يوم 5 أكتوبر 2022، قررت منظمة "أوبك+" في العاصمة النمساوية فيينا، تخفيض انتاج النفط بمليوني برميل، ما سينعكس إيجابا على سعر البترول عالميا...قرار ربما يدخل موسوعة "الأحداث" المفصلية في التاريخ العالمي، ليس من جهة الاقتصاد رغم أهميته، ولكن لأبعاده السياسية الأمنية المرتبطة بأبعاد أخرى، وتحديدا في علاقات أمريكا مع دول الخليج وخاصة العربية السعودية.
ما قبل قرار منظمة "أوبك+"، حاولت الإدارة الأمريكية ان تمارس شكلا من اشكال "الإرهاب المسبق" لمنع اتخاذ قرار تخفيض الإنتاج، ولكنها فشلت فشلا يمكن اعتباره "صدمة كبرى" لصانع القرار الأمريكي، وبدون انتظار سارعت مختلف مؤسسات الإدارة الأمريكية الى فتح النار، وبلا تفكير في اللغة المستخدمة، ليس ضد المنظمة بذاتها، بل ركزت جوهريا على العربية السعودية والأمير محمد بن سلمان، لتدخل عوامل الحكم بالشخصنة، وكأنه منطق رد "القبيلة"، وليس دولة تدعي بأنها تقوم على أسس الحكم الديمقراطي.
الولايات المتحدة، يبدو أنها لم تقرأ أبدا قواعد السياسية السعودية التي رسمها الحكم الجديد، حيث يلعب به الأمير الشاب بن سلمان، الدور المركزي المستحدث، عندما أشار الى ملامح تلك السياسة "الجديدة" خلال مقابلة مطولة له مع مجلة "أتلانتيك" الأمريكية في مارس 2022، عندما أشار الى مبدأ "المصالح المتبادلة" في العلاقات الدولية، في مختلف المجالات، وانه بلاده مفتوحة على مختلف المحاور، وتحدث عن الصين وروسيا باعتبارها دول صديقة، وليست خصما أو عدوا، ولعله المسؤول السعودي الأول الذي يستخف بموقف رئيس أمريكي من السياسة التي يسير عليها الأمير.
قرار "أوبك+"، أزال "المكياج الطويل" سريعا عن وجه الإدارة الأمريكية نحو العربية السعودية، وبلغة يمكن اعتبارها أقرب لـ "السوقية السياسية"، وتحريض صبياني لا يليق برجال دولة كتلك التي تعتبر أنها "قائدة المعسكر العالمي"، بدأت من سحب القواعد العسكرية الى اتخاذ إجراءات متنوعة ضد السعودية و"الأمير الفخور"، وفجأة بدأت حالة الانتقال من اعتبار المملكة كـ "حليف تاريخي" الى "عدو منتظر".
الحرب الأمريكية على السعودية وبن سلمان دون مختلف الأعضاء في المنظمة التي تضم 22 عضوا، مظهر يكشف سذاجة فريدة في إدارة العلاقات الدولية، وإصرار على "الثقافة الاستعمارية" على أنهم "سي السيد السياسي"، ومن في دائرتهم "عبيد تابعين"، لا حق لهم في "التفكير الذاتي"، ولا البحث عما يمكن أن يكون مصلحة لبلادهم، ولذا لا عليهم سوى تلبية الرغبات "الكاوبوية" التي يعتقد الرئيس الأمريكي انها حق ومبدأ، المساس به يستوجب الرد والرد السريع.
هل ما حدث من قرار للمنظمة النفطية يمثل مفاجأة كما تدعي المؤسسة الأمريكية، ليس صحيحا ابدا، فربط الإنتاج والسعر للبرميل منذ زمن، وألمح له الأمير الشاب بوضوح في تلك المقابلة، أن ذلك سيرتبط بمصالح بلاده والاقتصاد العالمي، وليس لغيره، أي أنه أوقف عمليا محاولة أمريكا "تسييس الإنتاج" ليصبح سلاحا بيد أمريكا في حروبها ضد روسيا والصين، وهو ما عكسته تصريحات المسؤولين السعودية بوضوح كامل بعد القرار، انه اقتصادي فقط.
