الأحزاب العربية في إسرائيل.. بين “نسبة الحسم” والاعتبارات الداخلية والجهود الأردنية

جاكي-خوري.jpeg
حجم الخط

بقلم: جاكي خوري

قبل شهرين على موعد انتخابات الكنيست، تبذل الأحزاب العربية جهوداً كبيرة لرفع نسبة التصويت في أوساط الناخبين العرب، وذلك على خلفية قلق من انخفاض نسبة التصويت في المجتمع العربي، وتشخيص توجه من اللامبالاة في أوساط المصوتين المحتملين. عقب هذا القلق، تستعد الأحزاب التي تشكل القائمة المشتركة للتنافس معاً في الانتخابات، ويفحص حزب “راعم” لانضمام ممثلين من مناطق ومجموعات سكانية أخرى في المجتمع العربي للقائمة.

 

في استطلاع داخلي أجراه معهد “يافا” قبل أسبوع بإدارة عاص الأطرش لحزب “حداش”، وجد أن نسبة التصويت في المجتمع العربي قد تبلغ 42 في المئة في الانتخابات القادمة، وهي نسبة أقل بقليل من نسبة التصويت في انتخابات آذار 2021 (43.5 في المئة). حسب هذا الاستطلاع الذي أجري على عينة تبلغ 512 شخصاً، فإن نصف المستطلعين ينوون إعطاء أصواتهم للقائمة المشتركة، 24 لـ”راعم”، 16 في المئة للأحزاب اليهودية، والباقون رفضوا الإجابة. حسب هذه البيانات، لن يجتاز “راعم” نسبة الحسم. من أجاب في الاستطلاع بأنه لا ينوي التصويت سئل: لماذا. 25 في المئة فقط قالوا بأنهم يفعلون ذلك لأسباب أيديولوجية، وأجاب الباقون بأن السبب هو اللامبالاة وعدم الثقة بنجاعة المشاركة، أو لأنهم يشعرون بأنه لا حزب يمثلهم.

 

الباحث في شؤون المجتمع العربي، الدكتور محمد خلايلة، قال للصحيفة بأن رفع نسبة التصويت مهمة صعبة، لكنها ممكنة. وحسب قوله، يجب على الأحزاب التي تمثل الجمهور العربي أن تضع نسبة التصويت على رأس سلم أولوياتها، وأن تدير حملة انتخابية “إيجابية وأن تتجنب بقدر الإمكان التشهير والاتهامات وإساءة السمعة المتبادلة.

 

“يجب على الأحزاب تغيير رؤيتها، والانتقال من الحديث مع المقتنعين إلى الحديث مع الذين صوتوا بالأرجل وقرروا مقاطعة الانتخابات لأسباب سياسية”، قال خلايلة. “يجب أن تكون حملتهم موجهة إلى الأشخاص الذين صوتوا في جولات انتخابية سابقة لأسباب مرتبطة بفعالية التمثيل في الكنيست وحل “القائمة المشتركة” والجمود داخل الأحزاب، يئسوا ولم يأتوا إلى صناديق الاقتراع”.

 

رئيس “راعم/الموحدة”، منصور عباس، قال للصحيفة بأنه يفحص وضع ممثلين من قطاعات أخرى من الجمهور العربي في القائمة لمحاولة لرفع نسبة التصويت في حزبه، وأن الحزب سيحسم في الأيام القريبة القادمة هوية المرشحين في الأماكن 5 – 10. لا يتعهد عباس بوضع اثنين من ممثلي النقب في أماكن مضمونة في الأماكن الخمسة الأولى، وهو يفحص التوجه إلى ممثلين من الجليل أو المدن المختلطة.

 

عباس واثق من أن حزبه سيجتاز نسبة الحسم، وحتى سيزيد قوته. ولكنه يعترف أن التوقعات بنسبة تصويت منخفضة تشكل تحدياً حتى لحزبه وللقائمة المشتركة أيضاً. وحسب قوله، فإن المقلق بشكل خاص هو حقيقة أن الذين لا ينوون التصويت يفعلون ذلك بالأساس بدافع اللامبالاة. “نحن في “راعم”، سنقود حملة إيجابية. وسنوضح للمصوتين العرب أن التصويت مهم ومؤثر. بالطبع، سنشجع التصويت لـ”راعم”، لكن من الجدير التصويت حتى لأحزاب عربية أخرى. ننوي الوصول إلى كل بلدة والتحدث مع الأشخاص في دوائر صغيرة”.

 

أما القائمة المشتركة فتنوي النضال على الجمهور اللامبالي، وهي على ثقة بأن حملة إيجابية قد تشجع على الذهاب للتصويت. في غضون ذلك، الأحزاب التي تشكل القائمة المشتركة تدفع قدماً بالتنافس بصورة مشتركة من أجل عدم ضياع مقاعد. “بلد”، الذي فحص التنافس بشكل منفصل، أدرك بأنه سيجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم وحده. ويتبين أن توجهه هو نحو التنافس المشترك، وهكذا “تاعل” أيضاً و”حداش”، الذي يدفع بحل وسط تقبله جميع القوائم.

