يديعوت : إيران تملك منذ الآن بطاقة عضوية في النادي النووي

ناحوم-برنياع.jpeg
حجم الخط

بقلم: ناحوم برنياع



ثمة قصص تفيد الكثير جداً، من المتعة تكرارها المرة تلو الأخرى. روى الراحل سمحا دينتس، الذي كان سفير إسرائيل في واشنطن في السبعينيات، لي ذات مرة قصة كهذه، سأعود وأرويها لكم.
جاء رئيس الوزراء، مناحم بيغن، إلى واشنطن للقاء الرئيس كارتر. رافقه دينتس إلى الغرفة البيضاوية. أطلق بيغن مذهبه على مدى عشرين دقيقة، وعندها فتح كارتر فمه. وعلى مدى 40 دقيقة، اغرق بيغن، صرخ، وبخ، هدد، وزايد أخلاقيا. بالتعابير الدبلوماسية كان هذا لقاء صعبا جدا، لقاء عقيما. عندما خرجا سأل بيغن دينتس: "كيف يجمل سيدي اللقاء؟" فاختار دينتس أن يرد بسؤال: "كيف يجمل سيدي اللقاء؟".
"كان لقاءً ممتازا"، قضى بيغن. "لماذا يعتقد سيدي هكذا؟" سأل بحذر. "لأنه أُعطيت لنا فرصة مناسبة لإسماع أقوالنا"، شرح بيغن.
لم يضحك بيغن. فقد آمن بتزمت بقوة الكلمات – أساسا بقوة كلماته. كم كان محقا، كم كان بطوليا، كم كان زائدا. كلما تعلقت الأمور بالاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران يخيل أن ارث بيغن وجد له مواصلين. في العام 2015 ألقى نتنياهو خطابه التاريخي في الكونغرس الأميركي. لم يمنع الخطاب الاتفاق النووي ولم يحسن شروطه. وإذا كان فعل شيئا فإنه دفع إدارة أوباما لتقديم المزيد من التنازلات لآيات الله، على أن يوقعوا على الاتفاق. لم يمنع هذا نتنياهو من أن يلوح بالخطاب ذاته، دليلاً قاطعاً على الكفاح البطولي الذي خاضه ضد ايران.
"المقسم: ترامب في البيت الأبيض"، هذا اسم كتاب بيتر بيكر وسوزان كليزر، صحافيين كبيرين، سيصدر الشهر القادم في أميركا. وهما يرويان ضمن أمور أخرى تجربة ترامب في إصدار الأوامر بهجوم عاجل ضد ايران في الأسابيع الأخيرة لولايته، بعد أن هزم في الانتخابات. رئيس الأركان، الجنرال مارك ميلي، هو احد مصادرهما. وهو يروي انه سافر إلى إسرائيل كي يقنع نتنياهو، الذي كان في حينه رئيس الوزراء، بأن يكف عن حث ترامب على الخروج إلى عملية عسكرية. عقد اللقاء بينهما في القدس، في 18 كانون الأول 2020. وقال نتنياهو: "إذا لم تحضر فإن من شأنك أن تتعرض لحرب مسلحة". أما ما فعله نتنياهو، إذا فعل شيئا على الإطلاق، فلم يقل هناك. في 3 كانون الثاني، عقد ترامب اجتماعا لرؤساء اذرع الأمن لديه. أراد عملية عسكرية ما ضد ايران، أي عملية. كلهم عارضوا، بما في ذلك مايك بومبيو، الصقر الواضح. تراجع ترامب. ليس النووي هو ما كان يعنيه بل مصيره. بعد ثلاثة أيام سار بجموع مؤيديه إلى مجلسي الكونغرس، في محاولة يائسة لمنع تبادل الحكم.
