أعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مساء أمس الأحد، عن الاستجابة لرغبة الشيخ أحمد الريسوني في الاستقالة من رئاسة الاتحاد.
وقدم الريسوني استقالته من رئاسة الاتحاد ليلة أمس، تمسكًا منه "بمواقفه وآرائه الثابتة الراسخة، التي لا تقبل المساومة، وحرصًا على ممارسة حريته في التعبير بدون شروط ولا ضغوط" بحسب ما جاء في بيان صادر عنه.
وجاءت الاستقالة، على خلفية تصريحات أدلى بها في أحد اللقاءات الصحافية 2 أغسطس الجاري حول إقليم الصحراء، وقال فيها: "إذا دعا جلالة الملك إلى مسيرة بالملايين. وإذا دعا إلى الجهاد بالمال نحن مستعدون. علماء المغرب ودعاة المغرب مستعدون أن يذهبوا ويقيموا بالأسابيع والشهور في الصحراء وفي تندروف الجزائرية".
وأضاف الريسوني: "إنه لو كان الاعتماد عليه، الشعب 35 مليونًا مستعد أن يجاهد بماله وبنفسه وأن يتعبأ كما تعبّأ في المسيرة الخضراء، وأن يقطع آمال الذين يفكرون في فصل الصحراء"، معتبرًا أن موريتانيا أرض مغربية، حيث قال: "سبق أن ذكرت أن وجود موريتانيا غلط، فضلًا عن الصحراء فالمغرب يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي".
وأثارت مواقف الريسوني عن إقليم الصحراء، التي أدلى بها في مقابلة مع موقع "بلانكا بريس" المغربي (مستقل)، ردود فعل غاضبة في الجارة الجزائر، خاصة من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، مطالبة بإقالته من موقعه.
ووصفت حركة مجتمع السلم أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر تصريحاته بأنها "سقطة خطرة ومدوية من عالم من علماء المسلمين ويجب عليه أن لا يدعو إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين".
وقالت في 15 أغسطس الجاري: "إن الريسوني يتحمل مسؤولية تبعات تصريحه هذا، ضمن الظروف الدولية والإقليمية المتوترة التي لا تتحمل مثل هذه الخرجات التي تلهب نيران الفتنة". واعتبرت أنه "كان الأولى بالريسوني أن يدعو إلى مسيرات حاشدة في مختلف مدن المغرب ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكسر التحالف الإستراتيجي بين بلاده وهذا الكيان المحتل لفلسطين".
ومن جهته اعتبر رئيس مجلس شورى "جبهة العدالة والتنمية" الإسلامية لخضر بن خلاف أن الريسوني "يدعو اليوم إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين عوضًا عن الدعوة إلى وحدتهم ولمّ شملهم لمواجهة أعدائهم".
ودعت الانتقادات الواسعة التي طالت تصريحات الريسوني الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى إصدار بيان أكّد فيه أن تصريحاته تعبّر عن آرائه الشخصية.
ففي 17 أغسطس الحالي، قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي: إن موقف الاتحاد من تصريحات رئيسه أحمد الريسوني في مقابلة تلفزيونية مؤخرًا عن إقليم الصحراء المتنازع عليه "يمثله وحده ولا يمثل علماء المسلمين".
وأوضح أن "دستور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينص على أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق، والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد، وبناء على هذا المبدأ فإن المقابلات أو المقالات للرئيس، أو الأمين العام تعبر عن رأي قائلها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد".
وتعليقًا على الاستقالة، قال الاتحاد: "توافق مجلس الأمناء للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على الاستجابة لرغبة الشيخ الدكتور أحمد الريسوني بالاستقالة من رئاسة الاتحاد".
وأضاف: "وتغليبًا للمصلحة وبناءً على ما نصّ عليه النظام الأساسي للاتحاد فقد أحالها للجمعية العمومية الاستثنائية كونها جهة الاختصاص للبت فيها في مدة أقصاها شهر".
ووقعت اتفاقية ترسيم الحدود بين الجارين المغرب والجزائر في الرباط عام 1972، لكن تصدّع العلاقات بينهما يعود إلى عام 1976 عندما ضمّ المغرب إقليم الصحراء. وسعى لمنح الإقليم حكمًا ذاتيًا تحت سيادتها.
في حين تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تسعى إلى استقلال الإقليم عن المغرب.
وتُصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح الحل حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، بينما تطالب جبهة "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة.