نشر جهاز الامن العام "الشاباك"، أول من امس، معطيات تشير الى استمرار الانخفاض في عدد العمليات، حيث إنه سجل في الشهر الماضي ايضا انخفاض في عدد المصابين الاسرائيليين. وهذا بالطبع انخفاض مبارك، ولكن لشدة الاسف لا توجد مؤشرات الى أن "الارهاب" والعنف يوشكان على الخبو، بل العكس: للاحتكاك المتصاعد بين المستوطنين والفلسطينيين في الميدان طاقة كامنة لاشتعال أوسع.
لقد سمح فشل المخابرات في حل لغز العملية في دوما، والتي تلخصت بلائحة اتهام واحدة، بان نكنس هذا الحدث وكأنه تفاحة عفنة واحدة وليس كومة كبيرة. غارقا في موجة النزعة القومية العكرة التي تجرفنا، يتجاهل الجمهور ووسائل الاعلام التقارير عن اعمال العنف اليومية التي تجري بين المستوطنين وجيرانهم وتغذي شعلة الكراهية.
الزجاجات الحارقة التي وضعت، هذا الاسبوع، امام بيت عائلة فلسطينية في بيت فوريك لم تتجاوز على الاطلاق حافة الاهتمام الاعلامي. كما ان الضرب الموثق لسائق فلسطيني من قبل مستوطنين، امام ناظر جنود الجيش الاسرائيلي، بلغت عنه الشبكات الاجتماعية. في 2015 بلغ عن 250 حدثا تُصنف كجرائم قومية ضد الفلسطينيين، ولم يجرِ التحقيق الا في نصفها. فقد فضل القادة الميدانيون الا يشهدوا. ويمكن لرئيس الاركان ان يعلن حتى يوم غد أن كل ضابط في الجيش الاسرائيلي يخدم في "المناطق" هو صاحب السيادة، اما الواقع فيدل على ان الضباط يتصرفون على نحو مختلف.
العقيد عميت يمين، مظلي ومقاتل في وحدة "مجلان" شغل حتى الصيف منصب قائد لواء عصيون، تلقى هذا الاسبوع درسا في علاقات القوى بين المستوطنين والجيش من على صفحات هذه الصحيفة. وحظي العقيد يريف بن عزرا، القائد السابق لوحدة دوفدوفان وقائد لواء يهودا اليوم، حظي هذا الاسبوع بكاريكاتورات ظهر فيها كسانتا كلوز يوزع الهدايا على الفلسطينيين.
كل من يتجرأ على ابداء موقف لا يستقيم مع موقف اليمين المتطرف، يصنف على الفور كيسروي. وان يكون المرء يسرويا في اسرائيل 2016 فهي جريمة. ولشدة الحظ، يرفض وزير الدفاع، رئيس الاركان وقيادة الجيش الاسرائيلي، حاليا، الانثناء. ويضطر وزراء الكابنيت الى أن يسمعوا المرة تلو الاخرى، لاستيائهم، ان السلطة الفلسطينية تخرج عن طورها لمنع انتشار العنف. هم يحتجون ويثورون، ولكن القيادة العسكرية على الاقل، صحيح حتى اليوم، ترفض تكييف تقديراتها مع آذان السامعين، ولا تنجرف في الاجواء العامة لـ"الجدار الواقي" او اعادة كتابة كتب التربية الوطنية.
اما الفلسطينيون فينظرون الينا ويضحكون. ببساطة المعنى هذا. فاحدى مزايا الانتفاضة الحالية هي الاحتقار الذي يظهره الفلسطينيون لاسرائيل وممثليها في الميدان. ففي مواجهات مع الجيش الاسرائيلي في ايام الجمعة يمكن أن نرى فلسطينيين يرقصون، يسخرون، يتصورون "سلفي". ليس لديهم أي روع من صاحب السيادة الاسرائيلية. اعمال مثل فرض طوق على قرية، كانت في الماضي تستدعي استجداءات من جانب المختار تستقبل اليوم بعدم مبالاة. جنود الجيش الاسرائيلي، الذين ينفذون الاعتقالات في القرى الفلسطينية في ظلمة الليل، يلتقون غير مرة شبانا محليين ينشدون ببهجة استفزازية امامهم.
هم ينظرون الينا ومقتنعون باننا سنأخذ بأنفسنا حتى نهايتنا. يرون كيف تغلق المدينة العبرية الاولى على نفسها منازلها، ولا تبعث بابنائها الى المدرسة، مجمدة من الخوف من ذاك "المخرب" الذي نجح، هذا الاسبوع، في هز الشرطة والمخابرات.
عن "معاريف"
-