"إسرائيل اليوم" : خطة لابيد تجاه غزة بعد حملة "بزوغ الفجر"

حجم الخط

بقلم: أرئيل كهانا

 

 



بعد 17 سنة من اقتلاع مستوطنات غزة، وبعد أن اكتسبت إسرائيل تجربة جمة جداً، أدارت القتال في "بزوغ الفجر" بشكل كامل الأوصاف. عرفنا متى نبدأ ومتى نتوقف. تلقى "الإرهابيون" ضربة. ولم يدفع الإسرائيليون، شكراً للرب ولـ"القبّة الحديدية"، الثمن من حياتهم. وحتى المشاغبون من بين "عرب إسرائيل" جلسوا بشكل عام بهدوء. لكن بعد بزوغ الفجر ونور النهار، وجدنا سؤال ماذا بعد؟ ماذا على المدى البعيد؟
مليونا نسمة يعيشون في قطاع غزة، تسيطر "حماس" عليهم، وتوفر إسرائيل لهم المستلزمات الأساسية. قطر تمول. مصر تعزز. مرة في السنة بالمتوسط يقع انفجار، ناهيك عن أنه في غزة الحياة على الأطراف: لا من يخرج ولا من يأتي. لا يوجد عمل. الكهرباء بتقنين والمياه بقيود. هل يوجد طريق لكسر الدائرة السحرية العسكرية؟ هل يوجد مخطط سياسي يقلص التوتر ويدخل بعضاً من سواء العقل في الفوضى؟
في هذه الأيام لا يوجد لدى الحكومة الانتقالية بحث حقيقي في أروقة السلطات حول مستقبل غزة. لكن بعد الانتخابات، إذا لم تقم حكومة جديدة، ستبقى القيادة السياسية الحالية وسيوضع السؤال على عتبتها. رئيس الوزراء لابيد ووزير الدفاع غانتس غريبان في فكرهما، وأظهرا في الحملة قدرة على العمل معاً. وإذا تحررا من الالتزام لبينيت، فانهما قد يحركان السياقات. ناهيك أيضاً عن أن لابيد هو السياسي الوحيد في إسرائيل، باستثناء إسرائيل كاتس، الذي وضع خطة حقيقية للتسوية في غزة. كان هذا قبل سنة. اعتبرت الحكومة في حينه متهالكة، واعتبرت الأفكار عن التسوية في غزة منقطعة عن الواقع. لكن بعد الانتخابات القريبة القادمة، سواء أحقق أغلبية في الكنيست أم بقي في المنصب بقوة القصور الذاتي، ستكون للابيد فرصة للدفع قدماً برؤياه. دعم الإدارة الأميركية مضمون له منذ الآن، كما أن القاهرة ستدعم. وعندما ننظر سنة إلى الوراء، سيكون ممكناً أن نرى أن نظرية لابيد بقدر جزئي تطبق منذ الآن.
لابيد يسمي خطته "الاقتصاد مقابل الأمن" أو "الإعمار مقابل التجريد". وهي تتضمن ثلاث مراحل: للمدى القصير، المتوسط، والبعيد. بشكل أساسي، ودون التوجه مباشرة إلى "إرهابيي" "حماس"، يقترح لابيد عليهم معادلة بسيطة للغاية: تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع مقابل تحسين الوضع الأمني تجاه إسرائيل.
في السنة الأخيرة، وبالتشاور مع رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، أضافت إسرائيل جزراً اقتصادياً لغزة. رُفع عدد العمال الغزيين الذين يأتون للعمل في نطاق الخط الأخضر إلى 14 ألفاً. واتسعت سلة المنتجات التي يقر إدخالها إلى القطاع. وازداد تنوع السيارات التي تستورد إلى القطاع. وعمل آلاف المهندسين المصريين في ترميم الخرائب التي أحدثتها حملة "حارس الأسوار"، بتمويل الأسرة الدولية.
وضعت إسرائيل أمام "حماس" طعماً في شكل "الهدوء مقابل المال". في الجولة الحالية حيال القطاع هذا نجح. وحسب المعلومات الاستخبارية التي التقطت في إسرائيل، كان قادة التنظيم يعرفون أن الانضمام إلى المواجهة مع إسرائيل سيكلف ثمناً اقتصادياً، سكان القطاع ليسوا مستعدين لان يحتملوه. يريد لابيد أن يجعل هذا الابتكار سياسة. وليس هذا فقط. هذه هي رؤيا لابيد. تسليم إسرائيلي ودولي بحكم "إرهابي" ديني ومتطرف في قطاع غزة بل وإعطاء حوافز اقتصادية لتعزيزه، على حدودنا الجنوبية.
البديل الآخر، الواحد والوحيد، هو احتلال عسكري للمنطقة وسحق النظام "الحمساوي". أو كما درج على أن يصيغ الأمر وزراء "الليكود"، "في النهاية لن يكون مفر من احتلال بري للقطاع". أحد ما يسمى أفيغدور ليبرمان كان المحرك الرئيس للفكرة.
"نبحث في كل شيء وهذا السيناريو موجود في الطرف الأخير، لكن ليس معقولاً أن يأخذوا به"، يقول مصدر سياسي مطلع على المباحثات. ستبقى المخططات الهجومية مرتاحة في الجارور. في السطر الأخير، أفغانستان هي هنا.

عن "إسرائيل اليوم"