مضى اسبوع على أول رحلة انطلقت من مطار الكيان الإسرائيلي المحتل للارادة والسيادة والأرض الفلسطينية ( مطار رامون ) ، ووفق مخطط اسرائيلي صهيوني خبيث رمى إلى اصطياد اكبر قدر من الاهداف بحجر واحد ، سادت حالة من الاستياء والاستنكار والاستهجان من تجاوب بعض الفلسطينيين مع الدعوة الإسرائيلية ، فالمخطط بدأ بتضييق الخناق على المسافرين خارج الأراضي الفلسطينية عبر الجسور الأردنية ومعبر رفح مع مصر ، وفرض معاناة نفسية وصحية ومالية على المسافرين الذين يخرجون للعلاج والعمل والدراسة وزيارة الاهل والسياحة عبر تحديد ساعات العمل في المعابر وفرض رسوم مغادرة ، ومزاجية التعامل ، وألقت اسرائيل بالمقابل مغريات البديل الجاهز في مطار رامون الذي دشن عام 2019.
أهداف الكيان الإسرائيلي المحتل ومن خلال المخطط الذي رسم لهذه الغاية اراد من خلاله تحقيق جملة من الاهداف يمكننا التأشير عليها وما خفي اعظم بما يلي :-
اولا:- إحداث شرخ في العلاقة الاردنية - الفلسطينية التاريخية والمتجذرة بين الشقيقين في وحدة الدم والمصير ، وذلك من خلال التسويق المكشوف للعالم عموما وللفلسطينيين خصوصا أن معاناة المسافرين من جراء الإجراءات الاردنية ، وعملت ماكينة الاعلام الى ترويج ذلك على الرغم من كل التسهيلات ومحاولات التخفيف على الاشقاء وبالتنسيق مع سلطة المعابر الفلسطينية في السلطة الوطنية الفلسطينية ، وما كان الاردن يوما الا الرئة التي تنفس من خلالها الاشقاء على مدار السنوات الماضية .
ثانيأ :- توجيه ضربة اقتصادية وسياسية للاردن من خلال الاستحواذ على حصة من عوائد السفر للاردن وعبر جسر الملك حسين ومطار الملكة علياء الدولي وفنادق ومرافق الأردن ، وذلك ضمن إطار التضييق عليه سياسيا واقتصاديا التي انتهجتها حكومات الاحتلال الاسرائيلي عبر سنوات طويلة ، واستعرت مع رفض الاردن لأي تسوية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وكانت صفقة القرن المزعومة الشاهد الذي سجل حجم الهجمة الشرسة .
ثالثا :- احداث شرخ فلسطيني -فلسطيني بين الموافقين والرافضين لاستخدام مطار رامون لا سلطة فيه ولا سيادة للسلطة الوطنية الفلسطينية والقفز على حل القضية الفلسطينية وفقا لمقررات الأمم المتحدة ، واتفاقية السلام ومباحثاته المتوقفة منذ سنوات، وكأننا امام سياسة الأمر الواقع التي يفرضها العدو على الشعب والسلطة معا .
رابعا :- تقديم صورة للكيان الاسرائيلي على أنه الدولة التي ترغب بالسلام وتقدم المساعدات والتسهيلات لابناء الشعب الفلسطيني ، لا كما يدعي الفلسطينيون أنه كيان محتل مغتصب للحقوق الشرعية والإنسانية، بالاضافة الى انه يهدف الى اضعاف الاحتلال من قدرة الجانب الفلسطيني على أن يكون له مطار أو ممر خاص في الضفة الغربية المحتلة تديره السلطة، كما كان المطار في غزة قبل تدميره من ى قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي .
خامسا :- أرادت حكومة الكيان الاسرائيلي أن تفعل اقتصادها ومطارها الذي افتتح في العام 2019 ، وشهد ركودا وذلك كون المطار المدشن جاء مخالفا لشروط السلامة العامة الدولية وقربه من مطار الملك الحسين الدولي ، وهناك شكوى واعتراض تقدم به الاردن لمنظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) حول مخاطر فنية منها تماس مناطق الملاحة الجوية، وعدم تحقق الحد الأدنى للمسافات الفاصلة بين الطائرات في طور الإقلاع والهبوط والاقتراب من كلا المطارين، فضلاً عن عدم التزام إسرائيل بمعايير اختيار مواقع المطارات بحسب متطلبات منظمة الطيران المدني الدولي ، و يعتبر تشغيل المطار خرقا لقواعد الطيران المدني الدولي، وخاصة اتفاقية شيكاغو للطيران المدني لعام 1944 وملاحقها.
سادسا :- يسمح استخدام المطار للاحتلال الإسرائيلي بابتزاز السكان الفلسطينيين عبر سياسة المنع والاعتقال والاسقاط والابتزاز ، وهو ما سيشكل أداة ضغط على المقاومة الفلسطينية والناشطين .
سابعا :- ان حالة عدم استقرار المنطقة وأمام اية احداث في غزة والأراضي الفلسطينية سيكون هناك تحديا في استمرارية عمل المطار وبالتالي توقف الملاحة منه واليه .
ولعل مشهدية الرحلة الأولى من الاراضي الفلسطينية إلى المطار تنسف الرواية الإسرائيلية في تسهيل مهمة للمسافرين فهم اشبه ما يكونون في سيارات نقل السجناء وسط إجراءات أمنية يسيرون وسط سيارات شرطة اسرائيلية خشية من قوى اليمين الإسرائيلي المتطرف الرافض لأي اعتراف أو تطبيع في العلاقات مع الفلسطينيين ، بل أن الأيام ستثبت أن الجزرة التي وضعتها السلطات الإسرائيلية ما هي إلا فخ أن من ناحية الإجراءات أو الأسعار والتسهيلات وسرعان ما ستنقلب اسرائيل على كل هذه المغريات ، لتبرز المطالبة للفلسطينيين انفسهم ان لا تنطلي الخطط الاسرائيلية عليهم وتفويت الفرصة على مخططات يستطيع الشعب الفلسطيني اسقاطها . عن "الدستور الاردنية"