حفاظاً على الإرث والهوية الوطنية، نظَّمت الهيئة الفلسطينية للفنون والتراث مؤتمرها الدولي الخامس في دولة فلسطين، تحت عنوان "الهوية الفلسطينية.. تاريخ وتراث وحضارة"، والذي جاء لتسليط الضوء على الدور النضالي والثقافي للنساء، والإنجازات المحققة في سبيل الحفاظ على الإرث الفلسطيني.
ويستمر دور المرأة النضالي في قطاع غزّة بالمجال الثقافي بأنواعه، حيث كان هنا التحدي الأكبر للشعب الفلسطيني بوجود المرأة الفلسطينية في هذا المجال، فقد تنوعت أساليب المرأة في الدفاع عن القضية الفلسطينية، فترابط المجالات للمرأة يساعدها على زيادة قوتها وقدرتها في التصدي للاحتلال.
خلال ورقة بحثية أعدتها الباحثة ريم فرحات، بيّنت أنّ الدور الثقافي للمرأة برز بقوة في فترة انتفاضة الأقصى، فعملت المؤسسات النسائية والجمعيات واجتهادات نسائية على رفع مستوي المرأة الفلسطينية ثقافياً، ودعمها بكل قوة في هذا المجال، حيث كان الدور الثقافي هو الأكثر انتشاراً بالعالم ويستطيع نقل صورة بشاعة انتهاكات الاحتلال.
وأضافت: "دأبت المؤسسات النسوية الفلسطينية في الحفاظ على التراث الفلسطيني والهوية الوطنية، فنون يتم تعليم المرأة الفلسطينية الكثير من الفنون كفن التطريز اليدوي والحياكة، حيث تلونت أثوابهن بألوان العلم الفلسطيني ورموز التراث الشعبي من المطرزات، مثل شكل المفتاح للتعبير عن التمسك بحق العودة، والزيتون الأخضر والأرض للتعبير عـن معاني ومكانة الأرض فـي وجدان الشعب الفلسطيني وقضيته؛ وبذلك استطاعت المرأة الفلسطينية أنّ توثق معاناة الشعب الفلسطيني بكافة تفاصيلها".
وقالت ريم فرحات، في حديثٍ خاص: "إنَّ المرأة الفلسطينية لم تكتفِ بذلك فقط، بل استخدمت عدة وسائل مختلفة لكي تحافظ على تراثها الفلسطيني وهويتها الوطنية ولم يكن من السهل الحفاظ على التراث الفلسطيني والهوية الوطنية الفلسطينية بكافة أشكالها وتجلياتها، والدور الذي لعبته المرأة أظهر وجه وقدرة المرأة الفلسطينية في ميادين النضال الفلسطيني".
وبيّنت خلال بحثها أنّ المؤسسات النسوية حاولت تحقيق إنجازات نسوية في ظل السلطة الفلسطينية، حيث أطلقت حملة "المرأة والعدالة والقانون نحو تقوية المرأة" عام 1993م، بهدف إثارة النقاش حول الواقع القانوني للمرأة، وأهمية القانون كأداة للتغير الاجتماعي، وصاغت الحركة النسوية وثيقة المطالب النسويـة عـام 1994م التي شملت كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تطمح النساء بتحقيقها، ثم صاغت وثيقة مبادئ حول قانون الأسرة الفلسطيني".
وحول دور المرأة الفلسطينية في قطاع غزة بالتعريف في القضية الفلسطينية، قالت: "استطاعت المرأة رفع مستواها الثقافي وتعزيز قدراتها من خلال نشاطها في مجال النشاط الإعلامي وإقامة المؤتمرات والاشتراك في الندوات والدعوة للاجتماعات النسوية، وقد ساهمت بعض المؤسسات النسوية مثل الأطر والاتحادات في تمكين وتقوية النساء ورفع مستواهن الثقافي، وذلك من خلال التوعية الثقافية للمرأة والفتاة عن طريق المحاضرات والنشرات، والدورات الثقافية، وكذلك بإنشاء المكتبات، ومن خلال إنشاء منتديات للفتيات"، وذلك لكي تقف المرأة الفلسطينية كواقع حي واع في وجه أيّ هجمة بتفاوت حجمها وظواهرها الاجتماعية، تحمل قضيتها وترفض التنازل، وقد كثفت الحركات السياسية الندوات بخصوص القضية الفلسطينية والتي تهدف إلى الارتقاء بالمستوى الثقافي لها، وإعداد كوادر وقيادات نسوية تكون قادرة على أخذ دورها القيادي والريادي في المجتمع، وتمكين النساء وتعزيز حقوقهن مـن خلال تزويدهن بالرعاية الصحية، والمساعدة القانونية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية".
