اليهود بعد دخول 50 ألفاً لـ”الأقصى”: هكذا نبعدهم عن الحرم و”نعود لهيكلنا”

نحاف شرغاي.jpeg
حجم الخط

بقلم: نداف شرغاي

حجر طريق جديد في الوجود اليهودي المتسع في الحرم: لأول مرة منذ حرب الأيام الستة تجاوز عدد الزوار اليهود السنوي للحرم خط الـ 50 ألفاً. يأتي هذا “الحدث” في فترة مركبة. التوتر الأمني المتصاعد، والتأهب للعمليات، والتحريض الفلسطيني القاسي، وكذا التشدد في أنظمة الشرطة تجاه صلوات اليهود داخل الحرم – الذي لا يزال مستمراً – يخفف مظاهر الفرح قليلاً لقسم من منظمات الحرم. رغم ذلك، يمثل هذا المعطى عهداً جديداً. فقبل عقد بقليل فقط، كان يزور الحرم سنوياً بين 5 آلاف و6 آلاف يهودي فقط، وكان صعباً تصور ارتفاع نحو ألف في المئة (عشرة أضعاف).

 

قبل عقد، تخيل قلة فقط واقعاً تحرس فيه الشرطة صلوات اليهود في الحرم (وإن كان ضمن قيود عديدة). كما أن التسليم الإسلامي الواقعي في معظم أيام السنة بهذا الواقع (رغم الاحتجاجات والعمليات والتحريض) هو بمثابة أمر لا يصدق تقريباً.

 

ارتفاع تدريجي – لكن ثابت

 

الارتفاع في عدد الزوار اليهود إلى الحرم كان تدريجياً، لكنه ثابت. وقعت القفزة الكبرى في السنوات الأخيرة: 14.054 زائراً في 2016، 30.219 زائراً في 2017، 35.695 في 2018 و 37.708 في 2019. سنوات كورونا قطعت المسيرة قليلاً، لكن هذه السنة كما أسلفنا سيُسجل رقم قياسي جديد – قد يتجاوز خط الـ 50 ألفاً بارتفاع 33 في المئة آخر مقارنة بالرقم القياسي السنوي السابق في 2019.

 

هذه الثورة تترافق وعدة سياقات تحدث في الجمهور اليهودي، وفي التكيفات التي تجريها الشرطة والقيادة السياسية في ضوء هذه السياقات. التغيير الأول في الوعي: جماهير آخذة في الاتساع تمنح الحرم مكاناً مركزياً في نظرة النهضة الدينية والوطنية لشعب إسرائيل في بلاده. الانشغال بالحرم يشمل اليوم جماهير واسعة من التيار المركزي في “الصهيونية الدينية” وينتقل أيضاً إلى الجمهور العلماني. الارتفاع في عدد الزوار اليهود للحرم يعزى لهذا التغيير في الوعي، وهو الذي أدى أيضاً إلى التغيير الثاني: بخلاف نصف يوبيل السنوات الأولى ما بعد حرب الأيام الستة، مئات الحاخامين من التيار المركزي للصهيونية الدينية يسمحون اليوم لليهود بدخول الحرم، بقيود فقهية كهذه وتلك، بخلاف الحظر الذي ساد على الدخول (وعلى أي حال الصلاة) لليهود إلى الحرم.

 

على خلفية طلب متزايد لزيارة اليهود للحرم، وقع تغيير ثالث: الشرطة كيفت سلوكها مع الواقع. في عهد وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان وقائد شرطة القدس يورام هليفي، أجري تفكير متجدد، وفتح الحرم أمام زوار كثيرين. بالتوازي، أبعدت عن الحرم منظمات المرابطين والمرابطات في السنوات الأخيرة، هاتان الحركتان الفرعيتان من الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل، واللتان حاولتا عرقلة ومنع زيارات اليهود إلى الحرم بل والمس بها.

 

“الجناح” وحركتاه الفرعيتان أخرجوا كما هو معروف عن القانون، ولكن لا تزال بقية محافل التحريض في الحرم. يدور الحديث أساساً عن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ عكرمة صبري المتماثل مع حماس والإخوان المسلمين، وكذا عن نشطاء منظمة “حزب تحرير” من أقصى متطرفي الإسلام الراديكالي.

 

حماس نفسها أيضاً تواصل محاولة إشعال الحرم في ظل استخدام فرية الدم الحديثة “الأقصى في خطر” بهدف رفع دافعية العمليات في مناطق القدس والضفة. وحسب معطيات منظمة “في أيدينا – من أجل الهيكل”، اعتقل في الشهر الماضي داخل الحرم 18 حاجاً يهودياً، وأوقف 15 آخرون، وأبعد عنه 15 حاجاً بأوامر إدارية من قائد اللواء.

 

توم نيساني، من قادة منظمة “في أيدينا” أشار إلى أن تحقيق حقوق اليهود في الحرم يجب أن يتم “عن طريق كفاح مصمم وطلب واضح”. وعلى حد قوله، فإن “كل حق يتم بعد العناد والمثابرة والأعمال في الميدان”.

 

في هذه الأيام نشرت مديرية الحرم رسالة للحجاج كتب فيها ضمن أمور أخرى: “الحجيج الشخصي المرن والمريح إلى الحرم بلا جدالات ومواجهات في الميدان، هو أمر صحيح بحد ذاته في صالح الحجاج أنفسهم، وانتشار الحجيج الجماهيري هو تقريب وتوسيع للصفوف. هذا هو السبيل الآمن والأكثر نجاعة للدفع قدماً بعودة إسرائيل إلى الحرم”.

 

 

 إسرائيل اليوم