مقتل الجندي قرب طولكرم: جيش إسرائيل البرّي يفتقد إلى عناصر الانتصار

يوسي يهيوشع.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوسي يهوشع

 

 



الحادثة القاسية، التي وقعت، الإثنين الماضي ليلاً، والتي قتل فيها العريف أول نتان فيتوسي هي الثالثة منذ بداية السنة، التي يقتل فيها مقاتلون. ويربط خيط بين الأحداث الثلاثة، ألا وهو مشكلة الانضباط وعدم الالتزام بالأنظمة التي درج في الجيش على تسميتها "كُتبت بالدم". الإثنين الماضي ليلاً، على خط التماس، أمام قرية شويكة قرب طولكرم، تلقينا تذكيراً رهيباً كم أن هذا ليس شعاراً.
في الحالة الأولى في وحدة "دوفدفان" في بداية السنة كان قائد السرية، النقيب "د"، والمقاتل العريف أول "ي" اللذان أصيبا أثناء حملة اعتقالات في قرية بروقين، حيث دخلا بالخطأ إلى خط النار نتيجة لعدم التنسيق بين القوات. غير أن هذا الحدث وقع في إطار القتال، أي في مجال معد للأخطاء أكثر بكثير. ولم تتخذ إجراءات قيادية في هذه الحالة.
بالمقابل، فإن الحدث الأخطر، هذه السنة، وقع في وحدة "أغوز"، حين كانت هناك بالفعل "نيران صديقة" زائدة قتل فيها الرائد أوفيك أهارون، والنقيب أول إيتمار الحرار، بنار رفيقهما في الوحدة الملازم "ن". وجدت لجنة الفحص، التي أقيمت برئاسة اللواء احتياط نوعم تيفون، مشاكل انضباط خطيرة للغاية. وأوصى تيفون رئيس الأركان، في حديث بينهما، بتنحية قائد الوحدة المقدم "أ". لم يرغب تيفون في أن يريه الباب إلى خارج الجيش، بل أن يلقي عليه كما ينبغي المسؤولية ويهز الجيش أيضاً وأساساً القادة، إذ ما يبدأ في وحدة بلا انضباط لا ينتهي في الجيش فقط.
الدليل هو أن المقدم "أ" هو الذي اقترح بنفسه على رئيس الأركان إنهاء مهامه، لكن الفريق أفيف كوخافي قرر إبقاءه فأثار نقداً كبيراً. في هذه الأثناء، فإن عائلات القتلى غيرت الاتجاه بالنسبة للضابط مطلق النار، وبالنسبة لتحقيق الجيش الإسرائيلي في الحدث.
لا تعد الحادثة التي قتل فيها العريف أول فيتوسي "نيراناً صديقة"؛ لأن الرصاصات خرجت فقط من سلاح واحد، في نشاط جارٍ وبسيط نسبياً، حيث الأوامر واضحة جداً.
فيتوسي، هكذا حسب التحقيق، خرج من الاستحكام للصلاة، ثم عاد وأطلقت النار عليه من مسافة قصيرة. مطلق النار، الذي يدعي أنه اتبع نظام اعتقال المشبوه، يتعين عليه أن يشرح جيداً كيف أنه عملياً خرق الأنظمة: مؤخراً فقط شددت التعليمات في تلك الجبهة منعاً للمسّ بالأبرياء. كما أن الزعم بأنه خاف من خطر على حياته يحتاج إلى تفسير. فلو أنه دعا "المشبوه" إلى التوقف أو أطلق النار في الهواء وبعد ذلك إلى الأرجل، لما وقع الموت.
لا توجد للجيش الإسرائيلي صور من الساحة أو شهادات لأجل الوصول إلى تقصي الحقيقة، وكل شيء في واقع الأمر منوط برواية مطلق النار. ماذا حصل في الفترة الزمنية التي ذهب فيها فيتوسي للصلاة؟ كيف لم يتصور مطلق النار أن فيتوسي هو الذي يقترب؟ ما الذي مر في رأسه؟ وما الذي فعله حقاً حين يقع ذلك الحدث في أراضي إسرائيل؟
الوصول إلى أجوبة عن كل هذه الأسئلة مهمة غير بسيطة لمحققي الشرطة العسكرية، وهذا حساس بأضعاف في ضوء حقيقة أنهما كانا صديقين قريبين يخدمان معاً منذ أكثر من سنتين. في التحقيق في وحدة "أغوز" مثلاً تغيرت رواية مطلق النار عدة مرات إلى أن فهم ما حصل. لكن هناك شهادات أخرى داعمة. إضافة إلى ذلك، فإن وضع وعي مطلق النار كان واضحاً.
في حملة "بزوغ الفجر" أظهر الجيش الإسرائيلي تفوقاً استخبارياً وجوياً، لكن سلاح الاستخبارات والجو هو حقاً جيش آخر وغريب على البر. هناك حذر منذ الآن اللواء احتياط تيفون، وبالتأكيد أيضاً اللواء احتياط إسحق بريك من مشاكل انضباطية خطيرة. مع كل الاحترام لنجاح الحملة الأخيرة في غزة، فهذه في النهاية تمت في شروط شبه ديلوكس. للحرب في الشمال أمام "حزب الله" نحتاج جيشاً برياً قوياً ومنضبطاً. من لا يزال يعتقد أن هذا هو الوضع، فإن الموت الفظيع للعريف أول نتان فيتوسي يفترض أن يوقظه.

عن "يديعوت"