بعد التدهور الذي طرأ على صحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تجاوز الـ83 عاماً، وحديثه المتكرر في أكثر من محفل سياسي عن عدم نيته ترشيح نفسه لأي انتخابات رئاسية مقبلة، يبدو أن حركة "حماس" عزمت على انتهاز الفرصة، وفتحت باب ترشح أحد قادتها للرئاسة الفلسطينية على مصراعيه.
وهنا تدرك حركة "حماس" جيداً، أن كرة الرئاسة أصبحت في ملعبها، خاصة بعد آخر استطلاعات الرأي التي أظهرت تدنياً في شعبية حركة "فتح"، في مقابل ارتفاع شعبيتها، ووجود شخصيات في الحركة قادرة على أن تكون بديلاً عن الرئيس عباس، وتحظى بقبول شعبي كبير.
- كرسي الرئاسة
لكن على المستوى الرسمي، تنفي حركة "حماس" تفكيرها في كرسي الرئاسة في المرحلة الحالية، وهذا ما أكده عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" زياد الظاظا، حين قال: إن "حماس لا تفكر في ملف الرئاسة الفلسطينية في الوقت الراهن، مع الاحتفاظ بحقها في ذلك".
مسؤول فلسطيني رفيع المستوى كشف ما رفض الظاظا تأكيده، وقال: "حماس تستعد جيداً لخوض الانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة، وفتحت هذا الملف للنقاش والمشاورات داخل مكتبها السياسي في داخل قطاع غزة وخارجه".
وأوضح المسؤول ، أن "حماس تدرك جيداً أن المرحلة الراهنة هي فرصتها الكبيرة للاستحواذ على كرسي الرئاسة الفلسطينية، خاصة بعد حديث الرئيس عباس المتكرر عن عدم نيته ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة".
وذكر أن "هناك سبباً آخر شجع حماس على فتح باب الترشح للرئاسة، وهو الخلافات الداخلية العميقة في حركة "فتح"، والصراعات الدائرة الآن بين تيار موال للرئيس عباس، وتيار النائب محمد دحلان، والذي بينه وبين عباس خلافات كبيرة، فشلت الوساطة المصرية في إيجاد أي حلول لها".
- مرشح حماس
وكشف المسؤول ذاته ، أن "حركة حماس تملك رصيد أسماء كبيراً، وتعتمد بذلك على بعض الشخصيات التي تحظى بقبول شعبي كبير، وخاصة في قطاع غزة، وكذلك للفصائل الفلسطينية الأخرى، كحركة الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية".
وأشار إلى أن "من ضمن الشخصيات المرشحة من قبل حركة "حماس" للانتخابات الرئاسية الفلسطينية في حال تمت أو حصل طارئ داخلي، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، وكذلك عضو المكتب السياسي الدكتور خليل الحية".
ولفت المسؤول الفلسطيني إلى أن "حماس تضع كل ثقلها بإسماعيل هنية، وتعلم جيداً أنه شخصية تحظى بقبول فصائلي وشعبي كبير للغاية خاصة في قطاع غزة، وكذلك شخصية مقبولة على الصعيدين العربي والدولي".
وأوضح أنه في حال أصدر الرئيس عباس مرسوماً رئاسياً لإجراء الانتخابات الفلسطينية، فسيكون الخصم الوحيد لحركة "حماس" هو القيادي في حركة "فتح"، والأسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، مروان البرغوثي، الذي يحظى بقبول فتحاوي وفصائلي وشعبي كبير".
- علاقات خارجية
وبسؤال حول مدى قبول الأطرف العربية والدولية، بشخص من حركة "حماس" لتولي الرئاسة الفلسطينية، أوضح أن "ذلك سيتم عبر انتخابات فلسطينية شرعية ونزيهة، وعلى العالم أجمع أن يحترم إرادة الشعب الفلسطيني واختياراته".
وذكر أن "حركة حماس تتمع بدبلوماسية كبيرة، وقادرة على إقناع بعض الدول العربية والأوربية المهمة، وفتحت قنوات لذلك، بما يمكن أن تحققه الحركة من تقدم على الصعيدين الداخلي والخارجي، في حال نجحت بالحصول على كرسي الرئاسة".
وأضاف: "حماس تدرس جيداً تلك الخطوة، وذلك حق لها كما هو حق لباقي الفصائل الفلسطينية، ومنها حركة "فتح"، وفرصة "حماس" في الظفر بكرسي الرئيس قد تكون في الوقت الراهن مساوية لكفة "فتح"، ولكن الانقسامات التي تعيشها "فتح" ستُرجح كفة حماس".
وأنهى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، 11 عاماً في الحكم بعد انتهاء العام 2015، بعد انتخابه في 15 يناير/كانون الثاني 2005، رئيساً ثالثاً للسلطة، رغم انتهاء ولايته الدستورية عام 2009 بسبب أحداث الانقسام الفلسطيني، وشن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام 2008.
ويتولى عباس عدة مناصب سيادية إلى جانب رئاسة السلطة، أهمها رئاسة منظمة التحرير، وحركة فتح، ومنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الأمر الذي جعله يستفرد بالقرار الفلسطيني.
وبحسب استطلاع للرأي نظمه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أظهر أنه "لو جرت انتخابات رئاسية اليوم فإن مرشح حماس سيفوز على الرئيس عباس، ولو جرت انتخابات برلمانية فإن حركتي حماس وفتح تحصلان على ثلثي الأصوات، ثلث لكل منهما، لكن مروان البرغوثي (أسير لدى الاحتلال) يبقى الوحيد القادر على هزيمة حماس وجلب الفوز لحركة فتح"، وفق الاستطلاع.