سقـــوط نتنـيـــاهـــو يبـــــدو حتـمــيّــــاً

20151503204539
حجم الخط

جولة المقابلات التي منحها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على مدى الاسبوع الماضي شهدت على وضعه كألف شاهد. فقبل يومين من انتخابات الكنيست، بدا نتنياهو في حالة ضغط، ثائر الاعصاب، تعبا ومشوشا. وكالطيار الذي فقد الارتفاع ودخل في حالة اضطراب، يحاول بقواة الاخيرة السيطرة على الطائرة. ولكن حسب استطلاعات الانتخابات الاخيرة يوم الجمعة على الاقل، فان تحطمه على ارض الواقع يبدو محتما.
لقد اجريت مع نتنياهو في الاسبوع الاخير مقابلات صحافية اكثر مما اجري معه في كل السنوات الست الاخيرة في المنصب، وكان يبدو أنه لا يمكن اشعال المذياع او التلفاز دون سماعه أو مشاهدته. 
وفي مرحلة معينة بدا أن نتنياهو نفسه لم يتذكر مع من يتحدث وعما يتحدث. هكذا مثلا في مقابلة مع اذاعة الجنوب اعلن عن كريه نفسه يئير لبيد كشريك طبيعي في حكومته المستقبلية، وسارع الناطقون بلسان «الليكود» إلى نشر ايضاح بأن المقصود كان افيغدور ليبرمان. 
ما برز أكثر من أي شيء آخر لدى نتنياهو في الايام الاخيرة هو احساس جنون الاضطهاد. فالقصة التي يرويها نتنياهو للجمهور وعلى ما يبدو ايضا لنفسه هي ان هذه ليست الانتخابات الديمقراطية التي بادر هو نفسه لها، بل هي انقلاب تقوم به قوى ظلماء ضد ارادة الناخب الاسرائيلي. وكلما تدهور وضعه في الاستطلاعات اخترع نتنياهو المزيد فالمزيد من النظريات عن المؤامرات التي تحاك ضد. 
وفي مقابلاته الاخيرة وفي التعقيبات في الفيسبوك ادخل نتنياهو نفسه في مجموعة مشكوك فيها من الزعماء مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيس، رئيسة الارجنتين الحالية كريستينا كيرشنلر وغيرهم، ومثلهم، بدا نتنياهو يتحدث عن «جهود عالمية» لإسقاطه من الحكم. 
ان رئيس الوزراء الذي تلقى تبرعات من رجال اعمال اميركيين، اكثر من أي سياسي آخر في تاريخ الدولة، اشتكى من عشرات ملايين الدولارات التي تضخ لجمعيات تعمل على اسقاطه. 
والسياسي الذي هو اكثر من أي سياسي اسرائيلي آخر نبش في السياسة الاميركية وتآمر على الرئيس الاميركي في فترة الانتخابات تباكى على تدخل حكومات اجنبية لصالح خصومه. 
الرجل الذي يمول مال رجل الكازينو صحيفة ذات انتشار وحشي مكرس حصريا للحفاظ على حكمه، ذرف دموع التماسيح على «حملة اعلامية منسقة ومتناغمة» ضده.
في نهاية الاسبوع، في مقابلة مع راديو «كل لحظة» سار نتنياهو شوطا بعيدا حتى اسكندنافيا كي يشير الى المذنبين في التآمر على اسقاطه. وزير الخارجية السويدي السابق، كارل بلديت، تناول بسخرية ذلك في تغريدة في حساب التويتر لديه. فقد كتب: «غريب أن نتنياهو يتهم اسكندنافيا في محاولة اسقاطه، مشكلته الاساسية هي مع ناخبيه».
يعمل نتنياهو بكل سبيل ممكن كي ينزع مقعدا آخر او اثنين من مقترعي «البيت اليهودي» لادراك الفارق المتزايد مع المعسكر الصهيوني. وظهوره المرتقب في مهرجان اليمين هذا المساء (أمس) في ميدان رابين هو جزء من ذلك. 
ففي الايام الاخيرة أجرى غير قليل من المحادثات مع كبار مسؤولي مجلس «يشع» للمستوطنين. واستجدى ان يقدموا له الدعم. وطلب ان يخرجوا الى مدن المحيط كي يخرجوا «الليكوديين» غير المكترثين نحو صناديق الاقتراح وحاول وصف سيناريوهات رعب يقيم فيها اسحق هرتسوغ وتسيبي لفني حكومة فيخليان كل المستوطنات. 
حتى لو نجح نتنياهو في تجنيد مقعد آخر من اليمين، فانه سيجد صعوبة في وقف نزيف المقاعد في اتجاه الوسط. مشكلته الاساسية هي تعزيز قوة موشيه كحلون في الايام الاخيرة. اذا وصل الاخير الى 12 او 13 مقعدا في الثالثة ليلا، فمعنى الامر أن «الليكود» سينزل الى دون مستوى العشرين مقعدا. في مثل هذا الوضع، فان كل ما سيتبقى لنتنياهو هو الاعلان عن انسحابه منذ ليلة العينات، او انتظار كبار رجالات حزبه يتوجهون ضده وينحونه.

عن «هآرتس»