في مقالته الاخيرة ، عرض الكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة "هآرتس" لحادثة قتل الجندي الاسرائيلي على يد رفيقه جندي اسرائيلي آخر في منطقة طولكرم مؤخرا "عن طريق الخطأ" ، رافضا هذا الزعم ، مؤكدا ان السبب وراء ذلك ما أسماه "سياسة سرعة الضغط على الزناد" ، و هو تحليل صائب و مباشر ، لم يتوصل اليه أحد من قيادات الشعب الفلسطيني في سلطتي الضفة والقطاع ، الذي عزى بعضهم ذلك الى الخوف الذي ينتاب جنود الاحتلال بمجرد دخولهم أرضنا فتصطك ركبهم و يغشى على عيونهم ، البعض الثاني ساق آيات قرآنية و أحاديث شريفة حتى ليكاد يقول انها الملائكة التي نزلت لتحاربهم بأسلحة بعضهم بعضا ، او الطير الابابيل ، أما البعض الثالث فيؤثر غالبا عدم التعقيب على اعتبار ان الامر "شأنا داخليا" لا نتدخل فيه .
لم يقتصر الامر في عقم التحليل على صف القيادات الاول والثاني والثالث من العاملين في الشأن السياسي والاعلامي والفكري والدعاوي ، بل طال جيش العرمرم من المحللين والمفكرين والجهابذة و "خبراء" الشأن الاسرائيلي ، الذين حين يقارنهم المرء بالكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي ، يتساءل من اين يفكر هؤلاء اذا كان ليفي يفكر من رأسه .
ساقني هذا الى تصريح ابو مازن عن الهولوكوست في بلد الهولكوست ألمانيا ، و قبلها بأيام شعار "وحدة الساحات" الذي أطلقته حركة الجهاد في قضية اعتقال الشيخ السعدي والاسير المضرب عن الطعام منذ أكثر من 160 يوما البطل خليل عواودة ، وأساء للمقاومة و للساحات أكثر بكثير من أنه خدمها او وحّدها ، لأنه ببساطة أختزل القضية والوطن والشعب والنضال والتاريخ والاسرى في شخصين من ابناء القبيلة .
وكان السنوار قبل حوالي ثلاثة أشهر ، وقف أمام صورة اقتحام الاقصى من قبل جنود اسرائيليين ، ليقول : ممنوع ان يتكرر هذا المشهد و هذه الصورة ، و بالطبع تكرر المشهد و تكررت الصورة في الاقصى والابراهيمي و القيامة و قبر يوسف و المستشفى الفرنسي يوم الاعتداء على جثمان الشهيدة شيرين ابو عاقلة و المقبرة والجامعات والمدارس والمخيمات والمدن والقرى على اشكال و مشاهد اكثر بشاعة ، حتى طالت غزة قتلا و دمارا ، اطفالا ونساء و مقاومين .
أما "سيف القدس" و "ما بعده ليس كما قبله" التي وردت عبارته على لسان رئيس حماس اسماعيل هنية ، فقد تبين انه أغمد ، او بالاصح ، عاد الى غمده بعد أن استل لمرة واحدة يتيمة ، هي التي استخدمها قائد القسام محمد ضيف ، و خرجت الجماهير في كل بقاع فلسطين تهتف من خلفه : حط السيف قبال السيف / نحن رجال محمد ضيف .
في أحد خطاباته مؤخرا ، أشار حسن نصر الله الى ظاهرة الخطابات المرتجلة ، و لا أطن انه كان يقصد خطابات الزعماء العرب ، فهؤلاء في مجملهم أميون ، بالكاد يفكون الخط ، أحدهم قرأ كلمة "استرخاء" قرأها استخراء ، واعادها مرتين . إنما قصد زعماء المقاومة الفلسطينية ، الذين لا يجوز ان لا يكتبوا خطاباتهم ، او على الاقل يضعوها في نقاط ، كما يفعل هو .