هارتس : جيش مطاردة الأطفال ..

حجم الخط

بقلم: هاجر شيزاف

 



أمام بيت ريان سليمان وقف طفل صغير يحمل صورة ريان. "بحثوا عن الأطفال الصغار. دخلوا الشارع، وبحثوا عن الأطفال الصغار"، قال بغضب. في بيت العائلة، التي هي في الحداد، كانت توجد طفلة عمرها 10 سنوات، من أقرباء العائلة، قالت إنها شاهدت الجنود في الشارع من البداية. "ركض الجنود ورائي"، قالت وهي ترتجف. كانت تدور بين نساء العائلة في إحدى غرف البيت وهي تلف نفسها بعلم فلسطيني. والدتها، التي جلست هناك، قالت إن البنات كن يتواجدن في بيت عائلة سليمان، وإن الجنود دخلوا إلى البيت، وأطلعوها على نص بالعربية كتب فيه أن هناك أطفالاً يرشقون الحجارة، وأنهم يبحثون عنهم.
قاومت دخولهم وقالت إنه يوجد نساء في البيت فقط. هم دخلوا وفتشوا لمدة عشر دقائق. وكانوا يحملون البنادق، وبدأت الطفلة تبكي من الخوف، قالت.
توفي ريان سليمان، الذي كان سيحتفل في هذا الشهر بعيد ميلاده الثامن، الأسبوع الماضي، أثناء اقتحام الجنود قرية تقوع، حيث كانوا يبحثون عن أطفال حسب أقوالهم قاموا برشق الحجارة.
وجده والده مستلقياً على بطنه، ويداه ممدودتان في الساحة الخلفية للبيت. لا أحد شاهد اللحظة التي انهار فيها.
وحسب أقوال عائلته كان في حالة صحية جيدة، ولكن قلبه توقف بسبب الخوف الذي شعر به عندما وصل الجنود إلى البيت. حسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن سبب الوفاة هو توقف القلب.
وحسب أقوال الدكتور محمد إسماعيل، الخبير في طب الأطفال، كان الطفل بحالة صحية جيدة، ولم تكن لديه مشكلات صحية. لم يصل تقرير تحليل الجثة حتى الآن إلى العائلة، لكن في الوقت الذي لا تزال فيه الظروف لم تتضح كليا فإن موته يطرح حقيقة واحدة واضحة وهي أن الأطفال الفلسطينيين يعيشون في وضع يبعث على الذعر، حيث اقتحام الجيش بيوتهم وتواجده في شوارعهم وقرب مدارسهم أمر روتيني.
ياسر سليمان، والد ريان، قال إن ابنه عاد يوم الخميس من مدرسة القرية، حيث يتعلم في الصف الثاني، بعد أن جرت فيه إفطارا جماعيا واحتفالية لأولاد الصف. "كان مسروراً"، قال الأب. بعد دقائق، تقريبا في الحادية عشرة ظهرا، سمع ياسر ابنه وهو يصرخ في الوقت الذي كان فيه يقف على نافذة صالون البيت في الطابق الثاني المطل على الشارع. "صرخ بأن الجيش يطارد الأطفال"، قال. وأضاف ياسر إنه وصل إلى النافذة التي كان ابنه يقف عليها وشاهد ثلاثة جنود وهم يطرقون على أبواب بيوت الجيران، حيث الكثيرون منهم ليسوا من أبناء عائلته، ودخلوا بعض هذه البيوت. وسمع جندي يصرخ على شقيقته التي كانت تعيش في بيت مجاور.
عندما طرق الجنود باب بيته نزل ياسر إليهم. "قال الجنود إنهم يريدون أن ينزل أولادي، وإنهم هم الذين رشقوا الحجارة في الشارع"، قال. وحسب أقوال الأب قال للجندي إن أولاده لم يقوموا برشق الحجارة. ووصفه الجندي بالكذاب. قام باستدعاء أولاده خالد وعلي، 12 و11 عاماً، ونزل الأولاد إلى أسفل.
حسب قوله قام الجنود باستجواب الأولاد مدة عشر دقائق في ساحة البيت في الخارج واتهموهم برشق الحجارة. وعندما قال الأولاد إنهم لم يرشقوا الحجارة، صمم الجنود على أنهم هم الذين فعلوا ذلك.
بعد مغادرة الجنود خرج الأب من بيته وذهب إلى بيت شقيقته ليعرف ما الذي حدث هناك.