لابيد وغانتس يسعيان، الآن، ليحلا محل بيغن ونتنياهو. أقلع غانتس في نهاية الأسبوع على عجل إلى واشنطن، في محاولة لإحباط التوقيع المتجدد على الاتفاق. وللدقة، لإقناع الأميركيين بتهديد ايران عسكريا على أمل أن يفزع الإيرانيون كي يوافقوا على تعديلات في الاتفاق. حقيقة أن رئيس هيئة الأمن القومي، ايال حولتا، وصل إلى هناك في المهمة ذاتها قبل بضعة أيام منه والتقى المسؤول إياه، مستشار الأمن القومي، جاك سالبيان لم تمنع غانتس من الانطلاق على الدرب.
نشرت "يديعوت أحرونوت"، أول من امس، أن محافل في حاشية غانتس كانت راضية جدا عن نتائج الزيارة. "خرجنا بإحساس بأن الرسالة الإسرائيلية استوعبت باحترام وتقدير"، قالوا لايتمار آيخنر، مراسلنا السياسي. "تلقينا تغذية راجعة إيجابية". بكلمات أخرى، أعطيت لغانتس فرصة مناسبة لإسماع أقواله.
أما بالنسبة للابيد، فقد انتظر طيلة الأسبوع مكالمة هاتفية مع بايدن. فجاءت المكالمة في موعد ما، لكن في هذه الأثناء يجدر بنا أن نسجل أمامنا بأن ساليبان هو في هذه اللحظة كبير رجالات الإدارة المستعدين ليستمعوا لشكاوى إسرائيل. لعلها إجازات نهاية آب: ففي الأيام المفعمة بالرطوبة هذه تكون واشنطن شاغرة من سكانها. من كل مكان، رؤساء وزرائنا ووزراء دفاعنا لم يعودوا يتجولون كأرباب بيت في أروقة البيت الأبيض. تقزمنا. لابيد يحاول إقناع الناخبين في إسرائيل بأنه يقاتل كالأسد ضد سياسة الإدارة الأميركية ولإقناع الإدارة بأنه ليس نتنياهو. هو لا يدخل في مشادة مع الرئيس. هو يسير في هذا الموضوع على حبل رفيع. وكم هو رفيع علمنا في أعقاب تصريح رئيس "الموساد"، دافيد برنيع. فقد شرح برنيع بأنه لا يمكن الثقة بالإيرانيين: هم كذابون. ما قاله فسر بأنه هجوم على سلوك الإدارة الأميركية التي تختار تصديق الإيرانيين وبشكل غير مباشر على سلوك لابيد. عقد لابيد، أول من امس، إحاطة خاصة للصحافيين، في مسعى لأن يثبت بأنه يتحكم بالرواية وبـ"الموساد" على حد سواء.
بالفعل، الإيرانيون كذابون. مشروعهم الذري يقوم على أساس الكذب والتظاهر. خسارة فقط ان رئيس "الموساد" لم يسأل نفسه ما الذي نفعله نحن بالضبط في مشروع النسيج الفاخر لنا، قرب ديمونا. "بغياب الأحابيل يسقط الشعب"، تقول الفقرة التي تحيط بالشمعة في رمز "الموساد". يتبين أن ما ينجح بالعبرية ينجح أيضا بالفارسية.
رغم كل التعهدات الاحتفالية لرؤساء أميركيين، فإن ايران ستصل بالضبط إلى حيث ترغب في الوصول إليه في الطريق إلى القنبلة. إسرائيل يمكنها أن تعرقل المسيرة، لكن لا يمكنها أن تمنعها. مع اتفاق أو بدونه، العالم يرى في ايران منذ الآن دولة عتبة: يوجد لها بطاقة ناد.
الاستنتاج: طالما لا يوجد لإسرائيل حل عسكري يدمر مرة واحدة والى الأبد النووي الإيراني، سيتعين علينا أن نتعايش مع ايران كدولة عتبة نووية. يتطلب هذا استعدادا استراتيجيا مختلفا، واستثمارات بعيدة المدى، وتوثيق العلاقات مع الدول السنية المجاورة. إعلانات اقل، أفعال اكثر. هذه ليست نهاية العالم.

عن "يديعوت"