هارتس : المشهد الانتخابي الإسرائيلي: اليسار يتلاشى وبن غفير يراكم الزخم

حجم الخط

بقلم: ران شمعوني

 



في العام 2018 صدر كتاب بعنوان "يهودية إسرائيلية: صورة لثورة ثقافية".
حاول البروفيسور كميل فوكس والصحافي شموئيل روزنر في هذا الكتاب الفحص إحصائياً من هم الإسرائيليون وما هي مواقفهم.
ارتكز ادعاء رئيس في الكتاب على استطلاع شارك فيه ثلاثة آلاف مستطلع، كان أن الصراع بين اليمين واليسار هو صراع وهمي. سبب ذلك بسيط. فـ 5 في المئة فقط يعتبرون أنفسهم يساراً، و11 في المئة يعتبرون أنفسهم وسطا يسارا، والمجموع هو 16 في المئة. انتهى، هذا هو الموجود.
يمكن أن يكون هذا نقطة البداية لمناقشة مسألة توحد "العمل" و"ميرتس"، وأيضاً نقطة النهاية.
الكثير من التفسيرات، هناك من هو مع ومن هو ضد، يوجد لها سبب وهو أن الاندماج فشل في السابق (سبعة مقاعد فقط)، لكن مصير الكتلة يوجد وبحق على كفة الميزان، و"لا أحد منا يريد أن يكون هذا هو الذي سيحسمه"، كما قال مصدر رفيع في "ميرتس". ولكن بنظرة أبعد، يبدو أيضاً أنها حكيمة أكثر، فان هذه التفسيرات انتهت صلاحيتها، فهي تسمع الآن ضجة، مهمتها كما هي الحال دائما التنكر للهدوء، وبالأساس الاعتراف العميق بأنه منذ فترة طويلة فإن "اليسار من ناحية عددية آخذ في التلاشي".
طالما أن الأمر يتعلق بميراف ميخائيلي فلا توجد مشكلة. "ميرتس" مدعو للتفكك، والمصوتون له مدعوون لحزبها، ومن تُعتبر ميخائيلي صهيونية جداً بالنسبة له مطلوب منه البحث عن مكان آخر. باسم الحاضر وباسم الكتلة هي لن تضحي بالمستقبل الذي تحلم به، وهو التحول إلى حزب سلطة. ولكن الأمر بحاجة إلى انفجار بمستوى الانفجار الذي حدث قبل التاريخ في المجتمع الإسرائيلي من أجل أخذ الأمر على محمل الجد.
منذ الاستطلاع الذي أجراه روزنر وفوكس أظهرت الاختبارات المتسقة للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية أنه لا يوجد أي تغيير إيجابي في موقف الجمهور.
في هذه الأثناء، الطريقة الأكثر واقعية لعودة حزب العمل إلى السلطة في المستقبل القريب هي اختراع آلة زمن.

"العمل" و"ميرتس"
في" ميرتس" كالعادة لا توجد بشرى. بعد أسبوع على إعلان زهافا غلئون عودتها فإن المجيبين على الاستبيانات يجدون صعوبة في الإصابة بعدوى تحمسها. ولكن في الحزب يتعزز الانطباع بأنهم سيجتازون نسبة الحسم بقوتهم الذاتية.
في استطلاع "معاريف" ومناحيم ليزر، فإن القائمة برئاسة غلئون حصلت على أربعة مقاعد.
في استطلاع "كان"، الأحد الماضي، حصلت على خمسة مقاعد. وإذا تم انتخاب غلئون بصورة رسمية فربما سيتحقق شيء إيجابي لـ "ميرتس"، لكن هذا الأمر أيضا سيحدث داخل المجموعة ذاتها التي تتكون من 10 – 11 مقعداً التي توجد فيها هي وحزب العمل في جميع الجولات الانتخابية الأخيرة. بالنسبة للكتلة لا يوجد سبب لتغيير الصورة بشكل جذري.
بالتحديد من خلال الاعتراف بأن الواقع أوسع من الانتخابات للكنيست الـ 25 فإن النقاش التكتيكي في الحملة الانتخابية الحالية يمكن أن يكون واضحاً أكثر.
حتى لو انتهت بتوزيع المقاعد التي ستبقيهما على قيد الحياة فإن النتيجة ستبقى متشابهة: "العمل" و"ميرتس" سيكونان مجبرين على الاتحاد، إذا لم يكن في الغد فبعد غد. المستقبل المشترك لمصوتيهم أمر محتوم. إذا كان "ديغل هتوراة" و"أغودات يسرائيل" وجدا طريقة للتغلب على الفوارق الأيديولوجية بينهما في الطريق إلى الوصول إلى "يهدوت هتوراة"، فيمكن الافتراض بأنه سيكون من الممكن تجاوز الخلافات الخفية في معسكر اليسار.


