تظهر عملية اقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلي مقرات ست من مؤسسات حقوق الانسان الفلسطيني وإغلاقها ومصادرة محتوياتها في قلب رام الله عاصمة السلطة الفلسطينية،عنجهية وغطرسة الاحتلال في استباحة الساحة الفلسطينية، الخليل وبيت لحم والقدسورام الله ونابلس وجنين وغيرها، هو التعبير الحقيقي عن عجز النظام السياسيالفلسطيني في الدفاع عن ذاته، وحماية المواطنين والمؤسسات الفلسطينية من قمع وجرائمالاحتلال. وتوضح بما لا يدع مجالاً للشك كذب ونفاق دول الاتحاد الاوروبي والتواطؤ المقيت وسلوكهالمخادع وحجم التناقضات وازدواجية المعايير، والعهر الاوروبي الشريك مع الاحتلال فيممارساته. كما يوضح العجز والوهن الفلسطيني الرسمي الذي امتهن رفع الشعارات واكتفىبالتنديد والادانة والاستنكار والاستجداء بالمطالبات الخجولة. ولم يجرؤ على اتخاذمواقف سياسية جدية في مواجهة دولة الاحتلال، وعهر الاوربيين. النظام السياسي فقد اهليته وشرعيته واحترامه امام الفلسطينيين قبل دول العالم الذييمنحه الشرعية، وهو لم يعد يمتلك سوى الصمت وتلقي الضربات بدون حرج وصراخ،وحتى الأنين للتعبير عن رفضه للاحتلال وجرائمه، وسياسة المعايير المزدوجة. دولة الاحتلال مستمرة في غيها، وتصنف الناس والمؤسسات بالارهاب ومعاداة الساميةوتنكر انها نظام فصل عنصري، وهي من تمارس الارهاب اليومي ومحاولة اخضاعالفلسطينيين من خلال العدوان وادوات السيطرة بالاعتقالات والهدم والتهجير. حتى انها تلاحق مؤسسات حقوق الانسان، والثمن اغلاقها لانها تدافع عن حقوقالانسان. قضية المنظمات الست هي نموذج لكيفية التعامل مع القضية الفلسطينية برمتها، والفشلالذريع في ادارة شؤون الناس والحكم وتفشي الفساد والمحسوبية، وفقدان الثقة منالمواطنين. وكيف لنظام سياسي ينتهك حقوق شعبه وينتهك القانون وحقوق الناس، ولا قدرة له علىفرض القانون سيواجه الاحتلال وسطوته وانكاره للحقوق الفلسطينية، والعنجهية فيممارسة الانتهاكات، وارتكاب الجرائم اليومية ضد الفلسطينيين، ومصادرة اراضيهموتسليمها للمستوطنين، وسلوكهم الاجرامي والارهابي. ليلة أمس (الأربعاء) اقتحم المستوطنون بحماية الجيش الاسرائيلي قبر يوسف في مدينةنابلس وتصدى الشبان الفلسطينيين للجنود الاسرائيليين اللذين ردوا باطلاق النار،واستشهد الفتى وسيم خليفة واصيب العشرات من الفلسطينيين، وتمكن المستوطنين منالصلاة وغادروا. ومرت الجريمة مثل غيرها من الجرائم اليومية، وبداية الاسبوع اعدم الجنود الاسرائيليينالشاب محمد الشحام من مدينة القدس باطلاق النار عليه، في بيته وتركه ينزف أمام والده. وتعالت الاصوات بالصراخ والتنديد والاستنكار، كأي جريمة يرتكبها الاحتلال بشكليومي، في انتظار الجريمة القادمة، وكأن الدم الفلسطيني وحياته اصبحت بلا قيمة،وثمنها بيانات الادانة والاستنكار. اقتحام المؤسسات الست تصعيد خطير ومتوقع، ويأتي في سياق السياسة الاسرائيليةالعدوانية تجاه الفلسطينيين، ومهمة الدفاع عن المؤسسات ليست مهمتها وحدها،وأدواتها محدودة وهي بذلت جهود كبيرة للدفاع عن حقها في العمل ضمن الأليات الدولية،وهي تركت وحيدة للبقاء والاستمرار في العمل للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ومحاولاتالاحتلال الاسرائيلي لإسكات صوت الحق والعدل. حتى الان لم يتغير شيء في السياسة الفلسطينية وآليات وادوات مواجهة الاحتلال،والمطروح فقط هو بيانات الادانة والمطالبات. والتحرك الان وفق تصريحات المسؤولين الفلسطينيين هو التوجه للجهات الدوليةالرسمية ومؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري لإدانة السلوك الاسرائيلي والضغطلإعادة فتحها وممارسة نشاطها بحرية كاملة. والسؤال: كيف سنواجه الاحتلال ومطالبة دول العالم خاصة الاتحاد الاوروبي، والسياسةوالدبلوماسية الفلسطينية الرسمية ليست عاجزة، فقط بل بدون فائدة ولا تأثير لها، بسببادواتها ورؤيتها السياسية، وتعمل من دون استراتيجية فلسطينية يشارك الكلالفلسطيني فيها. وهي مستمرة في ترسيخ علاقتها مع دولة الاحتلال والاتفاقيات معها بالتنسيق الامني،وهي بذلك تمنح شرعية للاحتلال. هذا واقعنا وهذه القيادة، لا تزال تقف في نفس الزاوية والتقوقع على الذات، في المطالبة،حتى التصريحات النارية التي كنا نسمعها، لم يعد لها مكان في الخطاب الفلسطيني،وهو تعبير حقيقي انه خطاب مهزوم وسعيد بما هو قائم بؤس وضعف وانهيار.