اسرائيل اليوم : نصر الله يلعب بالنار: على إسرائيل أن تتراجع

ايلي زيسر.jpeg
حجم الخط

بقلم: إيال زيسر

 

 



لأول مرة منذ تموز 2006، الشهر الذي نشبت فيه حرب لبنان الثانية، تهب رياح حرب في الشمال.
تمكن زعيم "حزب الله"، حسن نصرالله، على ما يبدو، من نسيان الدمار الرهيب الذي جلبه في حينه على لبنان وعاد ليلعب بالنار، على أمل، وفي الواقع في ظل المراهنة، أن يتمكن من السيطرة على مستوى اللهيب.
في الأسابيع الأخيرة يهدد نصر الله بالحرب. مثلما في العام 2006، حين طالب بتحرير سمير قنطار من السجن الإسرائيلي وإعادة مزارع شبعا إلى لبنان وعمل عسكريا كي يحقق هذا الهدف، يعرض الآن نصر الله قائمة مطالب إذا لم يُستجب لها سيعمل تنظيمه بالقوة على تحقيقها، حتى بثمن الحرب.
بين إسرائيل ولبنان خلاف في مسألة ترسيم خط الحدود البحرية بينهما. مسألة يمكنهما بالمناسبة أن يحلاها بسهولة نسبية في مفاوضات بين الدولتين.
اتفاق في هذه المسألة كان سيسمح للبنان بأن يستغل حقول الغاز الطبيعي على شواطئه، وأن يدخل مليارات الدولارات لصندوقه الفارغ، بالضبط مثلما تفعل إسرائيل منذ أكثر من عقد.
لكن الحديث يدور عن لبنان، دولة فاشلة يتحكم بها سياسيون فاسدون، كل همهم جني المكاسب لجيوبهم، والى الجحيم بالدولة. فضلا عن ذلك، فإن العقلية المتخلفة التي يمليها "حزب الله" على اللبنانيين تعتقد بأن إيقاع الضرر بإسرائيل حتى بثمن الدمار والخراب للبنان أفضل من اتفاق يجلب الازدهار للطرفين.
وهكذا يطرح نصر الله المعادلة الآتية: طالما لم يتحقق اتفاق على ترسيم الحدود البحرية بما يرضيه فإنه ليس فقط سيمنع إسرائيل من استخراج الغاز من حقل كاريش، الذي يوجد حسب كل الآراء في أراضيها، بل قد يخرج إلى حرب شاملة مداها وثمنها كفيلان بأن يكونا أكبر بكثير.
يمكن الاستخفاف بمثل هذه التهديدات، التي نسمع مثلها أكثر من مرة في المحيط المركب الذي نعيش فيه. لكن ينبغي أن نتذكر أن ليس لنصر الله اليوم ما يخسره.
لبنان، الذي أصبح فيه متوج الملوك الذي كل شيء يتم حسب رأيه، انهار إلى أزمة سياسية واقتصادية لم يشهد لها مثيلا منذ سنين. هذه الأزمة تقضم من صورة وشرعية نصر الله والتنظيم الذي يقف على رأسه.
يحتمل أن يكون نصر الله يأمل في أن يتحقق بين إسرائيل ولبنان قريبا اتفاق بوساطة أميركية، إذ إن الفوارق بين الطرفين ليست كبيرة، وهكذا يمكنه أن يعرض نفسه بأنه بفضل تهديداته جاء الخلاص للبنان. وكما هو الحال دوما، فإنه يفترض أيضا أن إسرائيل ستخشى تهديداته، بل ستحتوي المس بسيادتها، مثل إطلاق المسيرات نحو طوافة التنقيب في حقل كاريش، أو حتى المس موضعيا بها بحيث لا تدمرها بل تمنع عملها.
لا يتبقى، إذاً، إلا الأمل في أن يصحو الأميركيون ويوضحوا للبنانيين أن ألعاب نصر الله ستجعل لبنان منبوذا مثل سورية أو روسيا لكن من المشكوك فيه أن يكون ممكنا الاعتماد عليهم في هذا الشأن، إذ انهم لا يزالون يؤمنون بأن لبنان و"حزب الله" ليسا الأمر ذاته.
وكبديل، يمكن الأمل في أن يعمد شركاء نصر الله وحلفاؤه وكذا أبناء طائفته إلى الوقوف في وجهه في اللحظة الأخيرة. لكن هذا لم يحصل في الماضي ولن يحصل هذه المرة أيضا. الكرة، إذاً، في ملعب إسرائيل. وللحقيقة، إذا كانت هذه لا تعتزم حقا الصدام مع "حزب الله" أو مستعدة لأن تلعب معه اللعبة وفقا لشروطه، وفي المكان والزمان الذي يختاره، فمن الأفضل أن تتخلى عن المواجهة مسبقا.
مثل هذه الهجمات لا توقف نار الصواريخ، وفي نهاية المطاف تترك النصر، في الوعي على الأقل، لدى الطرف الآخر. فصلية نحو تل أبيب، فما بالك المس بها، تساوي في الوعي وبالصورة ألف إصابة لحفر إطلاق الصواريخ أو مخازن السلاح.
ينبغي الأمل، إذاً، في أن تكون إسرائيل تستعد بما يتناسب مع ذلك، وأن سياق السلوك الفاشل للقيادة السياسية والعسكرية في حرب لبنان الثانية لن يكرر نفسه هذه المرة في المواجهة التي يجرنا إليها نصر الله.

عن "إسرائيل اليوم"