والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن

تحليل: ظاهرة العميد المتقاعد "فتحي خازم".. هل تمتد إلى عناصر وضباط الأجهزة الأمنية؟!

فتحي خازم
حجم الخط

جنين - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

في غضون خمسة أشهر، صعد نجم العميد المتقاعد في السلطة الفلسطينية، فتحي خازم، بعد تنفيذ نجله رعد عملية ديزنغوف في تل أبيب، ورفض والده تسليم نفسه للاحتلال بعد خطابه الذي حيا فيه العملية الفدائية التي نفذها رعد؛ الأمر الذي فرض عليه أنّ يكون مُطاردًا للاحتلال الإسرائيلي؛ وقد زادت شعبيته خلال الأسبوع الأخير بعد استشهاد ابنه الثاني عبد الرحمن خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في مخيم جنين، حتى أنّ صوره تم تعليقها على أبراج غزّة.

وسائل الإعلام "الإسرائيلية" أفردت مساحات من التغطية الإعلامية للحديث عن شعبية الرجل وتأثيره شعبيًا على المقاتلين في الضفة الغربية؛ والربط بين خطابه التعبوي ومشاركة أبناء الأجهزة الأمنية في المواجهة ضد قوات الاحتلال أثناء اقتحامها لمدن وبلدات الضفة الغربية.

ما سبق يطرح تساؤلات حول إمكانية أنّ يُصبح "فتحى خازم" ظاهرة تمتد إلى داخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وأنّ تتمرد الأجهزة الأمنية؛ خاصةً المتوسطة والدنيا على كافة الاتفاقات المعمول بها.

عقيدة الأجهزة الأمنية ضد الاحتلال

بدوره، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أنَّ "النسبة الأكبر من الشهداء الذين سقطوا في الانتفاضة الثانية هم من أبناء الأجهزة الأمنية؛ وذلك وفقًا لإحصاءات رسمية فلسطينية"، مُضيفاً: "جزء كبير من العمليات التي وقعت مُؤخرًا نفذها أفراد وعناصر من الأجهزة الأمنية".

واستبعد الهندي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، تمرد أبناء الأجهزة الأمنية على قياداتها؛ لأنَّ عقيدة هذه الأجهزة لا يوجد بها ما يدعو للمحافظة على السلام مع الاحتلال أو على الاتفاقيات الأمنية؛ وبالتالي الرسالة التي تُحاول الأجهزة الأمنية نقلها للناس هي الحفاظ على أمن الناس، وأنّهم ليسوا جزءًا من منظومة تضعها "إسرائيل" وهذه هى النظرية الناجحة في الضفة الغربية.

وقال: "إنَّ الأجهزة الأمنية لا تمتلك الأدوات لنقل الصورة الصحيحة عنها للإعلام الخارجي، لكِن نظرتها للاحتلال لا تختلف عن نظرة أيّ مقاوم"، لافتاً إلى أنّ "دايتون" حينا قام بالإشراف على تدريب عناصر الأجهزة الأمنية تم توجيه سؤل له عن تقيمه النهائي للموضوع، فكان رده "لا تتوقعوا أنّنا نقوم بتدريب أشخاص سيحافظون على أمن إسرائيل، إذا لم يكن هناك حل سياسي قائم على دولتين لشعبين، فأعتقد أنَّ النتائج ستكون عكسية؛ وبالتالي ليس غريباً على المجتمع الفلسطيني أنّ يكون الابن شهيد والأب مناضل أو العكس صحيح".

وأضاف: "إنَّ الأجهزة الأمنية تُدرك أنّه ما لم يتوفر حل سياسي يؤدي لقيام دولة فلسطينية سيكون لها دور عاجز في إدارة الشؤون الفلسطينية بشكلٍ أو بآخر"، مُشيراً إلى أنَّ الكثير من عمليات مواجهة النشاطات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي يُشارك بها أبناء الأجهزة الأمنية دون ارتداء الزي العسكري.

المطارد أبو رعد

وأكمل: "فيما يتعلق بظاهرة الوالد فتحى خازم، فكثير من المناضلين الذين لهم أبناء إما شهداء أو أسرى أو جرحى؛ وبالتالي محاولة إسرائيل إضفاء نوع من الخصوصية على ظاهرة والد الشهداء من مخيم جنين الهدف منها إعطاء شرعية لاغتياله، علماً بأنَّ الرجل لم يُسجل في تاريخه أنّه قام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل؛ لكِن في نهاية المطاف فإنَّ إسرائيل تُحارب الجنازات وتضغط على أهالي الشهداء الذين نفذوا عمليات ضد الاحتلال من أجل استنكار أعمال أبنائهم".

واعتقد أنَّ "إسرائيل" اتخذت قراراً بشكلٍ مُسبق بإعدام والد شهداء مخيم جنين؛ وبالتالي هذه السياسية لا تختلف عن السياسيات العامةفي "إسرائيل" والتي تدعو لقتل الفلسطينيين بدون أيّ سبب.

وأكّد الهندي، على أنَّ العدوان "الإسرائيلي" الشامل هدفه قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين لتحقيق هدفين أساسيات: "الأول هو عدم اندلاع انتفاضة شعبية؛ لأنَّ الانتفاضات تدفع فيها إٍسرائيل ثمناً سياسياً، وأحداث عام 2021 ليست بعيدة عنا، والثاني هو دفع الفلسطينيين للتسليم بالسياسات الإسرائيلية القائمة على تحويل الفلسطينيين إلى عبيد في دولة إسرائيل".

أبو رعد.. نمط مختلف من القيادات

من جهته، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أنَّ "والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن خازم، تحول إلى أيقونة تُمثل المقاومة والتضحية والصلابة في مواجهة الاحتلال بما يمتلك من خطاب وطني جامع"، مُضيفاً: "كل المواصفات سابقة الذكر زادت من الالتفاف الشعبي حوله وأصبح مُلهماً لكثير من المواطنين".

وقال منصور، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ المواصفات التي يمتلكها والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن خازم، تُعطيه دور ميداني بين المقاتلين"؛ مُستدركاً: "لكِن كل ذلك يجعله هدفاً للاحتلال".

واستبعد أنّ يكون لخطاب وشخصية العميد المتقاعد فتحي خازم، دور على الأجهزة الأمنية وقياداتها؛ لأنّه قبل استشهاد نجله رعد لم يكن يعلم أحد به، لكِن ما حدث كان مفروضاً عليه بعد تنفيذ رعد العملية الفدائية، حيث طلب منه الاحتلال تسليم نفسه ورفض الانصياع له، وبالتالي تحول إلى مُطارد وكل هذه العوامل أعطته هذه المكانة الشعبية.

وختم منصور حديثه، بالقول: "إنَّ شخصية أبو رعد، استجابة لرمز المقاومة في الميدان؛ خاصةً في شمال الضفة الغربية، الأمر الذي جعله يملأ الفراغ؛ خاصةً في ظل شخصيات متورطة في التطبيع والفساد وسقف الخطاب المنخفض".