حان الوقت لإعادة الموضوع السياسي الفلسطيني إلى جدول الأعمال

حجم الخط

بقلم: يورام دوري

 



حملة الانتخابات الحالية، مثل الأربع التي سبقتها، لم تعن حتى الأيام الأخيرة إلا بمسألة واحدة: نعم بيبي، لا بيبي. وأجاد رئيس الوزراء لابيد إذ قرر أن يدرج في خطابه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة قولا عن إقامة كيان سياسي فلسطيني إلى جانب إسرائيل. غير أني تحمست بقدر أقل لمعظم خطاب لابيد، إذ إنه في أساسه كان خوفا وتخويفا وقليل الأمل.
يبدو ان موجة العمليات الأخيرة والإخطارات الكثيرة حملته إلى الاستنتاج السليم بأنه انتهى عهد التجاهل للمشكلة الفلسطينية. فجوقة ردود الفعل لقول لم يقل بعد ذكرتني برد الفعل الشرطي: حتى قبل أن يلقي خطابه تحفز صاخبو اليمين وشجبوا ما من المتوقع أن يقوله في ظل النسيان التام بأن زعيمهم الذي لا جدال فيه نتنياهو قال في الماضي أيضا امورا مشابهة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
منذ أن قرر نفتالي بينيت أن حكومته لن تعنى بالموضوع الفلسطيني فإن جدول الأعمال الوطني الحقيقي واحتياجات مواطني إسرائيل دحرت الى الهوامش.
أظهرت بحوث الانتخابات جميعها أنه في نهاية اليوم، بوقوفه وحيدا أمام صندوق الاقتراع، فان العامل الأكثر تأثيراً على تصويت الناخب هو مسألة الأمن في السياق السياسي.
مواطنو إسرائيل، بخلاف معظم زوار الاستديوهات، يقررون طبيعة تصويتهم وفقا للجواب الذي يعطونه لأنفسهم في المسألة الأهم في نظرهم: من سيعطيهم أمنا أكثر؟ أو بكلمات بسيطة: كيف يحل النزاع طويل السنين والمضرج بالدماء بيننا وبين الفلسطينيين ويتوفر الأمل لأبنائنا وأحفادنا؟
سمعت نتنياهو يعقب على أقوال لابيد، ويتباهى بحقيقة ان الحكومات برئاسته ازالت المسألة الفلسطينية عن جدول الأعمال. أحداث الأيام الأخيرة وموجة "الإرهاب" الحالية اثبتت لنا مرة أخرى ان المسألة الفلسطينية ومعها المسألة الوجودية الحاسمة بعلاقاتنا مع جيراننا توجد بشكل واضح على جدول الأعمال. ودحرها إلى الزاوية هي محاولة فاشلة. فإطلاق النار مع إصابات على جنودنا في "المناطق"، وقتل عجوز في حولون، وزجاجات حارقة على الطرق، كل هذه أدلة حزينة وأليمة على فشل هذا المفهوم. فالنزاع العنيف بيننا وبين جيراننا يواصل جباية ثمن دموي. اتفاقات إبراهيم، رغم اهميتها الكبيرة، ليست بديلا عن الاتفاق مع الفلسطينيين. يوجد في الساحة السياسية أيضا من يخافون تكرار الكلمات الأساس لتحقيق الاتفاق – "تنازل إقليمي" – ويروون قصصا كاذبة عن "ادارة النزاع" بدلا من حله؛ و"نخفف بخطوات اقتصادية، نزيد للمرة الألف مجال الصيد في القطاع، نضيف تصاريح عمل" والمزيد من هنا وهناك. هذا ايضا نوع من التجاهل للواقع: فمسيرة سياسية وخلق أفق سياسي لجيراننا فقط يمكنهما أن يمنعا تعاظم الموجة التي لن توقفها أي حملة عسكرية.
حان الوقت لان يعود الموضوع السياسي إلى المكان المهم في حملة الانتخابات.
كل مواطن يقف أمام صندوق الاقتراع سيحسم إذا كان يريد دولة ثنائية القومية – دولة تؤدي إلى فقدان الأغلبية اليهودية في الدولة، وفقدان النظام الديمقراطي، وخلق نوع من دولة أبرتهايد. ناهيك عن حقيقة أننا سنضطر لندفع من جيبنا الشخصي احتياجات بضعة ملايين من الفلسطينيين.
أنا على وعي بالموقف الذي يعتقد بانه "لا يوجد من يمكن الحديث معه" و"لا يوجد شريك". من تجربتي، عندما يكون هناك شريك إسرائيلي، "يوجد ما يمكن الحديث فيه" وعندها على الفور "يوجد أيضا من يمكن الحديث معه". على مدى السنين كان المفهوم السائد والهدام هو أنه لا يوجد من يمكن الحديث معه في الجبهة الجنوبية. نهج كلفنا حياة آلاف الجنود. بعد أن دفعنا الثمن الرهيب تبين أن "اللاشريك" المصري أمس اصبح شريك الغد ووقعنا على اتفاق سلام يصمد منذ نحو 40 سنة.
إن إعادة الموضوع السياسي الأمني إلى مركز الساحة السياسية هي خطوة صائبة، وكلي أمل بان تخويفات معارضي التسوية السياسية لن تفزع رئيس الوزراء وشركاءه من الوسط ومن اليسار. اختبار رئيس الوزراء ليس في الإعراب عن المواقف بل في تحقيقها. الآن هو الوقت الذي أعرب فيه وزير الدفاع بيني غانتس عن موقفه في هذا الشأن بعد أن اعرب شريكه، غادي آيزنكوت، عن موقف واضح من حل الدولتين.
منذ العام 2001 قال وزير الخارجية في حينه، شمعون بيريس، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة إن الأغلبية في إسرائيل تفهم بان الحل الأفضل للنزاع هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، فيما تعيش الدولتان بسلام، بأمن، وباحترام متبادل.

عن "معاريف"