 

علمت “هآرتس” أنه تم عقد لقاء، الأحد، بين كبار شخصيات “حداش”، اتفقوا فيه على التوجه لقادة “بلد” و”تاعل” بهدف حل المسائل الرئيسية المختلف عليها بين القوائم. على سبيل المثال، قال كبار شخصيات الحزب إنهم لن يصمموا، كما فعلوا من قبل، على وضع أربعة من بين ستة أماكن الأولى في القائمة في مكان مضمون. إضافة إلى ذلك، قالت الشخصيات الرفيعة بأنها مستعدة لمناقشة مسألة ما إذا كانوا يوصون بأحد المرشحين لرئاسة الحكومة. وقال “حداش” إنه سيضع شروطاً واضحة لدعم المرشحين، تضمن الموافقة على العملية السياسية التي ستؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها شرقي القدس وإلغاء قانون القومية وقانون “كمنتس”. ويؤمن “حداش” بأن وضع هذه الشروط سيرضي “بلد” الذي يتحفظ من التوصية بالمرشحين الموجودين، من خلال الإدراك بأن لا أحد منهم (يئير لبيد وبني غانتس وبنيامين نتنياهو) سيوافق على هذه الشروط في هذا المزاج السياسي الحالي.

 

وقرر “بلد” أيضاً تغيير المقاربة وتأييد التنافس بصورة مشتركة، بعد أن فحص مؤخراً إمكانية التنافس بشكل منفصل. ولكن من فحوصات مختلفة أجرتها القائمة، يتبين أن احتمالات نجاحهم في تجاوز نسبة الحسم متدنية جداً في ظل غياب بنية تحتية وآلية جيدة. وحصل “بلد” على رد سلبي من رئيس لجنة رؤساء السلطات العربية ورئيس المجلس المحلي عرعرة – عارة، مضر يونس، الذي يعتبر شخصية معروفة وممثلاً للسلطات المحلية في المجتمع العربي. أوضح يونس بأنه مستعد لفحص التنافس في إطار القائمة المشتركة، لكن ليس كمرشح في إحدى القوائم.

 

رئيس “بلد”، سامي أبو شحادة، شارك مؤخراً في احتفال لجمع التبرعات في الأردن للشباب الفلسطيني في القدس، إلى جانب رئيس “تاعل” أحمد الطيبي. وحسب مصادر في “بلد”، فإن إيجاد أبو شحادة وقتاً للمكوث في عمان في الأيام الأخيرة، هو دلالة على أن توجهه ليس نحو عملية دراماتيكية. في محادثة مع الصحيفة، رفض أبو شحادة الادعاء بأنه سافر إلى عمان لصالح تنسيق التنافس المشترك مع الطيبي.

 

في هذه الأثناء، يحافظ الطيبي على الغموض فيما يتعلق بنوايا قائمته. في محادثات داخلية جرت في “تاعل” تم طرح قلق من أن التنافس مع “بلد” وحدها، بدون “حداش”، يكتنف مخاطرة كبيرة جداً في عدم تجاوز نسبة الحسم، هذا مقابل التنافس معاً مع “حداش” التي ستضمن -حسب تقديرهم- تمثيلهم في الكنيست. ولكن الوضع المثالي من ناحيتهم هو التعاون بين القوائم الثلاث والحفاظ على القائمة المشتركة بالصيغة الحالية. أجل “تاعل” الانتخابات الداخلية التي كان خطط لإجرائها السبت الماضي إلى إشعار آخر، على خلفية سفر الطيبي إلى عمان. لا يتوقع حدوث أي مفاجآت في هذه الانتخابات، وهكذا فإن المرشحين الأولين يتوقع أن يكونا أحمد الطيبي وعضو الكنيست أسامة السعدي.

 

في الوقت نفسه، نشر في الأردن مؤخراً بأن المملكة تعمل بشكل رسمي على الدفع قدماً بالاتحاد بين الأحزاب العربية في إسرائيل. في السياق، قالت مصادر رفيعة في الأحزاب الثلاثة، الأعضاء في القائمة المشتركة، بأنه لم يكن أي توجه في هذا الموضوع من هناك. وحسب أقوالهم، فإن استمرار القائمة المشتركة يتعلق بالأحزاب نفسها وباعتباراتها الداخلية، مع التأكيد على احتمالات تجاوز نسبة الحسم. “كل ما تبقى هو مناورات ومحاولة لصنع عناوين في الصحف من لا شيء”، قال للصحيفة شخص رفيع في “حداش”. “لا يوجد الآن في القيادة الفلسطينية أو في أي دولة عربية أشخاص لهم تأثير على خطوات سياسية كهذه أو غيرها”، أضاف.

 هآرتس