إطلالة على المشهد الانتخابي الإسرائيلي

حجم الخط

بقلم: يوفال كارني

 



بعد أسبوعين بالضبط سيحصل هذا: يوم الثلاثاء الأول من تشرين الثاني 2022، سيخرج الملايين من مواطني دولة إسرائيل إلى صناديق الاقتراع للمرة الخامسة؛ بهدف حسم الأزمة السياسية التي تتواصل هنا منذ ثلاث سنوات ونصف السنة.
كانت هذه حملة انتخابات أطول من المعتاد، وأساساً بسبب أعياد تشري. في فترة الأعياد فضّلت الأحزاب البقاء في الظل، والدخول في سبات أو إلى نوع من الغفو. الجمهور في إسرائيل، الذي ملّ على أي حال حملات الانتخابات الواحدة تلو الأخرى، لم يكن منصتاً لحملة انتخابات أو لحرب استنزاف خالدة بين الكتلتين.
لكن كل هذا ينتهي هذا الصباح، وفي مقرات الأحزاب يرفعون معدل السرعة نحو المصاف الأخير في الحملة. في الأسبوعين القريبين، سنسمع وسنرى هنا كل شيء: الاتهامات ومعارك الوحل، الأحابيل والأنباء الملفقة، الوعود والنفي والكثير من السم، من نصيب الشبكات الاجتماعية.

معركة رأس برأس
ستحسم حملة الانتخابات القريبة القادمة مصير شخصيتين سياسيّتين: رئيس الوزراء يائير لابيد، ورئيس المعارضة بنيامين نتنياهو. بالنسبة لنتنياهو هذه على ما يبدو هي الفرصة الأخيرة ليحقق ما لا ينجح في تحقيقه في الحملات الانتخابية الأربع السابقة: 61 مقعداً لكتلة نتنياهو. على الورق، توجد لليمين أغلبية واضحة في صفوف الجمهور. لكن في هذه الحملة - بالضبط مثلما في سابقاتها - ليست بين اليمين واليسار، بل بين معسكر نتنياهو ومعارضيه. يوجد نتنياهو حتى الآن في موقف دون، فهو يدير حملة الانتخابات هذه لأول مرة من موقع رئيس المعارضة وليس رئيس الوزراء. كما أنه يجد صعوبة في أن يحقق حسب الاستطلاعات الـ 61 مقعداً المنشودة. وحتى لو حققها، فإن وجع رأسه لن يقل في اللحظة التي سيتعين عليه أن يشكل حكومة يمين ضيقة مع عدد مقاعد من منزلتين للصهيونية الدينية، ومع شركاء من أقصى اليمين مثل سموتريتش وبن غفير، ومطالبات بحقائب الدفاع، المالية، والأمن الداخلي. «سيكون في الحكومة القادمة على الأقل خمسة بن غفيريين»، تبجح الـ»بن غفير» الأول.

ماذا سيفعل نتنياهو؟
يعد نتنياهو بأنه إذا حقق الـ 61 مقعداً فستكون له حكومة مستقرة لأربع سنوات. الفوز بالمقاعد يحتمل أن يكون، أما الاستقرار فبالتأكيد لا. وماذا سيفعل نتنياهو في الأسبوعين المتبقيين حتى يوم الناخب؟ هو وحزبه سيركزان على إخراج الليكوديين للتصويت. وفي هذا ستتركز كل المقدرات. كما سينشغلون بثلاثة مواضيع مركزية: الوضع الأمني في إسرائيل، وغلاء المعيشة، والشراكة على حد قوله بين لابيد، والأحزاب العربية، مع التشديد على الجبهة والعربية لأيمن عودة وأحمد الطيبي.
يعتزم نتنياهو استغلال فشل حكومة التغيير كي يشدد على أنه لا يمكن إقامة حكومة يشارك فيها حزب عربي. السؤال المشوّق الذي يحوم في الهواء في صفوف «الليكود» أيضاً هو: هل ستصمد كتلة نتنياهو إذا لم يوفر نتنياهو البضاعة في محاولته الخامسة؟ هل سيهجره الشركاء الطبيعيون كي يقيموا حكومة مع لابيد أو غانتس؟ وهل سيثور في «الليكود» تمرد ضد الزعيم الذي لا جدال فيه بالنسبة لـ»الليكود»؟

