نسـير إلـى صناديــق الاقــتراع كالأغبيــاء!

اسرائيل
حجم الخط
غداً نتوجه إلى صناديق الاقتراع، مع شعور بأننا أغبياء. فأي من المشاكل المشتعلة في اسرائيل لن تحل في هذه الانتخابات. وحتى بعد تشكيل الحكومة القادمة ستستمر مسيرة نشوء الدولة ثنائية القومية التي لا مرد لها، والتي لا تسمح بحياة طبيعية واخلاقية. فالنظامان سيستمران في الوجود هنا، أحدهما الى جانب الآخر. الديمقراطية لليهود، القمع العسكري الطاغي للفلسطينيين المحرومين من حقوق الانسان في «يهودا» و»السامرة». 
وهذه ايضا ستكون حكومة سرعان ما سينفد مفعولها، وقدرتها على الحكم ستكون طفيفة. لقد كفت الانتخابات في اسرائيل عن أن تكون وسيلة لتغيير الواقع، وهي لا تستهدف الا اخلاء المكان لانتخابات اخرى. 
كلما اقتربت المعركة من نهايتها، وبشدة اكبر عندما اتضح عدم جدواها، جرت هنا بالتوازي حملة مكثفة وعدوانية اخرى. الحملة لتشجيع التصويت – المشاركة المدنية الفاعلة. فقدر لا يحصى من البث الدعائي من جهات حكومية وقنوات تلفزيونية تجارية، دعت الاسرائيليين الى تجسيد حقهم في التوجه الى صندوق الاقتراع. وقد عرض التصويت في هذه الانتخابات كعمل يسمح للمواطن الاسرائيلي في التأثير على حاضره ومصيره. مفاعل ايديولوجي باهظ الثمن ومعزز بالقوة شهّر من كل صوب بصورة المتملصين من التصويت، بصفتهم نماذج سلبية، وحفنة خطيرة حقا. يتذمرون، يشتكون ولكنهم يرفضون التشمير عن اكمامهم. ينسحبون من الطائف، ويديرون ظهورهم للجموع.
اعشاب ضارة وعفنة يضعفون الجماعة. أوشوا بهم. نحن نمزح ولكننا ايضا نقول الحقيقة. سندق بابهم. وشرطة التذمر ستحشرهم في الزنزانة ولن تروهم بعد اليوم، كي لا يعدوكم بتعفنهم الروحي. 
لقد تبين أن التآمر الحقيقي الوحيد هو الاعراب عن عدم الثقة بنجاعة الانتخابات – كآلية تسمح للمواطن بصياغة هوية الدولة، وكأداة لتغيير مهم للحكم، بشكل يجد تعبيره في الواقع نفسه. والخوف الكبير، والوحيد في واقع الامر، للمؤسسة السياسية – الاعلامية وللمؤسسات الرسمية هو أن يستيقظ الجمهور ويفهم بأن الانتخابات ليست سوى مباراة افتراضية، لعبة إسرائيلية. 
وتعد الاعلانات التلفزيونية بأن البث عشية الانتخابات سيكون دراماتيكيا ومتوترا، احتفاليا ومثيراً للانطباع.  وقد شبهت يونيت ليفي اللحظة التي ستعرض فيها على المشاهدين مع مينا تسيمح نتائج العينة كقفزة مشتركة تقومان بها. 
فهل توجد تجربة اكثر وتطرفا؟ هل يمكن للمرء أن يشعر بالحيوية اكثر مما يشعر عندما يقفز؟ وهي في واقع الامر تقول ان الانتخابات هي الامر الحقيقي المطلق، الادرينالين يضمن أصالتها. لا تظنوا أن هذا مجرد عرض تلفزيوني، هذا تحد، هذا هو الوجود بكامل عظمته. 
وفي تقرير لداني كوشميرو في شبكة «كيشت» يقول إن النتيجة الجيدة من ناحيته هي النتيجة الواضحة القاطعة، اما انعدام الحسم، الذي هو سيئ للدولة، فجيد للقناة 2. 
ولكن بعد أن نشعر كأننا أغبياء في صناديق الاقتراع، سنشعر كأننا أغبياء امام التلفاز في الساعة العاشرة مساء في 17 آذار. 
من عينة الى عينة، من تحليل إلى تعقيب، من المحظور أن نفوت شيئا. الامر الذي ينبئ بأن شيئا صاخبا يحصل، فيما نعرف جيدا انه في الواقع لا يحصل أي شيء، وبعد ذلك يسود الفراغ. 
هل عدم التصويت هو خيار؟ هل هذا احتجاج سيترك اثرا؟ للاسف يسمح لنا هذا بأن نحافظ على كبريائنا الذاتي، سنعرف على الاقل اننا لم نكن كالدمى المربوطة بالخيط، أغبياء غير واعين بظروف حياتهم السخيفة. ومن جهة اخرى فقد اصبحت الانتخابات طقسا مثل عشاء الفصح. 
شيئا ما يجب المشاركة فيه حتى دون بهجة زائدة، دون الإيمان بأية بركة – ولكن من خلال استمداد بعض الرضى من التقاليد، الاستمرارية، القبلية. عيد انتخابات سعيد.

عن «هآرتس»