حوار الفصائل في الجزائر : هل من جديد في المصالحة ؟!

حجم الخط

بقلم د. عبد القادر فارس

 

 

 تصريحات بعض قادة " حماس " تفشل الحوار قبل أن يبدأ :
من المتوقع أن ينطلق في الجزائر بعد غد ، حوار الفصائل الفلسطينية ، الذي دعت إليه الجزائر ، من أجل المصالحة الفلسطينية ، وإنهاء الانقسام الفلسطيني ،الذي أحدثته حركة " حماس " بالانقلاب ضد السلطة الوطنية الفلسطينية , وعزل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، في انفصال سياسي وجغرافي ، أدى إلى تراجع القضية الفلسطينية ، ووأد المشروع الوطني الفلسطيني ، وتراجع الدعم العربي والدولي لفلسطين , وإيجاد الحجة لإسرائيل ، بمقولة : لا يوجد شريك للسلام في الجانب الفلسطيني .
منذ أول حوار جرى بين طرفي الصراع الفلسطيني ( فتح وحماس ) كما يحلو لبعض المراقبين وصفه ، وهو الحوار الذي جرى في مكة المكرمة برعاية العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز ، والذي لم يصبر لثلاثة أشهر ، وانهار مع وقوع انقلاب حماس في صيف عام 2007 ، ووقوع الانقسام الذي يتجاوز اليوم الستة عشر عاما ، جرت بعد ذلك عدة حوارات في القاهرة وصنعاء والقاهرة وتركيا وغيرها من البلدان , وصولا للاتفاق المشهور عام 2011 في القاهرة ، برعاية المخابرات المصرية ، بوجود كافة الفصائل الفلسطينية الفاعلة على الساحة الفلسطينية ( فصائل منظمة التحرير + حماس والجهاد والمبادرة من خارج المنظمة ) ، والذي باء بالفشل عن التطبيق والبحث في التفاصيل ، ووضع التعديلات والمراجعات من قبل حركة حماس ، ليفشل الاتفاق ، ويتعزز الانقسام ، ورغم المساعي المصرية التي تكفلت أن تكون الراعي الأول لأي حوار للمصالحة والوحدة الوطنية ، إلا أن ذلك لم يفلح بالوصول لنتيجة ايجابية ، لكبح المواقف السلبية لحركة حماس .
اليوم ونحن نقف مع الجزائر في الدعوة الكريمة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، وأمام التصريحات الصادرة عن بعض قادة حماس ، وخاصة من يعبر " حقيقة " عن موقف حماس ، الدكتور محمود الزهار ، بأن أي حوار مع حركة " فتح " ومنظمة التحرير لن يكتب له أي نجاح ، إلا أننا ومن موقع حبنا الشديد للجزائر - التي نتمنى لها النجاح - ولا نريد لها الفشل ، لأن جانبا فلسطينيا لا يريد أي مصالحة ، ووراءه دول إقليمية ذات تأثير على " حماس " تدعم هذا التوجه بإبقاء هذا التشرذم والانقسام الذي لا يخدم سوى مصالح تلك الدول ، والذي هو في نفس الوقت خدمة مجانية لإسرائيل للتغول على الطرفين الفلسطينيين ، مثلما هو جار بالحروب المتتالية في غزة , وعمليات القتل والاستيطان والإجرام في الضفةالغربية .
نحن نعلم تماما موقف الجزائر الرئاسي والحكومي والشعبي من القضية الفلسطينية ، والتي لا زالت تحمل شعار الرئيس الجزائري الراحل هواري بو مدين ( نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة ) فإن الجزائر أمام مهمة كبيرة نتمنى ألا تفشلها حركة حماس مرة جديدة ، فالجزائر غالية علينا ، ولا نريد لها أي انعكاس سلبي على دعمها لفلسطين ، إذا ما فشل الحوار - لا سمح الله - ونحن نعلم قدرة الدبلوماسية الجزائرية في حل كثير من المعضلات والمشاكل العربية والإسلامية والدولية ، ولذلك يجب على المتحاورين أن يكون على قدر المسؤولية ، وتقدير الخطوة الجزائرية ، وهنا يحضرني قول أحد العالرفين الجزائريين بالقضية الفسطينية ، الإعلامي والوزير والدبلوماسي القدير السيد عبد العزيز الرحابي ، في تصريح مغلق أمام الإعلاميين والصحفيين الجزتئريين بدار الصحافة بلجزائر العاصمة ، بعد الانقسام الفلسطيني " إن إنشاء حركة حماس كان أكبر طعنة من الخلف للقضية الفلسطينية " .
في الختام ، آمل أن أكون مخطئا في تصوري هذا ، وأن تكون الجزائر قادرة على إنهاء الانقسام , وعودة الوحدة الفلسطينية ، وأن تغلب حركة حماس مصلحة الشعب الفلسطيني ، على مصالحها الحزبية والشخصية ، لتعود القضية الفلسطينة كقضية عربية أولى ، بعد هذا التراجع الذي نشهده في الساحتين العربية والدولية .