لن يحصل على صورة الانتصار

201958134341122636929198211223735-1565767256.jpg
حجم الخط

بقلم غسان زقطان

 

 

 

حصل "يائير لابيد" على حصته من الدم الفلسطيني، حصة متأخرة لرجل بلا ماضٍ عسكري أو سياسي، كانت تلك نقطة ضعفه أمام خصومه من اليمين واليسار، خلوّ ألبومه الشخصي من صورة بملابس الجيش وخوذة وبندقية بحزام طويل في وضع خاص به، كما فعل باراك في صورته وهو ينحني على جسد "دلال المغربي" المدمى، أو بينيت وهو يتخفى تحت أشجار في أحراش جنوب لبنان، وشارون بعصابة على رأسه في سيناء بعد حادثة "الدفر سوار"، نتنياهو أيضاً حصل على صورة ولكنه اتكأ بكل ثقله على جثة شقيقه الذي قتل في "عنتيبي"، ورابين كان يملك أرشيفاً واسعاً وموثقاً، حتى إسحق شامير وجد صورة له في منشور انتدابي بريطاني بصفته إرهابياً مطلوباً، وها هو، لابيد، يجلس على مقعد رئيس وزراء من دون صورة، رغم أنه حصل عليه، المقعد، ضمن مناوبة مع بينيت في وزارة تصريف أعمال.
أحد الصحافيين في الإعلام الإسرائيلي حاول إيجاد مقارنة بين لابيد وزيلينسكي، كانت مقارنة ساذجة، وقائمة على فكرة ماضي الرجلين الفني ويهوديتهما، وبصفتهما مؤثرين في مجالهما ورغبتهما في التغيير.
تصبح المقارنة أكثر سذاجة عندما تنطلق من الاعتقاد ببطولة زيلينسكي وشجاعته في مواجهة بوتين، رغم أن الرجل ارتكب الخطأ القاتل الذي يجب ألا يقع فيه رئيس دولة تتشارك التاريخ واللغة وتتداخل فيها الحدود والثقافة مع روسيا.
تصعد من ذلك الاعتقاد وتلك المقارنة فكرة الصحافي في بناء اقتراح أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأنه الأقدر على إنهاء الصراع مع الفلسطينيين، وإعادة توجيه البوصلة التي عبث بها نتنياهو.
لا يبدو أن الاقتراح قد وصل لابيد، ولا يبدو أنه معني بمثل هذه النصائح.
لابيد لا يشبه زيلينسكي، أقل ذكاء وأقل حظاً، كل ما لديه الآن، وكل ما سيبقى بين يديه هو الدم، وسيطوى كما طوي غيره من القتلة عبر 75 سنة من مقاومة الفلسطينيين، التي تخوض الآن جولة جديدة من المواجهة، حيث يواجه المقاومون الفلسطينيون من مقاتلي الجهاد الإسلامي ورفاقهم عدوهم بشجاعة وحكمة، يطرحون، كما فعلوا في كل المواجهات، الوحدة والشراكة والنفس الطويل في المواجهة والحرص على شعبهم وكرامته، دون أوهام ودون بلاغة فائضة، لعل قدرتهم على الصمود تكمن في أنهم ليسوا عرضة للمساومة والابتزاز على مصالح السلطة ومغانمها التي ابتعدوا عنها منذ التأسيس، عدم فهم هذا الجانب من المواجهة هو أيضاً خطأ في تقديرات لابيد.
القاتل الذي لا يمتلك خبرة أسلافه ومجايليه ويكتفي برغبة عميقة في أن يكون مثلهم، لن يحصل على صورة الانتصار التي بحث عنها نتنياهو ولم يحصل عليها، لن يحصل على راية بيضاء ترتفع من غزة، هو يعرف ذلك الآن.