يبدو أن قرار "أوبك +"، سيصيب حملة الرئيس الأمريكي وحزبه في الانتخابات النصفية بضربة قاتلة، وخسارة متوقعة جدا، فلذا كانت ردة فعل خارج "الديبلوماسية المعتادة"، وصلت الى اعتبار النائب آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي أن "استمرار اعتماد أمريكا على السعودية يشكل تهديدا لأمننا القومي".
فيما دعا الكاتب بوبي غوش في وكالة "بلومبيرغ" الى (ضرب السعودية، وإنهاء "المكانة الخاصة" لها لتصبح بنفس "الحقوق التقليدية" لدولة بروناي، هذه الإجراءات "ستضرب الأمير الفخور" أكثر من تهديد واشنطن الفارغ بالعواقب الوخيمة).
ربما لو قال أي قارئ سياسي أن مسؤول أمريكي بهذا المكانة، سيعتبر السعودية "تهديد للأمن القومي الأمريكي"، كما "روسيا والصين" وغيرها، لأصبح محلا للسخرية التي لن تتوقف، ولكنها في أول "صدام حقيقي" سقط القناع.
أمريكا، بدأت حرب مبكرة وسريعة ضد السعودية، وبالتأكيد معها الإمارات بعد قرار منظمة "أوبك+"، ورغم ان العلاقات الدولية لم تعد مرتبطة بـ "الجبروت الأمريكي"، والتهديد بالقوة الحبرية أو سحب القواعد العسكرية ربما يكون فائدة سياسية – اقتصادية للدول ذاتها، وخسارة استراتيجية لأمريكا، باعتبارها خلاص من بقايا العهد الاستعماري، في ظل التطورات العالمية الجديدة.
أمريكا، التي أصابها هوس عام من قرار أوبك، تتجاهل كليا أن تعمل بكل السبل على عقد "صفقات مع إيران" نووية وغيرها، دون أن ترى في الحضور العربي – الخليجي قيمة لا بد لها ان تكون صاحبة رأي فيما يمس أمنها القومي أيضا..أمريكا لا ترى حقوقا لغيرها بل هي من عليها تحديدها وعلى الكل السمع والطاعة..
السؤال الأهم الذي يطل من بين تلك "الهستيريا الأمريكية"، هل ستذهب أمريكا بايدن الى تطبيق تلك التهديدات..وهل ستبقى عليها أم تلجأ لأساليب إرهابية مضافة تطال داخل المملكة وأميرها بما فيها الخلاص الفردي..ولن تعجز مخابراتها عن ايجاد الذرائع..
وهل ستذهب أجهزتها الاستخبارية الى تقديم تسهيلات خاصة للحوثيين لشن مزيد من "أعمال إرهابية" داخل المملكة، وتلك ليست سابقة جديدة، فتاريخ أمريكا حافل باستخدام قوى تعتبرها "خصما" لها لتنفيذ أجنداتها الخاصة.
بعد قرار "أوبك+" يوم الخامس من أكتوبر 2022 يمكن القول: انتهى الدرس يا غبي.!
ملاحظة: دولة الكيان العنصري عرضت على عائلة الفلسطيني المسن عمر اسعد" كم شيكل..بدل من محاكمة القاتل ومحاسبته لجريمة اعدام صريحة بدها تشتري "الحق بمصاري"..الجريمة تزداد قبحا!
تنويه خاص: شكلها إدارة بايدن بدها تفرض صفقة حل بين الكيان العنصري ولبنان بأي ثمن..المهم تقدم رشوة لبلاد فارس بعد قرار الصفعة الأوبكية...الفرس زي الإخوان مالهمش أمان خالص!