هل يستجيب العالم لكلمة الرئيس محمود عباس في الدورة (77) للأمم المتحدة؟

P5VlX.jpg
حجم الخط

بقلم د. هاني العقاد

 

 

 من جديد تصرخ فلسطين في وجه العالم ومن جديد يتحدث الرئيس أبو مازن أمام الجمعية العامة للام المتحدة، اليوم جلد ضمير الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية المهيمنة على القرار الدولي، ووجه اللوم لكل من صمت وتقاعس من العالم عن أداء دور مسؤول اتجاه الضغط علي دولة الاحتلال لإنهاء احتلالها العسكري لأراضي الدولة الفلسطينية ووقف المخططات التي تهدف من ورائها دولة الاحتلال تفتت قضايا الصراع لصالح المشروع الصهيوني المتمثل بالدولة العبرية. الرئيس أبو مازن فضح الانحياز المستمر من قبل حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول التي لم يسمها والكيل بمكيالين في القضايا الدولية التي باتت المساواة في التعامل معها تخضع لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها وخاصة الغرب وإسرائيل، كما فضح غياب العدل الدولي تماما في المسالة الفلسطينية وعدم قدرته على الانحياز للفلسطينيين كضحايا لاحتلال صهيوني غاشم يرتكب المذابح والجرائم الإنسانية بسبب تفلته من المسؤولية والعقاب على مدار عقود من الصراع, كما فضح عجز العالم عن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني المحتل في الوقت الذي توفر فيه الولايات المتحدة الامريكية الحماية للاحتلال وتغطي علي جرائمه التي لم تتوقف يوما من الأيام بل وتدعم حكومات الاحتلال المتعددة بالمال والسلاح .

طالب الرئيس أبو مازن العالم بالتعامل مع دولة الاحتلال علي أساس انها دولة احتلال لا تريد ان تتخلي عنه ولا عن المخططات التي تقوض الهوية السياسية الفلسطينية والوجود الفلسطيني  على ارض الدولة الفلسطينية، واعلن رسميا امام العالم انه لم تعد إسرائيل  شريك للسلام يمكن التحدث معها طالما لم تلتزم بالاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين  وتمارس سياسة أحادية الجانب ,تصادر   الأرض وتزرعها بالمستوطنات وتهدم الممتلكات والمباني وتلاحق السيادة الفلسطينية , تشكل المنظمات الإرهابية وتسلحها وتهيئ لها الحماية العسكرية لتنفيذ اعتداءات علي السكان الفلسطينيين , وهنا طالب الرئيس العالم بإدراج هذه المنظمات علي قوائم الإرهاب. لعل دولة الاحتلال لم تتوقف عن إيذاء شعبنا الفلسطيني وقتل ابناءه وتنفيذ المذابح تلو المذابح واخرها المذابح التي راح ضحيتها عشرات الأطفال في غزة. طالب الرئيس دولة الاحتلال الاعتراف بهذه المذابح والاعتذار للشعب الفلسطيني وتحمل المسؤولية القانونية والتاريخية والسياسية والمادية، وطالب المجتمع الدولي بمحاسبة دولة الاحتلال لارتكابها تلك الجرائم امام الجنائية الدولة والقضاء الدولي.

