تصادف، اليوم الأربعاء 28 سبتمبر 2022، الذكرى الـ 22 الانتفاضة الثانية التي تعرف بانتفاضة "القدس والأقصى"، حيث اشتعلت شرارتها في الثامن والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر عام 2000، عقب اقتحام رئيس وزراء حكومة الاحتلال الأسبق أريئيل شارون، ساحات المسجد الأقصى، تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبموافقة من رئيس الحكومة في حينه إيهود باراك، فوقعت مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال.
وعقب ذلك، شهدت مدينة القدس المحتلة، مواجهات أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى الداخل الفلسطيني وجميع المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويعتبر الطفل محمد الدرة رمزا للانتفاضة الثانية، فبعد يومين من اقتحام شارون للأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية في 30 أيلول/سبتمبر 2000، مشاهد إعدام للطفل (11 عاما) الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة.
وأثار إعدام جيش الاحتلال للطفل الدرة مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، وهو ما دفعهم إلى الخروج في مظاهرات غاضبة ومواجهة جيش الاحتلال، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات منهم.
وتميزت الانتفاضة الثانية، مقارنة بالأولى التي اندلعت عام 1987، بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال، كما نفذت الفصائل الفلسطينية هجمات في المستوطنات، تسببت بمقتل مئات الإسرائيليين.
وأسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينيا إضافة إلى 48 ألفا و322 جريحا، بينما قتل 1100 إسرائيلي، بينهم 300 جندي، وجرح نحو 4500 آخرين.
وكان من أبرز أحداث انتفاضة الاقصى اجتياح مخيم جنين ومقتل قائد وحدة الهبوط المظلي في جيش الاحتلال، إضافة إلى 58 جنديا، وإصابة 142 جنديا في المخيم.
وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الانتفاضة لاجتياحات عسكرية وتدمير آلاف المنازل والبيوت، وكذا تجريف آلاف الدونمات الزراعية.
ومن أبرز أحداث الانتفاضة الثانية، اغتيال وزير السياحة في حكومة الاحتلال، رحبعام زئيفي على يد عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول بالأحزاب السياسية والحركات العسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة، وإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وعدد من كبار مؤسسي الحركة، وأبو علي مصطفى، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وخلال انتفاضة الأقصى زج الاحتلال بكلا القائدين مروان البرغوثي وأحمد سعدات في السجون وعشرات من قادة الفصائل الفلسطينية، واتُّهم سعدات وتنظيمه بالمسؤولية عن اغتيال وزير سياحة الاحتلال رحبعام زئيفي.
وشهدت الانتفاضة الثانية تطورا في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى التي كان أبرز أدواتها الحجارة والزجاجات الحارقة.
وعملت الفصائل الفلسطينية على تطوير أجنحتها العسكرية، وخاصة كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس، التي توسعت بشكل كبير، عدة وعتادا، وباتت تمتلك صواريخ.
وكانت مستوطنة "سديروت"، على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع، أطلقته كتائب القسام، بعد عام من انطلاق انتفاضة الأقصى يوم 26 تشرين أول/أكتوبر 2001، لتطور الكتائب بعد ذلك وعلى نحو متسارع من قدراتها في تصنيع الصواريخ.
توقفت انتفاضة الأقصى في الثامن من شباط/فبراير 2005 بعد اتفاق هدنة وقع في شرم الشيخ بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وشارون، إلا أن آثارها بقيت ممتدة لسنوات أخرى.