رأى عضو المجلس الثوري لحركة فتح، القيادي في التيار الإصلاحي الديمقراطي، ديمترى دلياني، أنَّ الترويج لتحريض الولايات المتحدة الأمريكية على السلطة الفلسطينية، عبارة عن نوع من الاستكبار على الوضع الراهن من تدهور الحالة السياسية والأمنية والاقتصادية والتعليم والتوغل على القانون وإلغاء الحياة الديمقراطية الفلسطينية؛ وبالتالي فإنَّ الولايات المتحدة ليست بحاجة لوصف حالة السلطة التي يقرأها ويعرفها المواطن الفلسطيني.
قلق أمريكي على الوظيفة الأمنية للسلطة
وقال دلياني، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الولايات المتحدة لا تحتاج إلى التحريض على السلطة؛ لأنَّها تُمسك بزمام الأمور مع دولة الاحتلال، بمعنى أنّه في حال رغبتها باتخاذ أيّ إجراء ضد السلطة، فلن تكون عاجزة عنه، وذلك بحكم علاقاتها مع "إسرائيل".
وأضاف: "إنَّ الولايات المتحدة قلقلة من شيء واحد، وهو أنَّ السلطة باتت غير قادرة على القيام بالوظيفة التي اختزلت نفسها فيها، وهي حماية إسرائيل؛ نتيجة الهجمات في نابلس وجنين خلال الأيام الأخيرة" وفق حديثه، مُردفاً: "هذه القراءة نابعة من قلق الولايات المتحدة على إسرائيل كونها الراعي الرسمي والحامي الأول لدولة الاحتلال".
وأكمل دلياني: "إنَّ السلطة اختزلت نفسها في وظيفة حماية أمن إسرائيل، والشعب الفلسطيني يقرأ ذلك ويرفض هذه السياسية، وبالتالي خفَّض من تمسكه وتعلقه بالسلطة، بل وفي كثير من الأحيان تمرد عليها؛ خاصةً أبناء حركة فتح وقيادات فتح الميدانية".
لا وزن دبلوماسي للسلطة
وأردف: "أما بالنسبة لتحليل الحاكم العسكري في الضفة غسان عليان -في إشارة إلى وصفه الوضع الأمني في الضفة لمستشارة وزارة الخارجية الأمريكية باربارا ليف بالصورة القاتمة-، دليلٌ على أنّه لا فرق بينهما، أيّ أنّنا بلغنا من الضعف درجة أنَّ ما ما يقوله الحاكم العسكري هو ذاته رواية الولايات المتحدة، وبالتالي لم يعد لنا تأثيراً دبلوماسياً ولا قيد أنمله على الموقف الأمريكي".
واستدرك: "خلال فترة الثمانينات وقبل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، كان التأثير الفلسطيني نابع من قوة منظمة التحرير"، مُتابعاً: "في التسعينيات ولغاية نهاية الانتفاضة الثانية كان لنا تأثير بحكم القيادة القوية للشهيد ياسر عرفات وموقعه الدولي، لكن الآن ليس لدينا أيّ شيء".
واستطرد: "السلطة منذ اعتبرت "التنسيق الأمني مقدسًا، أصبح هناك وظيفة واحدة لها وهي حماية أمن إسرائيل" وفق حديث دلياني، مُشيراً إلى أنَّ إسرائيل استغلت قبول السلطة بهذا الوضع لصالحها وألغت أيّ وزن سياسي للسلطة.
وخلص إلى أنَّ "السلطة وضعت نفسها في معادلات إقليمية أدت لخسارتها دول عربية قوية مثل المملكة العربية السعودية التي كانت تقف تاريخياً مع القضية الفلسطينية"، مُعتقداً أنَّ السلطة خسرت ذلك الوزن، وأنّ المملكة العربية السعودية تفعل ما تشعر أنّه الحد الأدنى من الواجب تجاه قضيتنا، حيث لم تعد تأخذ الخطوات التي كانت تأخذها وتدفع أثمان سياسية تجاه القضية الفلسطينية كما كانت سابقاً؛ ما يعني خسارة السلطة أهم الحلفاء والداعمين السياسيين للقضية الفلسطينية.
بدون انتخابات لا يوجد ثقة بالسلطة
وبالحديث عن وجود تهديد فعلي لبقاء السلطة، قال دلياني: "إنَّ السلطة بإلغائها الانتخابات العامة، دقت المسمار الأخير في مستقبلها السياسي ومستقبل قياداتها الحالية"، مُستبعداً وجود قائد للسلطة الفلسطينية إلا بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني في يوم واحد وبشكلٍ حر؛ ليقول الشعب كلمته.
وأكمل: "إنَّ السلطة المنتخبة سيكون دعم لها وستحظى بالقوة اللازمة والمطلوبة؛ لتقوم ليس فقط بالمهام الأمنية بل بإنجازات سياسية تخدم القضية الفلسطينية، وأنّ يتم دفن قضية التنسيق الأمني المقدس واستبداله بالمصلحة الوطنية الفلسطينية المقدسة".
وأوضح دلياني، أنَّ الولايات المتحدة، ارتكبت خطأً جسيماً بدعم السلطة في إلغائها للانتخابات، لافتاً إلى أنَّ انهيار السلطة ككيان خدماتي وسياسي قد حصل؛ لكِن بقيت الوظيفة الأمنية.
وأضاف: "إسرائيل لن تسمح بانهيار هذه الوظيفة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية، لكِن معركة شعبنا مع الاحتلال مستمرة، فهو الذي أفشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وبالتالي فإنَّ الخاسر الأكبر من هذه العملية هو السلطة".
وختم دلياني حديثه، بالقول: "لا أحد يستطيع التنبؤ بتحركات الشعب الفلسطيني- بالإشارة لوجود إرهاصات انتفاضية في الضفة الغربية- الذي دائماً يُفاجئ قياداته قبل أنّ يفاجئ أعدائه مثلما حدث بالانتفاضة الأولى؛ ومع ذلك فإنَّ أيّ حراك شعبي لن يكون الهدف منه حماية القيادة بل إنقاذ الشعب"، وفق قوله.