"إسرائيل اليوم" : فرصة إسرائيل الأخيرة لمواجهة "النووي" الإيراني

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 




تعتزم القيادة السياسية - الأمنية الإسرائيلية في الأيام القريبة القادمة التصدي لمسألة واحدة ووحيدة: المحاولة الأخيرة لوقف الاتفاق النووي مع إيران أو تحسينه على الأقل.
خصص رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ورؤساء أجهزة الأمن لصالح هذا الموضوع قسماً مهماً من جدول أعمالهم من أجل الحديث مع زعماء ونظراء، وتقديم إحاطات للصحافيين ومصممي الرأي العام. في إسرائيل يفهمون أنه من المشكوك فيه أن تنجح هذه الخطوة في اللحظة الأخيرة، ففي واشنطن، حسب كل المؤشرات، مصممون على الوصول إلى الاتفاق، ومقتنعون بأن الاتفاق المتحقق جيد، رغم الاحتجاجات من جهة دولة إسرائيل.
في إسرائيل يوجد اليوم ثلاثة آراء مبدئية للاتفاق المتحقق: الأول، الذي يقوده رئيس "الموساد"، دادي برنيع، والذي يعارض الاتفاق معارضة تامة. الثاني، الذي يتصدره رئيس شعبة الاستخبارات، اللواء أهرون حليوة، ورئيس دائرة البحوث في الشعبة، العميد عميت ساعر، الذي يعتقد أنه وإن كان الاتفاق سيئاً فهو أفضل من وضع عدم الاتفاق. والثالث الذي يتصدره رئيس الوزراء، يائير لابيد، والذي يقضي بأن إسرائيل لا تعارض بالضرورة كل اتفاق؛ فإذا ما أدخلت في الاتفاق الحالي تحسينات فإن إسرائيل قد تباركه.
يعتقد برنيع أنه لا يمكن الثقة بالإيرانيين الذين سبق أن كذبوا في الماضي، وبالتالي من المعقول أن يعودوا ليكذبوا في المستقبل أيضاً. وهو قلق من تاريخ انتهاء المفعول القريب نسبياً للاتفاق (جزئياً في بداية 2026، وبشكل كامل في 2030). ومن المال الكثير الذي سيضخ لإيران كجزء من رفع العقوبات. وسيستخدم لتمويل البحث والتطوير في مجالات النووي، وتسريع مشاريع الصواريخ، والمساعدة الواسعة لمرعيي إيران في المجال.
أما حليوة وساعر فيدعيان أن الاتفاق سيقيد إيران. وهو سيخرج من تحت تصرفها تقريباً كل اليورانيوم المخصب، وهكذا يبعدها عملياً عن القنبلة. وحتى لو أرادت خرق الاتفاق، ستحتاج شهوراً طويلة إلى أن تتمكن من عمل ذلك، وهو زمن يكفي للرد عسكرياً، دبلوماسياً، واقتصادياً. وهم يعتقدون أنه بغياب الاتفاق، فإن إيران من شأنها أن تقتحم القنبلة في كل لحظة، وتمسك إسرائيل والعالم وهم غير جاهزين، فتضعهم أمام حقيقة ناجزة.
يعتقد لابيد أنه لا يزال يوجد وقت، وإن كان قليلاً، للجهود الدبلوماسية، على الأقل بهدف تحسين بعض عناصر الاتفاق. وأوضح أن أي حل، لا ترى إسرائيل نفسها ملتزمة به، ولهذا يمكنها أن تواصل نشاطها السري في إيران وضدها. من المعقول أن الأمر لن ينفذ ضد المشروع النووي الذي ستكون الولايات المتحدة شريكة له، وبالتالي قد ترى في ذلك مساً بها، وسيرتكز النشاط ضد عناصر وشخصيات مركزية أخرى في الجهاز الإيراني.
في إسرائيل يمارسون الضغط على الأميركيين كي لا يتنازلوا في مسألة "الملفات المفتوحة" - ثلاثة تحقيقات تديرها الوكالة الدولية حول منشآت في طهران عثر فيها على بقايا يورانيوم. وقد اكتشفت هذه المعلومات كجزء من الأرشيف النووي الذي سرقه "الموساد"، وتطالب إيران بأن تغلق التحقيقات كجزء من الاتفاق المتجدد، بينما في واشنطن (بتشجيع إسرائيلي) معنيون بتلقي أجوبة في محاولة للفهم إذا كانت هناك عناصر سرية لبرنامج إيراني لا يعرف بها الغرب.
كما أسلفنا، ستتكرس الأيام القادمة لاستنفاد الجهود الدبلوماسية والإعلامية. خيراً يفعل السياسيون من كل أطراف الطيف إذا ما لجموا حالياً غريزة الاتهامات لديهم أساساً؛ لأن معظمهم يكررون صفحات رسائل فارغة تشهد على جهلهم. فإذا ما تكبدوا عناء الاستيضاح سيكتشفون أن الاتفاق المتحقق هو بقدر كبير نتيجة قصور إسرائيلي بدايته الانسحاب من الاتفاق الأصلي، وتواصله في غياب الإعداد لخيار عسكري جدير في موعده. والآن ما تبقى لإسرائيل هو معركة أخيرة، فرصها قليلة ولكنها تستحق الجهد.

عن "إسرائيل اليوم"