إسرائيل ترغب في انتفاضة جديدة

ليفي.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 

 



تريد إسرائيل انتفاضة أخرى. لا شك في ذلك. لا توجد طريقة أخرى لشرح سلوكها منفلت العقال في الاشهر الاخيرة حتى لو لم يكن من الواضح أي فائدة ستجنيها من سفك المزيد من الدماء عديم الجدوى. هو عديم الجدوى ولكن إسرائيل تريده، فما تفعله في "المناطق" المحتلة مؤخراً لا يمكن أن لا يؤدي الى انتفاضة اخرى. تعرف إسرائيل ذلك جيداً. لذلك لم يبق إلا الاستنتاج بأنها تريدها.
على الطرف الفلسطيني العوامل المطلوبة لاندلاع انتفاضة اخرى: الفلسطينيون تنقصهم القيادة، الدعم العربي والدولي، الوحدة وروح النضال التي بدونها ستتباطأ الانتفاضة حتى لو كانت ستأتي. ولكن إسرائيل قدمت ما عليها من أجل اندلاع الغضب والعنف ضدها.
ما الذي كنتم تتوقعونه؟ سألني طراد صلاح، والد عدي الثاكل، الفتى ابن الـ 17 الذي اطلق قناص من الجيش الإسرائيلي رصاصة على رأسه ورصاصة على قلبه من مسافة 100 متر في كفر دان. ما الذي كنتم تتوقعونه؟ بقي هذا السؤال معلقاً في فراغ بيته الذي لن ينهض من الحداد. من قريته المناضلة قرب جنين خرج الشابان اللذان قتلا، الاسبوع الماضي، الرائد بار بيلح في حاجز الجلمة. في نيسان الماضي قتل الجنود شابين غير مسلحين في القرية. الآن قتلوا عدي. بعد بضعة ايام سيقتحم الجيش ويهدم بيت الشابين اللذين قتلا بيلح. أصبح العنوان على الحائط، ويمكن البدء بحفر القبور في المقبرة امام بيت صلاح، الذي يشاهد قبر ابنه من النافذة.
ما الذي كنتم تتوقعونه؟ يجب أن نسأل قادة الجيش الإسرائيلي و"الشاباك"، هل سمحتم للجيش و"الشاباك" بأن يفعلوا ما يخطر ببالهم؟ ما الذي توقعتموه؟ يجب أن نسأل رئيس الحكومة ووزير الدفاع في حكومة التغيير والاصلاح، الذين سمحوا، بل شجعوا، كل ذلك. ماذا توقعتم؟ يجب أن نسأل هذا السؤال كل إسرائيلي صامت. لا يوجد أي شعب يمكن أن يتحمل مثل الشعب الفلسطيني ويصمت. لم يكن هناك مثل هذا الشعب في التاريخ، ولن يكون ايضا بين رفح وجنين. ما تفعله إسرائيل في الاشهر الاخيرة هو تذكرة باتجاه واحد وهدفه هو الانتفاضة، حتى لو فشلت مثل سابقاتها.
العدد الاكبر من القتلى الفلسطينيين منذ سبع سنوات. العدد الاكبر من المعتقلين بدون محاكمة منذ سبع سنوات. العدد الاكبر من مظاهر عنف المستوطنين، وربما اكثر من أي وقت مضى. ما الذي تتوقعونه؟ عقاب جماعي بدون أي خجل، عقاب عائلي بدون أي تردد، ما الذي تتوقعونه اذاً؟ ما الذي تتوقعونه من الجيش الذي تفاخر قائده بمستوى قتله، ومن الجنود الذين يعرفون أنه مسموح لهم كل شيء؟
يصعب التقرير من أين نبدأ، من الابرتهايد اليومي أم من فلاح فلسطيني حاول الدفاع عن نفسه وعن ممتلكاته من زعران المستوطنين والآن يداه محطمتان وهو معتقل منذ اسبوعين تقريباً في حين أن المستوطن الذي هاجمه حر؟ من قتل شيرين أبو عاقلة وفي أعقاب ذلك ألاعيب الكذب للجيش من اجل ازالة كل مسؤولية عن نفسه عن ارتكاب هذه الجريمة القبيحة وحماية الجنود الذين اطلقوا النار على أبو عاقلة في الوقت الذي شاهدوا فيه بأنها صحافية؟
من السهولة التي لا تصدق تلك التي يقتل فيها الجنود المتظاهرين غير المسلحين تقريبا كل يوم، وعدم المبالاة العامة التي لا تصدق تلك التي يُستقبل فيها اعمال القتل الجماعي هذه. من قداسة جيش الاحتلال؟ من عبادة السجود المرضي له في وسائل الاعلام، الذي مرة اخرى تقوى مؤخراً ووصل الى مستويات مخيفة؟ لا يمر يوم بدون مقال مثير للاشمئزاز والقرف عن جندي أو عن وحدة نموذجية. ما الذي تتوقعونه من تحطيم محمود عباس على يد إسرائيل؟ أو من أن يئير لابيد يلتقي مع الملك عبد الله في الامم المتحدة ويتجاهل وجوده وكأنه هواء، وكأننا عدنا الى أيام الخيار الأردني لشمعون بيريس؟ ماذا تتوقعون من ثمل القوة المتزايد للجيش والمستوطنين؟ من أين سنبدأ؟
من الأسهل تحديد أين سينتهي ذلك. هذا سينتهي بالدماء. المزيد من الدماء. بانتفاضة عنيفة ووحشية. وسيكون بالإمكان تفهم دوافعها وحتى تبريرها بسهولة كبيرة.

عن "هآرتس"