ في المبنى المجاور، خلت الشوارع. كان يمكن ان نرى فقط الاضواء الزرقاء لسيارات الامن، وكانت كثيرة. عدد لا يحصى.
ساحة إثر ساحة مرّ فيها رجال الوحدات الخاصة للشرطة. ومثلما في مشهد لفيلم توتر مع سلاح متحفز، واحد يغطي على الآخر وحرص على قواعد الحذر. ينهون بيتا وينتقلون الى آخر. وحيثما كان بيت درج مفتوحا سارعوا الى الصعود فيه والتمشيط والاستيضاح. خلفهم، في استعراض شبه هاذٍ، وقف طابور قصير من الفضوليين، ممن القوا بين الحين والآخر الملاحظات. «لماذا تفحصون فقط الجانب اليميني من الشارع؟» سأل شاب على دراجة كهربائية قائد الشرطة، «في الجانب اليسار توجد أحلى اماكن للاختباء».
وصلنا في غضون بضع دقائق الى ميدان رابين، الذي تحول في تلك الساعات الى موقف كبير للسيارات. المزيد فالمزيد من سيارات الشرطة وصلت الى هناك واستعدت لمواصلة المطاردة الليلية. لا يصدق في أي وضع هش نوجد. شاب واحد، ليس أكثر، والمدينة مشلولة.
سادت هذا المساء رياح باردة في شوارع المدينة. ديزنغوف في يوم الجمعة هو بشكل عام شارع لا يمكن أن تجد فيه مكانا شاغرا للجلوس. في كل مقهى أو بار تدخله تسجل في قائمة انتظار متعبة، أما اول أمس، فكان باردا، مضنيا وفارغا.
هداس يروحام، صاحبة دكان ملابس مجاورة لبار «هسمتا» أغلقت لاحقا بسبب احداث اليوم. وهذا بسبب الضغط والتعب اللذين سيطرا على مزاجها.
«كنت في الطابق العلوي عندما سمعت اطلاق النار»، روت، «استمر هذا ثلاثين ثانية ربما، ولكن سرعان ما تفهم بان هذا ليس مفرقعات. احد ما هتف «ادخلوا داخلا»، ولكن ما يذهل هو أنه لم تكن هستيريا. هذه لم تبدأ الا بعد أن وصلت قوات النجدة».
احد ما قال انه لو كانت مثل هذه العملية في القدس، لما نجح المخرب في الفرار، ولكن تل أبيب لا تريد أن تعتاد على الوضع. هذه طبيعة مختلفة.
«انا في الثواني اياها بالذات سألت اذا كان لدى احد ما سلاح»، روى العاد كوبي، الذي كان في وقت اطلاق النار في المقهى المجاور، «فور بدء اطلاق النار فهمت ان هذا ليس حدثا جنائيا. اردت أن اطارد المخرب، إذ حسب غرائزي هو قطع الى شارع غوردون». ولكن في شارع غوردون لم يعثروا على مطلق النار ولا في سبينوزا المجاور ولا في راينس ولا في ساحة بيتي الذي فتشوه لاحقا.
امس، اختفت قوات الامن من الشوارع وعادت تل أبيب رويدا رويدا الى مجراها الطبيعي، رغم أنه كان يمكن أن نسمع عن اناس فضلوا البقاء في البيت الى أن يتبين نهائيا بان مطلق النار غادر. وبجانب بار «هسمتا» تجمع بعض الاشخاص كي يروا المكان بام اعينهم ويعربوا عن أسفهم.
ديزنغوف هو شارع شهد غير قليل من المآسي، ولكن مركز تل أبيب غير معتاد على هذا التوتر، ويجتهد لأن يكبت. أول أمس، تلقى صفعة قوية توقظه وتوضح له  - «ألو، هذا يمكن أن يحصل لك أيضا».

عن «معاريف»

-