بايدن يأمر ولبيد ينفذ ولا شأن لـ”حزب الله” ولا وقت للفلسطينيين.. والأهم “شتاء أوروبا”

حجم الخط

بقلم: ألوف بن

في 31 آب، تحدث رئيس الحكومة يئير لبيد، هاتفياً مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. وفي نهاية المحادثة، وزع مكتب الرئيس الأمريكي ومكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي بيانين على وسائل الإعلام كالعادة، لكن بصياغة مختلفة. اختبأت في بيان البيت الأبيض قصة غابت عن البيان الإسرائيلي: “أكد الرئيس أهمية استكمال المفاوضات على الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان في الأسابيع القريبة القادمة”. وبالعبرية البسيطة، قال بايدن للبيد بأنه مل التأجيل، وسيرسل مبعوثه هوكستاين إلى المنطقة لاستكمال الاتفاق والتمكين من تطوير حقوق حقل الغاز الإسرائيلي كاريش، وحقل قانا اللبناني.

لم يكن هنا استسلام إسرائيلي لـ”حزب الله”، كما قال رئيس المعارضة نتنياهو، بل استجابة لطلب البيت الأبيض. ما العمل، هذه هي شبكة العلاقات بين دولة عظمى ودولة حماية صغيرة تعتمد على الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي للدولة العظمى.

فهم لبيد أنه سيدفع ثمناً سياسياً في الجولة الانتخابية إذا استجاب للأمريكيين. لذلك، حاول إخفاء القصة وحافظ على مسافة منها. تم عرض المفاوضات على الحدود البحرية في إسرائيل كأمر تقني، ستتم تسويته بين موظفين ودبلوماسيين من مستوى متوسط، وليس كاتفاق تاريخي مع دولة معادية، حتى بشكل غير مباشر. انتقاد نتنياهو دفع لبيد ووزير الدفاع بني غانتس إلى الزاوية، اللذين أعلنا عن تأييدهما لاتفاق الحدود البحرية بدون إعداد الرأي العام له.

 وقال مصدر رفيع في الحكومة إن بايدن أبلغ لبيد وبحق أنه يجب إنهاء المفاوضات، وأن رئيس الحكومة استجاب له، بل وطلب منه تسريع وتيرة المحادثات وإرسال هوكشتاين إلى المنطقة في أقرب وقت. بعد أسبوعين، تكررت الرسالة نفسها من رئيس مجلس الأمن القومي، أيال حولتا، في اللقاء مع مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جايك ساليبان. حسب أقوال هذا المصدر، سافر هوكشتاين إلى بيروت، ودعاه لبيد للعودة إلى بيته من أجل المضي بالخطة.

لبيد طلب الإسراع، حسب المصدر الرفيع، لأسباب: إعلان “انيرجيان”، الحاصلة على امتياز استخراج الغاز في حقل كاريش، عن بدء الإنتاج في نهاية تشرين الأول؛ وبسبب انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشيل عون في نفس الفترة؛ والخوف من ألا يكون هناك من يتم عقد الاتفاق معه في غيابه. “لبيد يعتبر الاتفاق إنجازاً استراتيجياً كبيراً للحكومة”، قال المصدر الرفيع. “هذا يجعل نتنياهو يصاب بالجنون”. لمإذا قام لبيد بإخفاء طلب بايدن استكمال الاتفاق؟ كي لا يظهر الضعف أمام اللبنانيين. شرح المصدر الرفيع.

إن تدخل بايدن الشخصي في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتحادث مع لبيد وإرسال الوسيط هوكشتاين في رحلات مكوكية بين القدس وبيروت، يبرز خلفية انسحابه من الدفع قدماً بعمليات السلام بين إسرائيل وجاراتها. حتى إدارة ترامب دفعت قدماً بـ “صفقة القرن” لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوسط في التوصل إلى “اتفاقات إبراهيم” بين إسرائيل، والإمارات والبحرين والمغرب والسودان. لا يريد بايدن تبذير الوقت والسمعة السياسية على خطوات عقيمة، ولا احتمالية لها بين إسرائيل والفلسطينيين. ولكنه وجد الوقت لمعالجة توزيع الغاز بين إسرائيل ولبنان.

ليس من الصعب تخمين دوافعه. فبايدن يريد إبقاء دول الغرب موحدة إلى جانب أوكرانيا في حربها مع روسيا. وهو يخشى من كسر حلفائه الأوروبيين تحت ضغط روسيا، عندما يتجمد المواطنون من البرد في ظل غياب الغاز من أنبوب “نورد ستريم” المشلول. كل إضافة من النفط أو الغاز للسوق العالمية ستعطي هامش تنفس سياسي للأمريكيين، الذي ستتم ترجمته كمساعدة عسكرية لأوكرانيا.

هذا هو سبب إصرار بايدن على الاتفاق النووي، الذي كان سيؤدي إلى رفع العقوبات وزيادة تصدير الطاقة من إيران، وهذا هو سبب زيارة بايدن لإسرائيل والسعودية في تموز. وهذا أيضاً هو السبب في لجوء بايدن إلى الضغط لاستكمال الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، الذي سيمكن من استخراج الغاز في شرق البحر المتوسط. من الواضح أن الخزانات هنا لن تشبع جوع أوروبا للطاقة، بخاصة على الفور. ولكن تطويرها سيعطي علامات إيجابية للسوق التي أصبحت عصبية.

إسرائيل بحاجة إلى دعم أمريكا في جبهاتها الأساسية، أمام الفلسطينيين وأمام إيران. في المقابل، عليها فعل ما يريدونه منها في جبهات أخرى. وكما قال المدير العام لوزارة الدفاع امير ايشل، في مقابلة مع “معاريف”، حول العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على شركات السايبر الإسرائيلية: “عندما يقرر الأمريكيون، فليس لإسرائيل قدرة على تغيير ذلك. وهذا هو سبب استجابة لبيد لبايدن. وحتى إنه قد وقف على رأس من يدفعون نحو الاتفاق، رغم أنه حاول في البداية إخفاء طلب الرئيس.

 

هآرتس