ماذا سيفعل لابيد؟
بانتظار لابيد تحدٍّ مركب على نحو خاص: كيف يمنع نتنياهو من الوصول إلى الـ 61 مقعداً، وبالتوازي تشكيل حكومة وائتلاف مع أعداد إشكالية؟ وهذا واحد من اثنين: كسر نقطة نتنياهو أو تلقي دعم الأحزاب العربية. مقربو لابيد واثقون من أنه إذا لم ينجح نتنياهو في الوصول إلى الـ 61 مقعداً، فإن لابيد سيشكل الحكومة القادمة.
في الأسبوعين القادمين، سيركز لابيد حملته على تشجيع المقترعين للوصول إلى صندوق الاقتراع بهدف إزالة عدم الاكتراث في معسكر كتلة التغيير. في الحزب يعتزمون الخروج إلى الميدان، والوصول أيضاً إلى معاقل المجتمع العربي مثل الناصرة. سيتحدث لابيد عن «سواء العقل» مقابل حكومة يمين متطرفة يكون فيها بن غفير وسموتريتش الزعيمين البارزين اللذين سيغيران وجه دولة إسرائيل.
منذ دخل لابيد مكتب رئيس الوزراء وهو يحاول نقل هذه الرسائل بطريق رسمية أكثر. وهدف لابيد هو البقاء في مكتب رئيس الوزراء حتى بثمن لا ينجح فيه أي من المرشحين في تشكيل حكومة.
نقطة ضعف لابيد هي المقترعون في المجتمع العربي: نسبة تصويت متدنية ستلعب بوضوح في صالح نتنياهو. كما أن الانقسام في الأحزاب العربية قد يؤدي إلى تعزيز قوة كتلة نتنياهو بشكل نسبي.

خطة سموتريتش
يطلق حزب الصهيونية الدينية في حملته اليوم خطة «قانون وعدل لإصلاح جهاز القضاء وتعزيز الديمقراطية الإسرائيلية». ستركز الخطة على إلغاء مخالفة الغش وخيانة الأمانة للنواب، وتغيير تركيبة لجنة انتخاب القضاة بشكل يعطي السياسيين فيها الأغلبية. تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو متهم في كل ملفات الآلاف بالغش وخيانة الأمانة، ولهذا من الواضح أنه لخطوة سموتريتش هذه هدف واضح: إلغاء محاكمة نتنياهو.
حسب الاستطلاعات، فإن «الصهيونية الدينية» قد يكون الحزب الثالث في حجمه، لكن انتقال الأصوات سيتم داخل الكتلة نفسها. أي أن سموتريتش وبن غفير يتعززان على حساب نتنياهو. وعد نتنياهو قادة الصهيونية الدينية بأنه إذا ما حقق الـ 61 مقعداً فإنه سيشكل حكومة يمين، لكنه يعرف كمن سبق أن أصدر وعوداً مشابهة بأنه لن يفي بها.
هدف الصهيونية الدينية هو أن يكون الحزب الأكبر في الكتلة بعد «الليكود»، وبالتالي يعطي النبرة في تشكيل الحكومة، سواء في تلقي الحقائب أم في الخطوط الأساس للحكومة. ظاهراً، يوجد بين «الليكود» والصهيونية الدينية تنسيق للرسائل حتى في مستوى الحملة ومحاولة نتنياهو «تلطيف» أسلوب قادة الصهيونية الدينية، يوجد تحت السطح توتر، أساساً من جانب المرشحين في «الليكود» ممّن يدعون أن نتنياهو «يتطوع» بالمقاعد للصهيونية الدينية بدلاً من أن يحتسبها منهم.

سيركز غانتس على الأمن
في حزب المعسكر الرسمي لا يقلعون، حتى الآن. رغم الوحدة الثلاثية غانتس - ساعر - آيزنكوت على المستوى الانتخابي يبقون عند عدد مقاعد متدنٍ من منزلتين. بقدر كبير يمس الجمود في مستوى المقاعد بحملة الحزب، التي عرضت غانتس مرشحاً وحيداً يمكنه أن يشكل حكومة. إذا لم يحصل صعود في الأسبوعين القادمين، فإنه سيكون صعباً على المعسكر الرسمي أن يعرض غانتس على أنه المرشح الذي سيتمكن من تشكيل حكومة مع 12 مقعداً.
لأجل إيقاظ الميدان، سيطلقون في المعسكر الرسمي اليوم (أمس) حملة جديدة تركز على التحديات الأمنية المختلفة وعلى الفترة المتفجرة، وستعطي الحملة وزناً لحقيقة أن هناك حاجة حقيقية لرئيس الوزراء مع تجربة ومعرفة وخبرة أمنية.

لعبة نسبة الحسم
من قد تحسم الانتخابات ليست سوى رئيسة «البيت اليهودي»، أيليت شاكيد، التي تدعي أنها الوحيدة القادرة على إعطاء نتنياهو نصراً واضحاً إذا ما اجتاز حزبها نسبة الحسم. أما نتنياهو فيدعي أن شاكيد لن تجتاز بأي حال نسبة الحسم، ويدعو بشدة لعدم التصويت لها؛ لأنها تضيع أصوات اليمين. تعلن شاكيد أنها ستتنافس حتى النهاية في كل الأحوال وليس واضحاً بعد إذا كان اعتزالها سيساعد نتنياهو أم لا.

 عن «يديعوت»