كشفت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري، أن تحويلات المصريين بالخارج انخفضت بنسبة 14.7 بالمئة في شهر يوليو، لتصل إلى 2.38 مليار دولار، مقابل 2.79 مليار في نفس الشهر من 2021، و2.8 مليار دولار في يونيو الماضي.
وأرجع مصدر حكومي السبب في ذلك لارتفاع تكاليف المعيشة عالميا، بينما قال خبراء إن الأسباب متعددة.
وبحسب البنك المركزي المصري، فإن تحويلات المصريين بالخارج منذ بداية العام وحتى نهاية يوليو سجلت 18.7 مليار دولار، خلال 7 أشهر.
وقال مصدر حكومي بوزارة المالية المصرية ، إن الفترة الماضية، ونتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية، جعلت تكاليف المعيشة مرتفعة، وبالتالي فإن نفقات المصريين بالخارج على معيشتهم أصبحت أكبر، ومن ثم قلت المبالغ التي يحولونها لمصر.
ولكن الخبير الاقتصادي، عضو الجمعية المصرية للإحصاء والتشريع، علي الإدريسي، قال إن السبب هو أن سعر صرف الجنيه المصري شهد مزيدا من التراجع أمام الدولار، كما من المتوقع أن يستمر هذا التراجع بشكل أكبر في الفترة المقبلة، ومن ثم فمن يملك دولارا يحاول الحفاظ عليه بشكل أكبر، وبالتالي عمليات تحويل الدولار لمصر تكون في أضيق الحدود.
وتابع الإدريسي في تصريحه، أن السبب الثاني يتمثل في إلغاء شهادات الاستثمار البنكية ذات عائد المرتفع بنسبة 18 بالمئة، وبالتالي تأثرت التحويلات بالسلب، لأنه لا توجد أوجه استثمار آمنة ومضمونة بنسبة 100 بالمئة مثل هذه الشهادات التي تم إلغائها.
ويذكر أن بنكي مصر والأهلي، أكبر بنكين حكوميين في مصر، كانا قد طرحا شهادات ادخار بعائد ثابت نسبته 18 بالمئة لمدة عام، بعد قرار البنك المركزي المصري برفع الفائدة على الإيداع والاقتراض 100 نقطة أساس، أي 1 بالمئة، وذلك في 21 مارس الماضي.
ورغم قيام البنك المركزي في 19 مايو الماضي برفع جديد للفائدة بنسبة 2 بالمئة، فإن البنكين، على عكس المتوقع، لم يطرحا شهادات بعائد 20 بالمئة، وإنما قاما بإيقاف شهادات 18 بالمئة، وطرحا شهادات بعائد 14 بالمئة، ولكنها لم تجذب الكثيرين وخاصة المصريين بالخارج.
وكشف الإدريسي أن هذا ما دفع الحكومة المصرية حاليا لدراسة إنشاء شركات تطرح أوجه استثمار مخصصة لجذب المصريين في الخارج، وهذه الشركات تعكف على التنسيق بشأنها عدة جهات، هي وزارة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، ووزارة التجارة والصناعة، والهيئة العامة للاستثمار، وصندوق مصر السيادي وجهات أخرى.
والسبب الثالث لتراجع التحويلات، بحسب الإدريسي، هو أن الفترة التي شهدت انخفاضا في التحويلات هي الفترة التي تشهد الإجازات الصيفية السنوية للمصريين بالخارج، والتي في الغالب يحضرون لقضائها في مصر، وبالتالي تقل التحويلات بقلة المصريين الموجودين خارجيا بالفعل.
ولكن الإدريسي أكد أن السبب الرئيسي لانخفاض التحويلات هو ترقب حدوث انخفاض أكبر لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومن المتوقع، حسب قوله، بعد الاتفاق مع صندوق النقد على قرض جديد، أن يصل سعر الدولار إلى أكثر من 22 جنيها، وهو ما يجعل الحفاظ على الدولار الآن فرصة لمكسب أكبر من تحويله لمصر.
واتفق معه في تلك الأسباب الخبير الاقتصادي والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، هاني جنينة، ولكنه كشف أنه نتيجة وجود سوق موازية غير رسمية يكون سعر الدولار فيها أعلى من سعره الرسمي، فهذا جعل الكثير من المصريين يفضلون التحويل عبر الشركات بعيدا عن البنوك، وصرف الدولار بسعر أعلى في السوق غير الرسمية لتحقيق مكسب أكبر.
وتتحدث المعلومات عن أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية وصل لأكثر من 21 جنيها، بينما سعره الرسمي الآن 19.42 جنيه.
وقال جنينة إن هناك تحويلات تتم كذلك بطريقة ما يعرف بالمقاصة، وهي تحدث عن طريق أن يقوم من يريد تحويل الدولار إلى مصر، بتسليمه لشخص في ذات الدولة الموجود بها، على أن يقوم شخص آخر يتبع من تسلم الدولارات في الخارج، بتسليم ذوي المصري الموجود بالخارج مقابل هذا الدولار في مصر بالجنيه، بسعر أعلى من السعر الرسمي، وهذه عمليات تحويلية غير مرصودة في البيانات لدى أجهزة الدولة الرسمية.
المصدر: سكاي نيوز عربية