تقف دولة إسرائيل امام تحديات استراتيجية غير مسبوقة، لكنها غارقة أساسا في السياسة الصغيرة لما قبل الانتخابات وما بعد الانتخابات، في تناقض مع الاستقرار السياسي لأعدائنا، والذي يسمح لهم بالتركيز على استراتيجية معادية لإسرائيل.
أولاً وقبل كل شيء يقف التهديد الإيراني في مساريه، النووي والباليستي.
لقد أخطأت إسرائيل بشكل خطير للغاية إذ ساهمت في إلغاء الاتفاق النووي دون إعداد بديل عسكري – أمني، واليوم، من المحزن القول إن قرار هل ستصبح إيران قوة عظمى نووية من شأنها أن تعرض إسرائيل للخطر يوجد في يدها وحدها؟
بديل الاتفاق، الذي كان الأفضل من بين الإمكانيات السيئة، آخذ في التردد.
تستثمر إسرائيل، حسب ما ينشر، جهوداً هائلة في إغلاق الفجوات، لكن تحقيق خيار عسكري، مهما كان هائلا، منوط بتنسيق استراتيجي مع الولايات المتحدة.
بكلمات بسيطة: مطلوب إعطاء أولوية عليا لشكل من التنسيق لأجل إزالة التهديد بكل أبعاده.
يبدو التعاون مع الدول العربية مبهرا للغاية، لكن أوضحت هذه أن ليس في نيتها إقامة إطار ملزم مثل «الناتو». في نهاية المطاف التنسيق معها أيضا، تحت العلم الأميركي، هو أمر الساعة.
بعد إضافي للفهم اللازم وشكل المعالجة لما يتخذ في الإعلام صورة تعزز المحافل المعنية بتغيير الوضع الراهن في الحرم، على ما يبدو قبيل الأعياد وقبيل الانتخابات.
إذا كان هذا ما سيحصل فمن شأن إسرائيل أن تعلق في حرب دينية مع العالم الإسلامي، وسيؤثر الأمر على علاقاتنا مع الدول العربية بل وحتى مع الولايات المتحدة.
يوجد واجب وطني للاستعداد منذ الآن لوقف الميل الخطير والتمسك بالأمر الفقهي للحاخامية الرئيسة، للامتناع عن خطوة بهذا القدر من الخطورة.
إذا ما غرقت إسرائيل في مواجهة كهذه، مثلما حاول أن يؤدي إليه زعيم «حماس»، فإن هذا سيمس بإعداد القدرات العامة للتصدي للتهديد الإيراني.
مثال إيجابي للفهم السياسي هو الجهود المشتركة بقيادة الولايات المتحدة لتعطيل القنبلة الموقوتة حول حقل كريش والتوصل إلى الاتفاق المتوقع لاستغلال إسرائيل ولبنان للغاز. هذا الاتفاق سيسمح للدولتين بالازدهار الاقتصادي مقابل الإمكانية السيئة للمواجهة العنيفة.
يمكن فقط الأسف على أن حملة الانتخابات التي توجد في خلفية كل الأمور لا تعنى بمسائل جوهرية استراتيجية.
فمثلا إسرائيل تتحول في عملية تدريجية ولكن متواصلة إلى دولة واحدة للشعبين، في تناقض صريح مع الرؤية الصهيونية لدولة يهودية – ديمقراطية.
يُعزى هذا الوضع إلى النجاح الاستثنائي لـ «الشاباك»، الجيش، والشرطة – على أساس المعلومات الاستخبارية الدقيقة – للمس بشكل مهم بشبكات «الإرهاب»، بشكل يقلص جدا مستوى «الإرهاب في إسرائيل. معنى ذلك هو أن السلطة الفلسطينية قادرة أقل فأقل على العمل في المناطق (أ) الخاضعة لإمرتها لأنها توجد في عملية ضعف دراماتيكية، وترتسم علامة استفهام متزايدة حول اليوم التالي لاعتزال أبو مازن آجلا أم عاجلا.
دون إعطاء جواب منذ الآن سيمسك هذا الاعتزال بنا، ذات يوم، بالمفاجأة، مثلما تعاظم التهديد الإيراني رغم التقدير الاستخباري الدقيق، ووصل إلى مستوى بات فيه تقدمه متعلقا بالآخرين.
السؤال المركزي هو كيف نستعد لعملية متداخلة تضعف فيها السلطة الفلسطينية، وتتعاظم فيها سيطرة إسرائيل، والى جانبها من شأن المجتمع العربي أن يفك ارتباطه انطلاقا من إحباط متعاظم الاحتدام، في اتصال مع حملة الانتخابات المقتربة.
يمكن التقدير بأن بانتظارنا أن نقف أمام جبهة فلسطينية عداؤها آخذ في التعاظم بينما ستحاول «حماس» البحث عن الفرص لإشعال النار على خلفية جدول أعمال قومي – ديني، وبخاصة إذا ما وقعت في أيديها الفرص حول بؤر متفجرة كالحرم.
لهذا من شأنه أن تكون أيضا آثار على الأردن الذي استقراره ذخر استراتيجي لإسرائيل كونه يشكل عمقا امنيا مستقرا. هذه الأمور يحتمل ألا تكون مقبولة من البعض، لكن التجربة تثبت أن فيها ما هو حقيقي ومهم جدا الاستعداد إليه.
في هذه المرحلة، يقف الأردنيون – مثلما أعلنت وسائل الإعلام في المملكة – في وجه ضغط متزايد لمحافل مؤيدة لإيران في سورية، وللاستقرار في «يهودا» و»السامرة» توجد أهمية للحفاظ على ذخائر إسرائيل الأمنية.
إلى هذا ينبغي أن تضاف الحاجة العليا والعاجلة للبحث في الحصانة الوطنية لإسرائيل: الصحة، الحوكمة، التعليم، وضع المجتمع العربي وغيرها. يبرز إيجابا القرار المصمم لتعيين رئيس أركان يمكنه أن يواصل قيادة إسرائيل بشكل منهجي ومصمم لمواجهة التحديات الهائلة التي ينطوي عليها المستقبل مثلما فعل رئيس الأركان الحالي وأسلافه. الحصانة القومية هي شرط لتحقيق الأمن القومي.
عن «يديعوت»