وتابعت: "بات الحفاظ على الهوية الوطنية مـن أولويات المرأة الفلسطينية لإدراكها بأهمية دورها وانعكاسه على مسيرة نضال الشعب الفلسطيني سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وساهمت المرأة الفلسطينية في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية وتعزيزها؛ لذلك دأبت المرأة الفلسطينية على تكريس الهوية بطرق عدة متأصلة ومستمدة من عناصر الواقع الذي تعيشه، كالذاكرة والحكاية والتاريخ الشفوي والتعبير بالفن كالغناء، والحياكة، والتطريز الفلسطيني".
وأكملت: "كذلك عملت العديد من الجمعيات والمؤسسات النسوية في قطاع غزة على رفع مستوى المرأة ثقافياً من خلال عقد محاضرات توعوية في المجالات الاجتماعية والصحية والأدبية، ولكي تواكب المرأة التطور الإلكتروني أنشأت مختبراً للحاسوب وتعقد دورات للتدريب على الأجهزة الإلكترونية، هذا بجانب دورات التفصيل والخياطة مدتها ثلاثة أشهر، حيث تتدرب خلالها على خياطة مختلف الأقمشة والموديلات وفي نهاية الدورة تتقدم الدارسة لامتحان عملي وتمنح شهادة تؤهلها للعمل".
من جانبها، قالت د. هالة الحرازين: "نثمن دور المرأة الفلسطينية في هذا الصرح العظيم الذي برز مجهودها في إحياء القضية والتراث الفلسطيني فهي صانعة المجد ونصف المجتمع وتلد النصف الأخر، وتُعتبر مشاركتها النضالية والثقافية من وواجبها الوطني، للحفاظ على الإرث الثقافي والحضاري في المجتمع الفلسطيني، ولنقل صورته إلى جميع أنحاء العالم، كما أن المرأة الفلسطينية حتى اليوم صامدة وثابتة أمام القرصنة اليهودية والمجتمعية".
أما عن التحديات والعراقيل التي تقف حائلة أمام إنجازاتها وتطوراتها، أوضحت: "بالرغم من الإنجازات والانتصارات التي حققتها النساء في المجتمع الفلسطيني إلا أنها تواجه سلسلة من التحديات أهمها المجتمع الذكوري بالدرجة الأولى الذي يفرض هيمنته عليه ويحاول طمس قدراتها وإخفاء اسمها عن الساحة العامة، وهذا يمنع تقدمها وتطورها، كذلك عدم مطالبتها وتحصيلها لحقوقها بشكل عام،علاوةً على ذلك أن عادات المجتمع تعتبر خروج المرأة من منزلها خطأ كبير، باعتقاده أنّها خُلقت للتربية والرعاية فقط، ما يجعلها حبيسة أربع جدران".
وخرج المؤتمر العلمي بعدة توصيات أبرزها العمل على تطوير البرامج والمناهج التعليمية بما يُسهم في توعية المجتمع تجاه قضايا المرأة ومشاركتها في عملية التنمية، وتفعيل دور الحكومة في الإشراف والمتابعة لعمل المؤسسات النسوية ودمجها في اللجان المشاركة في التخطيط التنموي، وإقامة مشاريع اقتصادية تنموية للنساء وللمؤسسات النسوية، حتى تستطيع المؤسسات تمويل برامجها بنفسها، بدلاً من الاعتماد على الجهات المانحة، وكذلك توفير الدعم والتدريب للمؤسسات النسوية، كل حسب اختصاصه، والعمل على تأهيل كوادر نسائية ودعمها بالمشاركة في جميع المحافل الوطنية.