عندما نتحدث عن الانتخابات القريبة القادمة فعمّ نتحدث؟ نتحدث عن جولة انتخابات أخرى غير مصيرية، أقل أهمية مما يبدو، لن يكون لنتائجها أي تأثير كبير على حياة معظم الإسرائيليين.
عندما نتحدث عن الانتخابات القادمة فنتحدث عن المستقبل الشخصي لبضع عشرات من المرشحين للكنيست، وعن المصير الشخصي لبنيامين نتنياهو، وعن قسم آخر في سياسة الهويات في إسرائيل، أكثر من هذا لا يوجد.
الصراع حول مسألة «نعم لبيبي» أو «فقط ليس بيبي» لوث وسمم السياسة في إسرائيل بدرجة كبيرة جدا. كل شيء، بحق كل شيء، تمت إزاحته جانبا، كل شيء مغطى بظله، لا توجد مواضيع لم تتم محاكمتها طبقا للمعيار الوحيد الذي بقي في الخطاب، مع نتنياهو أم ضده. كل شيء يمر عبر هذا المنشور.
ذنب ذلك كله يجب إلقاؤه على أكتاف «فقط ليس بيبي». من اليوم الذي نشأ فيه هذا المعسكر قال، إنه يجب أن نضع كل شيء جانبا، الأساس هو «فقط ليس بيبي». المعسكر المضاد لم يبق له سوى الوقوف وراء هدف الهجوم الوحيد لمنافسه والتمترس حوله. جولة انتخابات تلو أخرى ولم يتغير أي شيء. لم يتعلموا أي شيء ولم ينسوا أي شيء، ولم يخفف الزمن أي شيء.
هم فقط قاموا بتجنيد وإشعال الكراهية ضده لبلورة معسكر. وهم أيضا مكنوا من اعتبار هذا المعسكر مخلصا ومنقذا، متنورا وجميلا جدا. إذا أمر نتنياهو بتخريب كل شيء فعندها الذي سيقف ضده هو المخلص. وإذا كان نتنياهو خطيرا جدا فحقا يجب أن نضع كل شيء جانبا والتركيز فقط على كيفية النضال ضده.
لم يستجمع احد القوة ليسأل: هل حقا هذا الخطر كبير جدا؟ في نهاية المطاف كان هذا رئيس الحكومة لمدة 13 سنة، وكل الكوارث لم تحدث ولم تنزل علينا. ولا يقل عن ذلك أهمية السؤال هل يوجد بديل مناسب اكثر؟ لم يكن لهذا المعسكر شيء آخر للتكتل حوله أو النضال من اجله باستثناء «فقط ليس بيبي»، لذلك فإن هذه الاستراتيجية كانت حيوية مثل الأكسجين من أجله.
هكذا حدث أن اليمين المتطرف واليمين المعتدل، الوسط وبقايا اليسار، يمكنهم العيش في كتلة واحدة، الذئب مع الحمل، أفيغدور ليبرمان وموشي راز أيضا معا، وأن يسموا جميعا يسارا – وسطا وخلق وهم البديل، في حين أنه من الواضح أن الأغلبية الحاسمة للإسرائيليين هم يمين، حتى لو كان جزء منهم فقط يعتبر كذلك.
في وضع عقلاني اكثر، متحرر من ذعر نتنياهو، لا يوجد رجل وسط واحد كان سيصوت لليبرمان أو جدعون ساعر، ولم تكن لتجد رجل يسار واحدا سيصوت ليائير لابيد أو بني غانتس، لكنهم سيصوتون لهم فقط من اجل القضاء على الشر. عندما ستهدأ العاصفة سيتبين أن أغلبية الإسرائيليين الحاسمة هي يمين واضح حتى لو صوتوا «فقط ليس بيبي».
في الوقت ذاته تحدث عندنا سياسة الهويات بكامل القوة. عرب، متدينون، شرقيون واشكناز، يحددون نماذج انتخاباتهم حسب هويتهم. قل لي من أنت ولمن ولدت وأين ترعرعت وأين تعيش وأين تعمل وأنا سأقول لك لمن ستصوت. الأخطاء هامشية، أيضا هذا الخطاب ليست له أي صلة بواقع ومستقبل دولة إسرائيل، بل فقط بالتعبير الشخصي لكل ناخب.
نجحت الحملة. فمعظم الإسرائيليين على قناعة بأن سؤال هل سينتخب نتنياهو أم لا هو موضوع حياة وموت تقريبا. مؤيدوه يهددون بأنه لا توجد دولة بدونه، ومعارضوه يؤمنون بأنه لا توجد دولة بوجوده. في المعسكرين يدعون ويضللون. المشكلة هي ليست نتنياهو، بل جميع المواضيع التي تجمعت في قاعدة البيانات الوطنية بمناسبة موسم نتنياهو، الذي استمر ويستمر ولا ينتهي.
عن «هآرتس»
