صعد اسم العقيد افينوعم امونة، مؤخراً، الى العناوين على خلفية إعلانه تقديم استقالته من الجيش بعد عدم حصوله على الترقية التي كان يطمح إليها. اسم عائلته، وكأنه أعطي لهم من قبل كاتب مسرح غير مهذب، يميل الى الرمزية الفظة جداً. لا ينقص الإيمان هذا الضابط، الذي يحظى بالإعجاب من البيبيين والمستوطنين، والذي أعلن في عملية "الجرف الصامد" أن عملياته في ساحة المعركة نجحت بفضل "معجزات" تدل على عناية إلهية. في نهاية الحرب تم إعطاء وسام للكتيبة الخاضعة لإمرته.
ينسب البيبيون قطع الطريق أمامه للوصول الى هيئة الاركان الى مؤامرة لليسار ضد افكاره اليمينية وايمانه الديني المتقد (هو ليس فقط يحرس "مغارة الماكفيلا"، بل هو يلتقط الصور وهو يصلي فيها)، التي لم يسع في أي يوم لإخفائها. وبهدف الإثبات للشعب أي شخص عسكري هو، فقد تم تنزيل أفلام من بطولته في الشبكات الاجتماعية. في احد هذه الأفلام، الذي تم تصويره في اليوم الذي جرى فيه الدخول الى غزة في عملية "الجرف الصامد"، ظهر أمونة وهو يخطب أمام الجمهور. وبابتسامة غريبة ودائمة لم تغادر وجهه قال لهم، ضمن أمور اخرى: "من غير اللطيف أن تكون عربياً في هذه الليلة". وقد أجيب بالضحك والتصفيق. "انتم سترونهم طوال الوقت وهم يهربون"، وعدهم، كأنه يعرض رؤية توراتية. بعد ذلك قال بشفقة: "اقتلوهم أثناء هربهم"، هذا لم يتم قوله لمجرد التوصية، بل كان بمثابة أمر، والأمر من القائد هو أمر يجب تنفيذه. الجنود مرة أخرى صفقوا، نعم أيها القائد. هم سيقتلونهم أثناء هربهم. "أيها الأصدقاء، ابتسموا"، أمرهم امونة. "من الجدير الاستمتاع بذلك"، قام بتوصيتهم. "حاولوا"، لوح لهم بالاصبع من اجل التأكيد، "حاولوا الاستمتاع بذلك".
المقدم المستقيل افينوعم امونة قام بحقن السم في الشريان الرئيسي كي لا يخطئوا ويعتقدوا لحظة بأن العرب هم بشر. جمل مثل "من غير اللطيف جداً هذه الليلة أن تكون عربياً" ربما تكون صحيحة، تذكروا جيدا ما الذي سأقوله لكم؟. ولكن عندما يقول لهم "أنتم سترونهم طوال الوقت وهم يهربون، اقتلوهم وهم يهربون"، فان هذا اعتراف بجريمة حرب.
من الممتع القتل بالزي العسكري للجيش الإسرائيلي، نعم، أن تقتل. يحاولون الاستمتاع بذلك. يفعلون ذلك بابتسامة. الحرب بالنسبة لأمونة هي نشاط يرفع المعنويات ويفرح القلب. عليه قول ذلك لايتسيك سعيديان وكل جمهور الجنود الذين خرجوا من ساحة الحرب مع صدمة نفسية عميقة، وندوب، يحملون تجربة ما بعد الصدمة طوال حياتهم. الحرب هي جهنم. ولكن توجيهاته تدل على أنها بالنسبة له استجمام في حقل للرماية.
الحقيقة هي أن عدداً قليلاً جداً من الأمور مرعبة اكثر من الحرب. وبناء على ذلك يبررون الحرب من اجل اجتثاث هذه الامور. الرايخ الثالث هو أحدها. ولكن شعار امونة هو ابتسموا، اقتلوا واستمتعوا. تحدث الحرب حسب قوانين الحرب الدولية التي تقتضي درجة اساسية من النزاهة والانسانية والاحترام. في ظل غيابها يكف القتل عن أن يكون شرعياً، ويتحول الى قتل متعمد. نصت هذه القوانين بشكل صريح على أنه في اللحظة التي يلقي فيها الجندي سلاحه ويستسلم فانه يحظر قتله. تحظر مطاردته بما يتجاوز المعقول. أي خرق لهذه القواعد التي تحدد سلوك المعقول سيعتبر جريمة حرب. "اقتلوهم وهم يهربون"، هذا امر بالقتل. من الذين يمكن أن يقتلوا؟ العرب. مهما كانوا. دون تمييز. حيث قيل: من غير اللطيف جدا أن تكون عربياً في هذه الليلة. كل عربي. وماذا عن الجنود الإسرائيليين الذين يهربون؟ هم أيضا مسموح اطلاق النار على ظهورهم؟
عندما ستسألون أنفسكم في المستقبل كيف يمكن أن تكون كل القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي متشابهة بشكل كامل، وكيف أنهم بعد التسريح دائما يذهبون الى أحزاب الوسط – اليسار. تذكروا العقيد أفينوعم أمونة، المحارب الشجاع والقائد اللامع الذي ليس فيه أي عيب والذي قرر الذهاب الى البيت لأنه لم تتم ترقيته.
في المقال الذي نشره أمونة في 2015 في مجلة الجيش الإسرائيلي "معارك" بعنوان "قيادة القائد في ساحة المعركة"، وصف اضحكوا، اقتلوا واستمتعوا بـ "كلمات تحفيز". وماذا سيحدث اذا مات جنوده؟ "يجب على القائد أن يوضح بأنه يوجد مبرر لهذا الثمن الباهظ والذي هو حيوي". وأنه "كان من نصيبنا الحق في المشاركة في هذه المهمة". من غير الجيد بما فيه الكفاية القول بأنه من الجيد الموت من اجل بلادنا، بل القول بأنه يجب أن يكون من الممتع القتل من أجل بلادنا، ويجب الموت من اجل بلادنا مع ابتسامة على الوجه.
عن "هآرتس"
إلى حين يتعرّف العرب على هويّتهم
17 يوليو 2025