هارتس : أزمة في العلاقات المصرية- الإسرائيلية بسبب نشاطات الجيش الإسرائيلي في الضفة

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


بعيداً عن أعين وسائل الاعلام وقع، مؤخراً، توتر ليس بسيطاً في العلاقات بين إسرائيل ومصر. وجدت الدولتان، اللتان تعزز التنسيق الامني بينهما جداً في العقد الاخير، انفسهما في خلاف حول خلفية انهاء العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة "بزوغ الفجر" في الاسبوع الماضي. كانت مصر الوسيط الرئيسي بين إسرائيل وبين "الجهاد الاسلامي" و"حماس"، وهي التي قادت في نهاية المطاف الى وقف اطلاق النار بين الاطراف. ولكن في الطريق الى هناك، بالاساس بعد التوصل الى الاتفاق غير المباشر، يبدو أن إسرائيل نجحت في الدوس على ما يوجع مصر.
دخل وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ في يوم الاحد 7 آب تقريبا في منتصف الليل. في مساء اليوم التالي تحدث رئيس الحكومة يئير لابيد هاتفيا مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. في البيان الذي أصدره مكتب رئيس الحكومة جاء أنه شكر الرئيس على "نشاطه الحثيث على التوصل الى وقف اطلاق النار في القطاع. وأن السيسي طرح القضية الفلسطينية". تحدث الاثنان كما ورد مطولا. وما لم يتم الابلاغ عنه حسب المصريين هو أن السيسي طلب من لبيد خفض مستوى اللهب في الضفة الغربية، أي أن يكبح في الفترة القريبة القادمة نشاطات الجيش هناك من اجل أن لا يشعل من جديد المواجهة مع "الجهاد" في القطاع.
بدأت المواجهة بين إسرائيل و"الجهاد" بالضبط قبل اسبوع بعد أن اعتقلت إسرائيل احد قادة "الجهاد"، وهو الشيخ بسام السعدي في جنين. بعد ذلك تبين أنهم في جهاز الأمن لم يشخصوا مسبقا الحساسية المتعلقة بالاعتقال، وعلمت قيادة الجنوب عن ذلك من قيادة الوسط فقط بعد انتهاء عملية الاعتقال. بعد أن تعقد ذلك (نشرت في وسائل الاعلام الفلسطينية صور لجنود حرس الحدود وهم يجرون الشيخ العجوز على الارض، حيث كان بجانبهم كلب من كلاب الشرطة، وردا على ذلك هدد "الجهاد" بالانتقام).
ولكن في الوقت الذي تحدث فيه السيسي مع لبيد كانت هناك عملية اخرى في الطريق للتنفيذ. كان رجال "الشاباك" ووحدة "اليمام" وجنود الجيش الإسرائيلي في الطريق لاعتقال المطلوب ابراهيم النابلسي في القصبة في نابلس. النابلسي، الذي هو أحد نشطاء "فتح" السابقين والذي عمل مؤخرا بصورة مستقلة، اعتبر في نابلس بطلاً محلياً لا يخاف من الإسرائيليين أو من الاجهزة الامنية الفلسطينية. حسب الفلسطينيين كان متورطا في عملية اطلاق نار وتملص عدة مرات من محاولات اعتقال إسرائيلية، في عمليات قتل فيها مطلوبون آخرون. في هذه المرة تم تطويق الشقة التي كان يوجد فيها، لكنه رفض الاستسلام. وقد قتل اثناء تبادل لاطلاق النار مع القوات الإسرائيلية. في الحادث قتل ايضا اثنان من الفلسطينيين واصيب العشرات.
غضب المصريون جداً. وتبين أنهم كانوا يتوقعون أن المحادثة بين الرئيس ورئيس الحكومة ستؤدي الى توجيه تعليمات منظمة للجيش الإسرائيلي. ولكن هذا ما لم يحدث. فُسرت الحادثة في نابلس مثل غرس اصبع في عين الرئيس. اضافة الى ذلك، يبدو أنه لم يتم توزيع توثيق منظم عن المحادثة بين لابيد والسيسي على مكاتب قيادات كبيرة اخرى في إسرائيل، بل لم تكن هذه المكاتب أبدا في الصورة.
أُضيف الغضب في القاهرة الى شكاوى مصرية اخرى كانت متعلقة بالايام التي سبقت العملية وايام العملية الثلاثة نفسها. عندما هدد "الجهاد" بالانتقام على اعتقال السعدي فان الجيش رد باغلاق الشوارع في غلاف غزة امام الحركة واستعد في الوقت ذاته لايقاع ضربة بـ "الجهاد الاسلامي". ضباط رئيس المخابرات المصرية، الجنرال عباس كامل، كانوا يتوقعون أن تعطيهم إسرائيل المزيد من الوقت لتهدئة النفوس، لكن في يوم الجمعة في 5 آب نفد صبر إسرائيل. صادق لابيد ووزير الدفاع، بني غانتس، للجيش على تصفية قائد "الجهاد" في شمال القطاع، تيسير الجعبري، بعد الظهر، بعد أن تم جمع معلومات استخبارية دقيقة عن مكان تواجده، وتمت بلورة طريقة عملية للمس به دون قتل مدنيين في الشقق الاخرى في المبنى.
في مساء اليوم التالي، في الوقت الذي قال فيه المصريون بأنهم قريبون من الاتفاق على وقف اطلاق النار اغتالت إسرائيل ايضا نظير الجعبري في جنوب القطاع، خالد منصور. أرادت مصر أن تدخل في بيان الاتفاق على وقف اطلاق النار جملة تقول بأنها ستعمل على اطلاق سراح السعدي والمعتقل الاداري من "الجهاد" والمضرب عن الطعام، خليل العواودة، لكن إسرائيل رفضت ذلك.
أدى الغضب المصري الى الاضرار بالتنسيق الامني الجاري مع إسرائيل. من المرجح أن التوتر مع مصر سيتبدد في النهاية. فقد سبق وحدثت احتكاكات مثل هذه. وفي نهاية المطاف المصالح الاستراتيجية للدولتين اكبر من أن يكون بالامكان تجاهلها. ولكن التوتر يكشف عن تصدع في أداء الحكومة، وربما ايضا عن خلفية حقيقة أن شخصيات رفيعة ستتنافس ضد بعضها في الانتخابات بعد اقل من شهرين. عن اخطاء مشابهة كان بنيامين نتنياهو يتلقى وجبة سمينة من التوبيخ في وسائل الاعلام.
جاء من مكتب لبيد الرد: "تقدّر إسرائيل مساعدة مصر في انهاء عملية "بزوغ الفجر"، وشكر رئيس الحكومة لابيد الرئيس المصري على ذلك بشكل شخصي. مع ذلك، تعمل إسرائيل وستعمل حسب مصالحها الامنية وحسب تقديرها في محاربة الارهاب في غزة وفي الضفة الغربية وفي أي مكان". وفي مكتب غانتس رفضوا الرد على طلب "هآرتس".



عن "هآرتس"