إسـرائـيـل عـلـى أعـتـاب «حـمـلـة واسـعـة» فـي جـنـيـن

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل



بذلوا في الحكومة وفي الجيش وفي "الشاباك" جهوداً واضحة للتأكيد على أن الذهاب إلى عملية الاعتقالات صباح أول من أمس في مخيم جنين للاجئين استند إلى تحذير مركز وفوري.
في العملية قتل أربعة فلسطينيين، من بينهم المطلوبان المسلحان اللذان أُرسلت القوة من أجل اعتقالهما. هذه هي الحادثة الأصعب، التي وقعت في الضفة الغربية، مؤخرا. استمرار الاحتكاك العنيف يهدد بجر الجيش الإسرائيلي إلى عملية أوسع في جنين، حتى قبل انتخابات الكنيست في 1 تشرين الثاني، رغم عدم رغبة الحكومة بعملية كهذه.
حسب رأي "الشاباك" فإن هذين المطلوبين كانا متورطين، مؤخراً، في عدة عمليات إطلاق نار، أطلقوا النار فيها على جرافة تابعة لوزارة الدفاع قرب جدار الفصل في شمال جنين صباح 13 أيلول (في الليلة التي قتل فيها ضابط الناحل، الرائد بار بيلح، ومسلحان فلسطينيان في حادثة أخرى على حاجز الجلمة المجاور).
كان معروفا للاستخبارات الإسرائيلية أنهما كانا مسلحين برشاشات وعبوات ناسفة، وأنهما يخططان لتنفيذ عملية في الأيام القريبة القادمة. كانت هذه الخلفية لمحاولة اعتقالهما على الفور، حتى بصورة استثنائية في وضح النهار، منذ اللحظة التي تم فيها تلقي مؤشر على مكان وجودهما. أحد المطلوبين كان شقيق "المخرب" الذي قتل ثلاثة شبان إسرائيليين في العملية التي حدثت في شارع ديزنغوف في تل أبيب في نيسان الماضي.
عندما اقترب مستعربو حرس الحدود من الشقة التي كانا فيها تم تفجير عبوات ناسفة ضدهم. قُتل المسلحان الفلسطينيان أثناء تبادل إطلاق النار. وقتل أيضا فلسطينيان آخران أثناء مغادرة قوات حرس الحدود والجيش للمخيم. احد القتلى، رجل المخابرات الفلسطينية، ـطلقت النار من بعيد على رأسه من قبل قناص في حرس الحدود عندما أطلق النار على القوات. الإصابة موثقة في فيلم نشر أول من أمس.
تحدث أحداث مشابهة كل أسبوع في جنين، منذ استأنف الجيش عمليات الاعتقال في المخيم في آذار الماضي. تم دخول القوات بمعرفة واضحة أنهم سيواجهون بالنيران من جانب المطلوبين الذين جاؤوا لاعتقالهم ومن جانب مسلحين آخرين سيعملون في المحيط أو كليهما معا. في حالة وجود تحذير واضح عن تنفيذ عملية وشيكة لا يكون هناك أي تردد بشأن العمل.
تتعلق علامات التساؤل بأحداث أخرى مثل رسم خرائط لبيوت عائلات "مخربين" قبل هدمها أو هدم البيوت نفسها، فمن غير الواضح لماذا من الملح القيام بذلك في هذه الظروف.
الواضح هو أن الاحتكاكات في المدينة وفي المخيم انحرفت إلى الشوارع، حيث تخرج خلايا مسلحة من جنين من اجل البحث عن سيارات عسكرية ومدنيين وإطلاق النار عليهم.
عملية مشابهة تحدث في نابلس، هناك يعمل تنظيم محلي كبير هو "عرين الأسود"، والذي يتمرد أعضاؤه على السلطة الفلسطينية، لكنهم يرفضون أيضا قبول سلطة "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
في بداية الشهر وجه رئيس الأركان، أفيف كوخافي، ورئيس "الشاباك"، رونين بار، الانتقاد لعجز الأجهزة الأمنية الفلسطينية في شمال الضفة. في جنين من الواضح لإسرائيل أن الأمر لا أمل فيه.
تقف أمام إسرائيل الآن ثلاث طرق عمل: القيام بضبط كبير لعمليات الاعتقال في جنين، كما تريد السلطة الفلسطينية، والتركيز على الحالات التي يدور فيها الحديث عن "قنبلة موقوتة" بشكل واضح؛ واستمرار النشاطات ضمن الإطار الحالي مع تجنب المكوث طويلا للقوات؛ أو القيام بعملية أطول تتركز في جنين ومحيطها، ينضم إليها عدد كبير من الوحدات يمكن أن تستمر دون موعد نهاية ظاهر للعيان. تفضل الحكومة الخيار الثاني، لكن حتى عملية دموية واحدة في شوارع الضفة أو داخل حدود الخط الأخضر يمكن أن تدفعها إلى الخيار الثالث.
يجب أيضا تذكر الحساسية الإسرائيلية المتزايدة للخسائر العسكرية في هذه العمليات.
في الأسابيع الأخيرة تتم مهاجمة الحكومة والجيش بسبب تعريض حياة المقاتلين للخطر في عمليات داخل المناطق المأهولة بصورة كثيفة، وتسمع طلبات لاستخدام الطائرات المسيرة الهجومية بدلا من ذلك. في أعقاب الضغوط أصبحت المسيرات الآن مشغلة ضمن هذه العمليات في موازاة القوات. ولكن حتى الآن هي لم تستخدم. في الخلفية يجدر الانتباه إلى العلاقة بين جنين وغزة، التي أدت في بداية آب إلى عملية عسكرية قصيرة في القطاع، "بزوغ الفجر"، في أعقاب اعتقال استثنائي قام به الجيش في جنين. المزيد من القتلى في جنين، خاصة إذا كانوا من نشطاء "الجهاد"، من شأنه أن يدفعه إلى إطلاق صلية تأييد من الصواريخ من القطاع. أول من أمس مرت 22 سنة على زيارة رئيس المعارضة، أرئيل شارون، إلى الحرم. اليوم (أمس) يتم إحياء – إذا كان هناك أحد يتذكر ذلك – الذكرى السنوية لاندلاع الانتفاضة الثانية. أمور كثيرة تغيرت منذ ذلك الحين بين إسرائيل والفلسطينيين؛ ويبدو أنه ما زالت هناك أمور كثيرة بقيت بالضبط على حالها.

عن "هآرتس"