وأثناء تواجده هناك استدعته إحدى الجارات وقالت له إن ابنه مرمي على الأرض قرب البوابة الخلفية للبيت.
وصل إلى هناك بسرعة. "رأيت ريان وهو ملقى على وجهه. حملته بين يدي ولم أشعر بنبضه. صرخت من أجل إحضار سيارة. قمنا برش الماء على وجهه ولكنه لم يتحرك".
قاموا بنقله إلى العيادة المحلية ومن هناك إلى المستشفى، حيث تقررت هناك وفاته.
"في الطريق شاهدنا الجنود. توقفنا وقلت لهم إن ذلك حدث بسببهم. صرخ أحد الجنود علي وأشار لي بيديه بأن هذا لا يتعلق به"، قال الأب.
حسب أقوال ياسر، لم يشاهد أحد اللحظة التي انهار فيها ابنه. ولا أحد يعرف إذا كان تواجد جنود في المكان عند حدوث ذلك. وقال أيضا إنه غير متأكد في أي مرحلة نزل ريان إلى الساحة. ما يعرفه بوضوح هو أن ابنه خاف من الجيش. "بسبب الخوف أصبح شهيداً"، قال. "قبل بضعة أسابيع استيقظ ريان في الليل عندما دخل الجيش إلى الحي. جاء إلى عندي وأيقظني وقال "أبي، الجيش هنا"، تذكر. وقد حضر الجنازة أبناء صف ريان والمعلمات. "كان يحب المدرسة والكتب والرياضة والكتابة جدا. لا أصدق حتى الآن أنه غير موجود. أعتقد أنني سأنزل إلى الطابق السفلي وسأجده فيه، في البيت". غرفة نوم ريان هي غرفة عادية جدا، الحيطان فيها مكشوفة، توجد فيها ثلاثة أسرة لريان وخالد وعلي. قال الأب إن إخوته أيضا لا يستوعبون ولا يدركون بعد أن شقيقهم لن يعود".
على سور البيت تم تعليق صورة ريان. وفي الساحة الخلفية حيث وجده والده جلست والدته تبكي في وسط الكثير من النساء. إحدى النساء، نادية معلمة التكنولوجيا في المدرسة التي كان يتعلم فيها ريان وإخوته، قالت إن "وجود الجنود يملي شكل حياة أولاد المدرسة. كل يوم الشعور هو أنه يمكن أن يحدث أمر ما. خوف الأولاد أمر يومي"، قالت. توجد المدرسة على الشارع الرئيس. وحسب قولها فإن تواجد الجنود والسيارات العسكرية قرب المدرسة أمر عادي. "الجيش موجود هناك في النهار وفي الليل". وحسب قولها "يتناوب المعلمون للحراسة من أجل التأكد بأن آخر الأولاد قد غادر إلى البيت. حتى أن بعضهم يرافقون الطلاب في مقطع من الطريق خوفا من الجيش. أحيانا أثناء التعليم يمر الجنود أمام نوافذ المدرسة ويوجهون إشارات للطلاب. أيضا في المدرسة هم لا يشعرون بالأمان"، أضافت. نداء نفسها أم لطفل يتعلم في المدرسة. وحسب قولها فإن موت ريان أثر بشكل عميق عليه. "هو لا يريد العودة إلى المدرسة، ولم يأكل أي شيء منذ ذلك الحين. وهو يقول لي: أمي، إذا ذهبت إلى الدراسة فسأموت". اليوم (أمس) هو اليوم الأول الذي يعود فيه طلاب المدرسة، من بينهم إخوة ريان، إلى المدرسة بعد موته. "هذا سيكون يوما صعبا، كثير من الطلاب قالوا إنهم لا يريدون المجيء"، قالت نداء.
وجاء من الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بأنه "يوم الخميس الماضي قام عدد من المشبوهين برشق الحجارة على المدنيين في محور حركة رئيس قرب قرية تقوع في منطقة اللواء القطري عصيون. بحث جنود الجيش عن المشبوهين الذين هربوا إلى داخل القرية. وأثناء التفتيش لم تكن أي مواجهات، ولم يتم استخدام السلاح أو وسائل تفريق التظاهرات. من الفحص الأولي تبين أنه لم يتم العثور على أي صلة بين موت القاصر وبين نشاطات الجيش في المنطقة. ظروف وفاة القاصر يتم فحصها".

عن "هآرتس"