اذا ما ركزنا في احداث التاريخ فإننا سنصل الى مؤشر هام له علاقة و علاقة مهمة في الجغرافيا لبلاد الشام او سوريا الكبرى من حيث البعد الاستراتيجي في مواجهة الازمات والاجتياحات للمنطقة فكل بلاد سوريا الكبرى هذا الشريط الذي يمتد على البحر المتوسط من الاسكندرونة الى رفح وشرقا الى حدود بلاد الرافدين و من هنا الخطأ الاستراتيجي الذي اصاب حكام المنطقة بعد سايكس بيكو هو النهج القطري و الخصوصية القطرية و بالتالي كانت الازمات مؤثرة و قاسمة في تشتيت سوريا الكبرى ثقافة واقتصاد وامنا وجغرافيا ، و المشكلة الكبرى هنا كانت عملية احلال صهيوني غربي لفلسطين بدلا عن شعبها الاصلي الذي مازال يقاوم كل العواصف القادمة والمحلية التي تستهدف وجوده على الارض التاريخية كجزء من سوريا الكبرى .
الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه قيادة منظمة التحرير هي النظرة الغير صائبة التي تبنتها تلك القيادة سواءا في دكتاتوريتها في امتلاك الساحة اللبنانية واضعاف الحركة الوطنية اللبنانية ولكي تكون هي بديل عن كل شيء ، اما الخطأ الاستراتيجي الثاني والذي شعر به النظام السوري تجنح منظمة التحرير في الخط التسووي للقضية الفلسطينية بعيدا و مؤثرا على المنظور الاستراتيجي لبلاد الشام او كما تسموها سموها سوريا الكبرى ولا يخفى على احد حين قررت قيادة منظمة التحرير التجاوب مع قرار 2 4 2 والقبول بدولة في الضفة وغزة والتخلي عن باقي فلسطين وحسن الجوار مع ما يسمى دولة اسرائيل وهذا يضرب في العمق الوحدة المستقبلية في عالم يحدد فضاءاته وتقلبات اقليمية تستدعي وحدة كل القوى في المنطقة لمواجهة الاعصارات القادمة فلقد اعلنت منظمة التحرير عن خيارها بالركوب في قطار فيلب حرير الامريكي وكامب ديفيد ولذلك كانت خيارات المنظمة قد استفزت اكثر حزب البعث العربي الاشتراكي الذي شعاراته حرية . اشتراكية وحدة وقررت قيادة منظمة التحرير الخروج من لبنان الى الشتات في وعود للاعتراف بها فقط ووعود بكيانية لها اقل من حكم ذاتي كما ترجمته اتفاقية اوسلو .
انقطعت العلاقات بين النظام السوري ومنظمة التحرير بعد الخروج من بيروت نحو ذاك الخيار الامريكي وتبنت سوريا كل الفصائل التي تعارض التنازل عن الارض التاريخية لفلسطين التي هي جزء من سوريا الكبرى هكذا يقول التاريخ ولا نريد ان ندخل في سجال مع هؤلاء القطريين الذين اخذوا بالخيار الامريكي والقطار الامريكي لطموحات قزمية تخصهم فقط ، سوريا لم تتخلى عن الفصائل التي تشبثت بموقفها بفلسطين و بموقفها الاستراتيجي من الدولة السورية ، هذه محطة التي ادعت فيها قيادة منظمة التحرير بأنها تحافظ على القرار الفلسطيني المستقل ! لتقع بين فكي امريكا و الغرب واسرائيل و كما تكشفه حقائق الواقع اليوم .
اردت من هذه المقدمة في تلك السطور ان اوضح الفكر الاستراتيجي لنظرية التحرير وارتباطه بالدولة السورية والتاريخ على هذه الارض .
بكل المقاييس التاريخية و بكل التوجهات الفكرية للفصائل الفلسطينية كان يجب ان لا يتجنحوا بموقف معارض لوحدة سوريا و متغاضين عن اهمية سوريا في تعزيز النضال الوطني الفلسطيني سياسيا و عسكريا ووجودا فإذا كانت منظمة التحرير قد اخطأت في الفهم الاستراتيجي واستخدمت التكتيك لصالحها بنهج قطري متخصخص لها ذاتها فإن حماس كفصيل مقاومة فتحت لها ارض سوريا على متسعها والساحة اللبنانية وفتحت لها كل ابواب الدعم كان الخطأ الاستراتيجي لحماس كفصيل مقاوم ان يترجم موقفها كمقاومة وطنية وليس حزبية تقودها شعائرها و دستورها الداخلي وادبياتها فتحرير فلسطين والتحالف مع القوى المحافظة على هذا المفهوم يتجاوز كل النظريات والادبيات الحزبية الى بحر الوطنية الواسع وانتماءا للتاريخ .
كان خطأ حماس ان ساندت فصائل التخريب التي اتت بها رياح التخريب بما يسمى الربيع العربي الامريكي الاسرائيلي و التحالفات الغربية الاسرائيلية ساركوزي و الصهيوني المتطرف برنارد ليفني و اطماع تركيا التي تنتمي لحلف الناتو و اطماع امريكا في الاستيلاء على مناطق صناعة القمح ومراكز الطاقة التي مازالت امريكا الى الان تسيطر عليها في سوريا كان موقف حماس يتجاوز المواقف الحقيقية للشعب الفلسطيني وارتباطه بالتاريخ مع سوريا و الجغرافيا و الخطوط السياسية المحافظة على الثوابت الوطنية في التحرير .
خرجت حماس من سوريا في عام 2012 وكثير من قيادتها قادهم العمى الحزبي لمساندة فصائل ساهمت في تدمير سوريا ، الرهان على حزب ليقود المنطقة اثبت فشله وبالتالي لابد للعقل ان يستقيم ولو اخطأ و نأمل من الدولة السورية الا تحتسب ذلك خطيئة .
كان لا بد بعد ان انتصرت الدولة السورية على كل فصائل الشر والتخريب و عودة الروح لسوريا لابد من العودة الى سوريا كحاضنة تاريخية وحاضرا ومستقبلا و باتالي قد يكون هذا الرأي ليس فقط محصورا على حماس بل ايضا يجب عودة حركة فتح كحركة كفاح مسلح وثورة شعبية تساهم مع حماس و الفصائل الاخرى في جبهة مقاومة موحدة كي نستطيع ان نخرج من نفق اوسلو و الاوسلويين والدمار الذي الحقوه بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني .
بالتأكيد ان التوجه الى سوريا الان من خلال وفد من الفصائل الفلسطينية يضم حماس بقيادة مسؤول العلاقات العربية "الحيه" وكما وصفه النظام السوري بأنه رجل مقاوم وليس سياسي حزبي نأمل ان يترجم هذا اللقاء الذي سيقابل فيه الوفد الفلسطيني الرئيس بشار الاسد يوم الاربعاء 19/10 ان يتم فيه تسوية جميع الاشكاليات والازمات التي خلفها موقف حماس السابق، فإن تحدثنا عن فلسطين فإن سوريا هي الضرورة وان تحدثنا عن فلسطين فهي الرئة لسوريا .