تدمير المفاعل السوري: الجيش الإسرائيلي يسطو على جهود "الموساد"

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 




بعد 15 سنة بالضبط من تدمير المفاعل النووي في سورية، نشر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أول من أمس، صورا وأفلاما ووثائق مختلفة ترتبط بالهجوم وبالسلوك الذي سبقه.
درة التاج هي وثيقة تعود إلى أيلول 2002، قبل خمس سنوات من الهجوم، تخطر فيها دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات بأن سورية تدير "مشاريع سرية لم تكن معروفة لنا". وكتب في الوثيقة إن "المعلومات لا تشير إلى برنامج نووي يجري في سورية، لكنها تشير إلى انشغال في مجالات يمكنها أن تساهم في تطوير البرنامج، وتثير الاشتباه ببداية نشوء برنامج كهذا".
يسعى هذا النشر ليري أن شعبة الاستخبارات استشرفت الوليد. من الواجب التساؤل لماذا اكتشفت إسرائيل ما يتعلق بالمفاعل النووي بالصدفة فقط في شباط 2006؟ في حينه أيضا لم يحصل هذا بفضل شعبة الاستخبارات ورجالها (الممتازين)، بل في أعقاب حملة لـ"الموساد" خرجت هي الأخرى إلى حيز التنفيذ دون الكثير من الإيمان.
الحقيقة هي أن شعبة الاستخبارات انشغلت في تلك السنين في الإمكانية النووية الكامنة في سورية في الهوامش. كما أن "الموساد" لم يكرس لذلك قدرا كافيا من المقدرات أو الاهتمام، ورئيسه في حينه، مئير داغان، قدر أن الاحتمالية في أن يكون لسورية برنامج نووي هي صفرية (وصف داغان هذا غير مرة بأنه "ترهات"). وحدها حقيقة أن بعض ضباط الاستخبارات العنيدين في "الموساد" ادعوا بحزم العكس، ما دعا داغان لأن يقر العمليات التي انتهت معظمها بلا نتائج.
كما أن العملية التي أنتجت في نهاية الأمر المعلومة الملموسة كانت شبه مصادفة. تشهد على ذلك حقيقة أن تمير باردو، الذي استدعي لصالح هذا الموضوع استعارة من شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، مثل آخرين، لم يؤمن بأن تنتج العملية شيئا؛ وعندما تعقدت العملية ارتجلت القوة في الميدان، وحسب منشورات أجنبية تسللت إلى حاسوب مسؤول كبير في الوكالة النووية في سورية، وأتاحت المعلومات التي سرقت منه والصور أن سورية تدير سرا برنامجا نوويا متقدما، لو لم ينكشف في الوقت المناسب، كما يجدر بالذكر، لكان المفاعل السوري اصبح "حارا" بعد بضعة اشهر.
لا يظهر دور "الموساد" على الإطلاق في بيان، أول من امس، الذي يبقي المجد للجيش الإسرائيلي وحده. يستحق الجيش كل الثناء على أدائه من لحظة الحصول على المعلومات وأساسا في تدمير المفاعل. ولكن محاولته إعادة كتابة التاريخ وكأن الاستخبارات العسكرية شخصت وأخطرت مسبقا هي عجيبة في افضل الأحوال وسخيفة في أسوأ الأحوال. خيراً يفعل الجيش الإسرائيلي إذا عمد بدلا من البيانات عديمة المعنى إلى جمع ضباطه الشبان في يوم دراسي يفحص بشجاعة ما هو مطلوب عمله من الاستخبارات – محاولة التعليم والفهم لماذا لم تنجح شعبة الاستخبارات "أمان" في أن تشخص البرنامج السوري على مدى السنين، وكيف يضمن ألا يتكرر خطأ حرج مشابه مرة أخرى في المستقبل.

عن "إسرائيل اليوم"