أربعة آلاف شهيد وشهيدة حصيلة ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبتها المليشيات الموالية لدولة الاحتلال الإسرائيلي قبل 40 عاماً، وسط صمت عربي ودولي.
يقول عز الدين مناصرة في كتابه "الثورة الفلسطينية في لبنان 1972-1982": كل واحد من الشهداء يمتلك سرديته الخاصة، ولأنهم يمتلكون هذه السرديات، تم اغتيال الشهود على مأساة أكبر، حدثت عام 1948.
صنف الباحثون والرواة الشفويون جنسيات ضحايا مذبحة صبرا وشاتيلا: 75% فلسطينييون، 20% لبنانيون، 5% (سوريون، وإيرانيون، وبنغال، وأتراك، وأكراد، ومصريون، وجزائريون، وباكستانيون) وآخرون لم تحدد جنسياتهم.
كما وصفها الصحفي البريطاني "روبرت فيسك" الذي زار مخيم شاتيلا صبيحة السبت 18 سبتمبر 1982 بأنها "أفظع عمل ارهابي في تاريخ الشرق الأوسط الحديث"، في حين وصفها امنون كابليوك في تحقيقه بأنها "أكثر المذابح بشاعة وفظاعة منذ الحرب العالمية الثانية".
بدأت المؤامرة على الفلسطيني الوحيد والأعزل في لبنان بعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية والفدائيين أواخر أغسطس 1982 إلى الأردن والعراق وتونس واليمن وسوريا والجزائر وقبرص واليونان، بانسحاب القوات متعددة الجنسيات قبل عدة أيام: الامريكية في 10 سبتمبر 1982، والإيطالية في 11 سبتمبر، والفرنسية في 13 سبتمبر، انسحبوا قبل موعدهم الرسمي بعشرة ايام.. رغم وجود ضمانات أمريكية واتفاق فيليب حبيب، بعدم دخول الجيش الإسرائيلي لبيروت الغربية، وضمانة حماية المدنيين الفلسطينيين وعوائل الفدائيين الذين خرجوا من بيروت.
بحسب زعم رفائيل ايتان هو "تطهير المخيمات من الإرهابيين"، وبذريعة وجود ألفي فدائي فلسطيني، فيما لم يعثر على جثة فلسطيني واحد مسلح.
الأربعاء 15 سبتمبر تحاصر القوات الإسرائيلية صبرا ومخيم شاتيلا، وتراقب كل حركة في المنطقة من فوق عمارة احتلتها قرب السفارة الكويتية، وفجر الخميس 16 سبتمبر، أخذت القوات الإسرائيلية التي تمركزت في بناية على مدخل شاتيلا قرب السفارة الكويتية تراقب كل لحظة ومتحرك في المخيم وتعطي الأوامر للقتلة، بينما راحت طائراتها وجيشها يلقون القنابل الضوئية لينيروا عتمة المكان الآمن أمام أعين قتلة الأطفال والنساء والشيوخ.
في صباح الجمعة 17 سبتمبر، بدأت معالم المجزرة تتضح لمعظم سكان المنطقة، بعد أن شاهدوا الجثث والجرافات وهي تهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها، وتدفنهم أمواتا وأحياء، فبدأت حالات فرار فردية وجماعية توجه معظمها إلى مستشفيات عكا وغزة ومأوى العجزة، واستطاع عدد منهم الخروج إلى خارج المنطقة متسللا من حرش ثابت، فيما بقيت عائلات وبيوت لا تعرف ما الذي يجري، وكان مصير بعضها القتل وهي مجتمعة حول مائدة الطعام، ذلك أن القتل كان يتم بصمت وسرعة.
في يوم الجمعة، بدأت حكايات حُفَر الموت، وازداد عدد المهاجمين، رغم أن الشهادات والوقائع تؤكد أن العدد الأكبر من الشهداء سقطوا في الليلة الأولى للمجزرة، ليلة الخميس، لكن أساليب القتل تطورت وأضيف اليها القنابل الفوسفورية التي ألقيت في الملاجئ. كما اقتحم مستشفى عكا وقتل ممرضون وأطباء فلسطينيون واختطف مرضى ومصابون وهاربون من المجزرة من داخل المستشفى.
وتميز اليوم الثاني بالقتل في داخل البيوت بشكل أكبر، وفي بعض الأزقة وعلى مقربة من السفارة الكويتية والمدينة الرياضية، حيث كانت هناك حُفر جاهزة بفعل الصواريخ الإسرائيلية التي سقطت على المدينة الرياضية أثناء اجتياح بيروت في يونيو 1982، وبفعل وجود بعض الألغام وانفجارها تمكن بعض المخطوفين والمنساقين للموت من الهروب في ظل فوضى الأعداد الهائلة من المحتشدين وينتظرون دورهم في الإصابة بالرصاص أو حتى الدفن أحياء، من تمكن منهم من الهرب روى تفاصيل قاهرة لطريقة التعامل مع الأهالي وطرق قتلهم التي تفنن فيها القاتل وهو يضحك ويشتم ويرتوي من المشروبات الروحية.
وفي اليوم الثالث، السبت 18 سبتمبر، استمرت عمليات القتل والذبح والخطف، رغم أن التعليمات كما قالت مصادر إسرائيلية صدرت للمهاجمين بالانسحاب في العاشرة صباحا، لكن عشرات الشهادات للسكان أكدت استمرار للمجزرة لحدود الساعة الواحد بعد الظهر، وتميز بعمليات الموت الجماعية العلنية، وبدأ التحقيق مع أهالي المنطقة في المدينة الرياضية من قبل القوات اللبنانية والإسرائيلية، وجرى اعتقال واختطاف العشرات، معظمهم لم يعد ولم يُعرف مصيره.
لم يكتفِ الاحتلال بتغطية إبادة البشر وتهيئة كافة الظروف لسحق الفلسطيني الذي هزمه في حصار بيروت، لينتقم يوم الأحد 19-9-1982 بسرقة الاحتلال وثائق مركز الأبحاث الفلسطيني وحملوا الأرشيف في شاحنات.
وفي خلفية البحث عن تاريخ المخيمات في لبنان، نجد سنة 1982، وهي سنة الاجتياح الإسرائيلي والمجزرة، كان هناك اثنا عشر مخيماً فلسطينياً على الأراضي اللبنانية، هي: الرشيدية والبص وبرج الشمالي في منطقة صور، وعين الحلوة والمية مية في منطقة صيدا، ويفل في بعلبك، شاتيلا ومار الياس وبرج البراجنة وضبية في منطقة بيروت، ونهر البارد والبداوي في منطقة طرابلس، ويعتبر مخيما عين الحلوة ونهر البارد من أكبر المخيمات مساحة، أما مخيم شاتيلا فمن أصغرها.
بالإضافة إلى هذه المخيمات، كان هناك مخيم النبطية الذي دمر تدميراً كاملا بفعل القصف الإسرائيلي في 16/4/1974.
أما مخيمات صور وصيدا فقد دمرت تدميراً جزئياً عدة مرات. وبسبب الحروب الأهلية المتعددة على أرض لبنان دمر في سنة 1976 تدميراً كلياً كل من مخيم جسر الباشا ومخيم تل الزعتر، وهو المخيم الذي عانى جراء حصار طويل، كما تم تدمير مخيم ضبية تدميراً جزئياً.