أصدر الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، اليوم الجمعة، بيانًا صحفيًا في الذكرى الـ 29 على رحيل الأديب والمفكر عبداللطيف عقل.
وفيما يلي نص البيان:
تتكلم الجبالُ فتصغي سحابات السنين على هداة الحزن إن تمكن من العشاق لحظة وداعٍ، وتبدو الأودية أكثر انخفاضًا قرب منحنيات الغياب، إن رصد الفراغ جلال عرشه بعد رحيل موجع، هذا ما نعيشه في كل سنة على إيقاع رحيل المفكر والأديب الأريب عبد اللطيف عقل، حيث كان فكانت الجبال أرتفاعًا سامقًا للفكر والكلمة، وكانت العبارة وجودًا يعزز الأمل على ناي الواقع المضطرب.
شكل عقل مدرسة خاصة في استدراج الوعي الجمعي على مبدأ الإخلاص لوجود يستحقه الشعب الفلسطيني، فكان الشاعر الفنان، والمسرحي الدؤوب لاصطياد الدواء لوجع يمشي على عكازين من تضليل، في بلد مبتلى بالاحتلال المتسع على توطئة صاعدة إلى أقصى درجات الإنحراف المكشوف أمام الجريمة البشعة، والمستمرة بخرس ظالم، فكان المفتاح أول المسرح في أعمال عقل، أو أول صرخة بوجه المنفى والشتات، وأول الطريق لعودة الرياح إلى رؤوس النخيل في الأماكن الضاربة باليقين، لعرس يمد أمانيه على ساقية لها بريق الصابرين وأقدام على جمر المشتهى.
عبد اللطيف عقل خطاط الفكرة على أكثر من احتمال لتحدٍ غير مبتور في توصيف البقاء فوق التراب الوطني لأن النقيض موت فقال لردع الصقيع رغم جسور الضوء (وهي أو الموت)، نذكره بعد تسع وعشرين سنة كما تذكر الشمسُ ظلال المتعبين كل صباح، ولم نكن له مع النسيان يومًا رغم تسمين الأزمات فراخها الكثيرة في ميادين الواقع الفسيح.
وإن غاب الجسد عن النظر، تبقى الروح في البصيرة، سراجًا منيرًا وقبس من أنوار لا تجد لعسر طافح مبررًا لتراجع الوفاء لعبد اللطيف عقل، بل هو الدائم كرمح الضوء في قاع السماء المعتمة، وهو الحاضر بفكره وصادق انتمائه، وفسيح إبداعه على فسطاط الحلم الذي لا بد منه.
لعبد اللطيف عقل، أشجار تنتظر طيورها، لتطمئن روحه على شعب ناضل من أجله، وتعب في طريق الدفاع عن حقوقه، هو الأجدر بالذكرى لا لشيء سوى لأنه اسمًا من دم ولحم يختصر الحق المبين بالأجدر تضحية فلسطين. وعلى عهد منا أن نبقي له من الحافظين لذكراه ونهجه الحصين.