نقطة ضعف بن غفير
خلال السنوات الأخيرة كان من المحتمل الافتراض بأن إيتمار بن غفير هو ضرر انتخابي: اسمه فقط سيجعل مصوتي اليمين المعتدلين يهربون، وربما سيرفع نسبة تصويت الوسط العربي الذي سيعمل برد الفعل.
اليوم، حيث تعطي الاستطلاعات حزب الصهيونية الدينية 9 – 10 مقاعد، وبن غفير هو وجهها، فإن هذا الادعاء أصبح من الماضي.
حسب تقدير محدث تم تنفيذه فهو المسؤول عن خمسة مقاعد في هذا الاندماج.
في المفاوضات بينه وبين بتسلئيل سموتريتش فانه معروض على اعتبار أنه مسؤول عن 6 أو 6.5.
استطلاع "القناة 13" وكميل فوكس، الذي وجد أن الحزب برئاسته سيحصل على عدد أكبر من الحزب الذي سيكون برئاسة سموتريتش (13 مقابل 10)، كان الدليل الأخير على أنه يوجد له ما يتفاخر به. كل ذلك كان كافيا بالنسبة له كي يحارب من أجل المساواة في القوة بين العظمة اليهودية والصهيونية الدينية.
لكن رغم المؤتمر الصحافي والمقابلات والاستطلاعات فإنه يصعب إيجاد شخص في معسكر اليمين يخاف من بن غفير.
ومن الأصعب أيضاً إيجاد من يصدق بأنه سينفذ تهديده ويتنافس وحده، بصورة منفصلة عن حزب الصهيونية الدينية. شاهدنا أربع جولات انتخابية، يقولون في اليمين العميق، من الواضح أننا في نهاية المطاف سنتنافس في قائمة واحدة، وربما قبل الانتخابات التمهيدية.
سبب ذلك هو أنه ما زال لا يوجد لبن غفير قاعدة اجتازت سقف الـ 83 ألف صوت (1.88 في المئة من الأصوات في انتخابات الكنيست الـ 22).
وفي المستقبل ربما ستتم ترجمة أصوات الدعم التي يسمعها في الشارع إلى أصوات في صناديق الاقتراع. ولكن حتى ذلك الحين فإن عبء الإثبات يقع عليه.
في محاولة لتمييز جمهور مصوتين فإن المستطلعين وجهات سياسية يقومون بتوزيع كعكة مقاعده إلى حد ما بهذه الصورة: مقعدان من انتخابات سابقة، 1.5 – 2 من الأحزاب الدينية، تقريبا 1 من "الليكود" وعدد غير معروف يبلغ بضعة آلاف من الشباب، من بينهم الذين يصوتون للمرة الأولى.
حقيقة أن بن غفير جذب أصواتا من "يهدوت هتوراة" و"شاس" و"الليكود" هي حقيقة مؤثرة، وربما تدلل على حركة نادرة في الخارطة السياسية. ولكن قبل ذلك، يدور الحديث عن تركيبة سيئة من ناحية انتخابية - هذا تحذير لحزب الصهيونية الدينية بتشكيلته الحالية، لكن بالأحرى، لبن غفير نفسه إذا قرر التنافس بشكل مستقل.
الأصوات الجديدة التي يجذبها هي بالذات من الأحزاب الثلاثة التي تتمتع بدرجة الثقة الأعلى من ناحية مصوتيها، هذا ما أظهره الاستطلاع الأخير للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية: 94 في المئة من مصوتي "يهودوت هتوراة"، 91 في المئة من مصوتي "شاس"، و86 في المئة من مصوتي "الليكود". الأحزاب الثلاثة غير معتادة على تغيير للأسوأ في النتائج الحقيقية.
إضافة إلى ذلك يميل حزب الليكود بشكل تقليدي إلى أن يعيد في يوم الانتخابات الأصوات التي كانت مترددة في الاستطلاعات. الأحزاب الدينية غير معتادة على فقدان المصوتين، وبالتأكيد ليس لقائمة ستناضل على اجتياز نسبة الحسم.
بخصوص ولاء أصوات الشباب يكفي أن نذكر بالأسطورة عن موشيه فايغلين، وهو الشخص الذي جذب الكثير من أصوات الشباب إلى أن وصل في الاستطلاعات إلى ثمانية مقاعد، لكن في يوم الانتخابات وجد نفسه دون أصوات وتحت نسبة الحسم.

عن "هآرتس"