دعت اللجنة المركزية لحركة «فتح» الى تحويل خطاب الرئيس في الأمم المتحدة الى «خطة عمل» وذلك خلال اجتماع لها برئاسة ابو مازن، كما اكدت التزامها بانجاح جهود الجزائر لتحقيق المصالحة.
هذا كلام صريح وجميل ولكن السؤال ما الذي يمنع ذلك وما هو المطلوب لتحويل الكلام الى فعل؟. الرئيس هو صاحب الخطاب وفتح هي القائدة ، فما هو المطلوب ما دامت القيادة هي صاحبة الكلمة الاولى والاخيرة، ولماذا لا يتم تحويل الخطاب فورا الى خطة عمل والبدء بتنفيذها؟ لقد انهكنا الانقسام وزهقنا من تكرار الكلمات والدعوات بدون تنفيذ.
ولقد طالب الخارجية بضغط حقيقي لمحاكمة قتلة الطفل ريان سليمان، وقال وزير التنمية الاجتماعية ان جرائم الاحتلال بحق اطفالنا لا يمكن السكوت عليها، ولكن ماذا بعد هذه التصريحات وامثالها التي لم يعد احد يستمع اليها او يهتم بها؟ وما هو الذي حدث عمليا بعد اجتماع اللجنة المركزية لحركة «فتح» وما هي القرارات التي اتخذتها وبدأت بتنفيذها فعلا؟ والجواب: لا احد يعرف او لم يتم البدء بتنفيذ اي قرار!!.
ان العالم لا يستمع الا الى لغة القوة والتأثير الحقيقي ونحن نسمع تصريحات كثيرة بدون اية نتائج وآخرها ان البرلمان الاوروبي ناقش الاوضاع الصحية في الضفة والقطاع، كما ان مجلس حقوق الانسان ناقش الحالة في فلسطين والجولان .. وماذا بعد؟ لا شيء بانتظار بيانات اخرى وتصريحات مشابهة. وما لم نتحد وننطلق من موقف داخلي قوي فان احدا لن يستمع الينا او يهتم بنا، ولقد اسمعت لو ناديت حيا!!.
اميركا والتناقضات
يوم الخميس الماضي حذر الناطق باسم الخارجية الامريكية من خطورة ما يجري في الضفة واعرب عن قلق حكومته العميق من احتمال انفجار الوضع، ودعا كل الاطراف الى العمل على التهدئة.
وبعد يومين عاد ليؤكد ان واشنطن تنأى بنفسها عن التدخل المباشر لوقف العنف، وهذا التناقض الامريكي غريب وغير منطقي، لأن من يقلق من احتمال انفجار الوضع يجب ان يتدخل بكل قوة لمنع احتمالات الانفجار ولا ينأى بنفسه عن التدخل.
لكن واشنطن ليست غير منطقية في هذا فقط، ولكن في كل سياساتها المتعلقة بالمنطقة، وهي مثلا تنحاز انحيازا اعمى الى اسرائيل وتتجاهل او تتعامى عن كل الاحتمالات نتيجة هذا الموقف وفي مقدمتها انفجار الشرق الاوسط رغم ما يبدو من موقف هادئ حاليا.
العنف المجتمعي واهمية معالجته
لا يكاد يمر اسبوع دون ان نسمع عن شجار في هذه المنطقة او تلك وان شابا قد قتل او بيوتا قد احرقت، وبعد ذلك تتم «المصالحة» ونعود الى ما نحن عليه بانتظار قتيل آخر او خلاف عائلي كبير جديد.
ان رجال الاصلاح، وهم كثيرون، ورجال الدين وهم اكثر، ووجهاء العشائر الذين هم اكثر واكثر، كلهم مطالبون العمل على تنقية الروح المجتمعية وسيادة السلم الاهلي والتعاون الاجتماعي وذلك يكون بالشرح والتوعية بدل هذه الروح الانفرادية التي يبدو انها المسيطرة على عقلية الكثيرين، لأن العنف المجتمعي خطير واعمق مما يبدو وقد يؤدي الى اضعاف الروح الاجتماعية والتعاون الانساني المطلوب، خاصة ونحن في مواجهة تحديات كثيرة من الاحتلال بكل ممارساته.