فيما يخص قرارات الشرعية الدولية الأمم المتحدة ومجلس الامن طالب الرئيس تنفيذ اهم قرارين دوليين صدرا عن الأمم المتحدة وهو قرار 181 والذي أطلق عليه قرار التقسيم في ذلك الوقت أي الإقرار بقيام دولتين على التراب الفلسطيني ,دولة يهودية ودولة عربية فلسطينية  وعلى الدول التي لم تعترف بفلسطين الاعتراف بها اليوم كدولة وتصوع علي عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة ,وقرار 194 القرار الخاص بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين والتعويض معا وتحقيق هاذين القرارين هو شرط أساس لاعتراف العالم بالدولة اليهودية وقبول التعامل معها, لكن ما حدث كان وما زال جريمة بحق الشعب الفلسطيني وحق تقرير مصيره الغير قابل للتصرف طال الزمان ام قصر, اعترف العالم بإسرائيل وتعامل معها كدولة بالرغم من تعريفها في القانون الدولي كدولة احتلال واليوم أصبحت (دولة ابارتهايد) تمارس الاضطهاد الديني والقومي والسياسي والعرقي بحق الفلسطينيين, والمصيبة الكبرى ان العالم يعتبرها دولة ديموقراطية هامة  في العالم ,والأكثر ايلاماً في هذا الشأن ان  تسعة دول عربية عقدت اتفاقات تطبيع كامل معها دون الاكتراث لكونها دولة احتلال وتمييز عنصري مازال يحتل شعب عربي مسلم.

الطلب المهم والاساسي في خطاب الرئيس امام الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 77 من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريتس ان يتقدم بخطة إجرائية للأمانة العام للأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الصهيوني استناد لكل قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات الخاصة بعميلة السلام واهمها مبادرة السلام العربية 2002,فيما يعني ان الرئيس يفضل ان ينتهي الاحتلال بإجراءات اممية أولها توفير الحماية لهذا الشعب الفلسطيني الذي عانى ومازال يعاني ويلات الحرب الصهيونية. الطلب الأخير الذي وجه للعالم والأمين العام للأمم المتحدة وإسرائيل هو ان تسمح دولة الاحتلال لوالدة الأسير البطل المريض (ناصر أبو حميد) برؤيته ولو لدقيقة واحدة فهو يعاني سكرات الموت في مستشفيي (برزلاي الصهيوني).

لم تكن الدورة 77 هذا العام هي المناسبة الدولية الوحيدة التي يتقدم فيها الرئيس أبو مازن بطلبات  عادلة للعالم والأمم المتحدة  لتحقيقها للشعب الفلسطيني ولن تكون الأخيرة , لكن علي ما يبدوا ان ضمير العالم لم يعد يشعر بالفلسطينيين فقد تبلد إزاء الهيمنة الامريكية الصهيونية كافة القرارات الأممية والسياسات الدولية , ولا يبدو ان العالم سيكترث بطلب واحد من تلك التي وضعت امامهم دون ضغط اممي وعربي كبير وهذا ما نفتقده كفلسطينيين الان ,فلم يعد يمتلك الفلسطينيين  الا أصوات عالية سرعان ما تتلاشي من علي منصات العالم وينتبه العالم لما تنتبه اليه واشنطن والقوي المركزية بالعالم كما حدث بالضبط في الازمة الروسية الأوكرانية , لا اعتقد ان تستجيب الأمم المتحدة لطلب تجهيز خطة اممية  لإنها الاحتلال الا اذا شكل النضال الفلسطيني  ارباك للأمن والاستقرار في العالم وشل قدرة دولة الاحتلال علي الاستمرار في احتلال الأرض الفلسطينية ,ولا اعتقد ان يسارع العالم لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الا اذا اذنت واشنطن بهذا ولن تفعل لان حليفتها دولة الاحتلال لم تنتهي من مشاريعها لاستيطانية التوسعية , ولا اعتقد ان تقدم الأمانة العامة للأمم المتحدة علي فتح ملف قراري 181  و 194 والتي اعتبرتهم واشنطن في عداد المنهية صلاحيتهم واصبحوا تحت التراب منذ العام 1967 . ستنتهي الدورة 77 للأمم المتحدة وتأتي غيرها والحال الفلسطيني يزداد تعقيدا ويخسر فيه الفلسطينيين المزيد من ارضهم وهم ينتظرون العدالة الدولية وينتظرون ضمير العالم لان يصحوا، فلا أحد يستطع ان يتنبأ متي يحدث هذا لكن يمكن ان يكون هذا سريعا إذا ما اصبح الاحتلال مكلفا ويدفع المحتل المال والدم ويخسر الهدوء والامن والاستقرار.