كشف أرشيف جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عن وثائق أمنية وعسكرية خاصة تتعلق بالمداولات التي سبقت اندلاع الحرب، والدور الخطير الذي لعبه أشرف مروان، الذي عمل لصالح جهاز الموساد، في تسريب أسرار عسكرية لمشغليه عن قرب شنّ مصر وسوريا حربًا على "إسرائيل".
وقال الخبير الأمني يوسي ميلمان: "إنّ البروتوكول الكامل للاجتماع الذي جمع أشرف مروان حامل لقب "الملاك" ومشغله "دوبي" مع رئيس الموساد تسفي زامير ليلة 5-6 أكتوبر 1973، وما تضمنه من تحذير كامل بشأن استعداد الجيشين المصري والسوري لشن هجوم على "إسرائيل" مساء السادس من أكتوبر 1973".
وأضاف في تغريدات نشرها على حسابه في "تويتر": "أنّ جميع الأدلة التي قدمها مروان دلّت على أن الحرب على وشك الاندلاع بالفعل، وورد فيها أنّ موعدها قرره الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وبدا أن المنظومة العسكرية بالكامل للقوات المسلحة تشير بأن الحرب على وشك أن تندلع، ويظهر اسم أشرف مروان صراحة في هذه البرقيات".
وكشف ران أدليست الكاتب في صحيفة "معاريف"، بعضًا من الوثائق السرية التي قرر جيش الاحتلال رفع الرقابة عنها، وجاء فيها أنه "في أبريل 1973 حذر جاسوس الموساد أشرف مروان من حرب كانت على وشك الاندلاع في ذلك الشهر، لكن إيلي زعيرا رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية- أمان، تجاهل تحذيراته".
وتابع: "في منتصف ليلة الخميس 4 أكتوبر، وجه أشرف مروان تحذيرًا حاسمًا بشأن الحرب، حيث طار رئيس الموساد تسفي زامير إلى لندن على الفور عشية يوم الغفران للتحدث شخصياً مع "كبير الجواسيس"، وفي اجتماعهم في لندن، سعى زامير لفهم جوهر التحذير، فأبلغه مروان أن "هذه هي الحرب"، سأله زامير متى، فأجاب مروان: "وقت غروب الشمس، آخر ضوء، غدًا".
ليست المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن الدور الخطير الذي لعبه أشرف مروان في تحذير الاحتلال الإسرائيلي من حرب وشيكة، وهو المقرب من الرئيس المصري آنذاك أنور السادات، وصهر الرئيس السابق جمال عبد الناصر، ويلقب بـ"الملاك"، وقد تضمن تحذيره تقديمه اقتراحًا لكيفية منع الحرب بالكامل، ويبدو الكشف عن هذه الوثائق أمرا غريبا ونادر الحدوث نسبيا، لأن وثائق وكالة التجسس تظل عادة سرية حتى بعد عقود عديدة من كتابتها.
في الوقت ذاته، تُظهر النصوص المكشوف عنها جنرالات الجيش الإسرائيلي الذين أشاروا إلى أن المصريين والسوريين، الذين يحركون القوات قرب الحدود، كانوا قادرين على الهجوم في وقت قصير جدا، ورغم ذلك، أصرّ رئيس الاستخبارات العسكرية آنذاك، إيلي زعيرا، أن فرصهما في شن هجوم منسق أقل من منخفضة، ولذلك فقد تلقى نصيب الأسد من اللوم لأن الجيش فوجئ في الهجوم، مع العلم أن مروان اتصل في الستينيات بالموساد، وقدم خدماته كمساعد، الذي منحه الاسم الرمزي "الملاك".
مع العلم أنه في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر الأربعاء 27 يونيو 2007، سقط مروان من شرفة منزله في حي راق بالعاصمة البريطانية لندن ليفارق الحياة عن 63 عاما.
ومقابل الرواية الإسرائيلية عن أشرف مروان، تظهر الرواية المصرية التي تجلت في تشييع جنازته الرسمية بالقاهرة في يوليو 2007، بحضور رسمي من كبار رجال الدولة، تقدمهم جمال نجل الرئيس الراحل حسني مبارك، وشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي.
مع العلم أنّ الرئيس مبارك ذاته وصفه بأنه كان وطنيا مخلصا، وقام بالعديد من الأعمال الوطنية التي لم يحن الوقت للكشف عنها، وذكرت وسائل إعلام مصرية أنه لعب دورًا بمساعدة السادات في الحصول على السلاح استعدادا لحرب 1973 ضد "إسرائيل"، واتهمت أسرته جهاز الموساد بقتله لدوره في خداع "إسرائيل" خلال الحرب، وتقديم معلومات مضللة لهم.