بطلب مباشر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد زيارته الأخيرة للعاصمة الرياض، ستبدأ المملكة العربية السعودية وبتوجيه من الملك سلمان بن عبد العزيز، بتحريك الملفات الفلسطينية الداخلية العالقة، ومحاولة إيجاد حلول للخلافات القائمة بين حركتي "فتح وحماس" وتقريب وجهات النظر بينهما.
التحرك السعودي الجديد للنظر في الملفات الفلسطينية والسعي لإنقاذ العلاقات "المتدهورة" بين عباس وحركة حماس، جاء بعد رفض مصر تحريك الملفات التي ترعاها؛ بسبب عدم إيجادها حلولاً ترضي حماس، والتي يعد التحاور معها جزءاً هاماً للوصول لحل توافقي.
- خطوة سعودية إيجابية
عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، كشف أن الرئيس عباس طالب العاهل السعودي، إعادة تفعيل وتحريك ملف المصالحة مع حركة حماس، ومحاولة إيجاد حلول عملية تُنهي الخلافات الداخلية، "قبل إعلان عباس استقالته رسمياً من رئاسة السلطة"، حسب قوله.
وأكد ، أن "عباس يريد التوصل لحلول مع حماس في جميع الملفات العالقة بينهما، وتنفيذ باقي اتفاقات المصالحة التي جرى توقيعها في السابق، حتى الوصول لتحديد موعد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية".
وأضاف: "مصر ما تزال تضع شروطاً لإعادة تفعيل الملفات الفلسطينية التي ترعاها؛ بسبب توتر العلاقات مع حماس، لذا لجأ الرئيس عباس للسعودية للاستفادة من قوتها وتأثيرها على حماس، لتفعيل المصالحة بما يضمن الحصول على التوافق الوطني الداخلي خلال فترة قصيرة".
وأوضح القيادي في حركة فتح أن "عباس يثق بقدرة السعودية، في المقابل ترغب حماس في التقرب من المملكة من جديد خاصة بعد الخلافات الكبيرة التي طرأت في علاقتها مع إيران، بعد الشروط التي وضعتها للتصالح مع حماس".
وذكر أن "الملك السعودي وعد الرئيس عباس خلال لقائه الأخير في الرياض، بأن يبذل جهوداً كبيرة لإيجاد حلول لملف المصالحة، وتقريب وجهات النظر بين الحركتين"، مؤكداً أن "السعودية لن تطرح أي مبادرة للمصالحة، بل فقط ستحاول إيجاد حلول وسط، وذلك بناءً على مبادرات المصالحة الأخيرة التي جرى الاتفاق عليها بين الحركتين وبرعاية مصر".
وكشف القيادي ذاته، أن السعودية سترعى خلال الأسابيع القليلة المقبلة لقاء مع الرئيس عباس للتباحث في خطواتها بملف المصالحة، ومن ثم سيكون هناك زيارة لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل للرياض ولقاء الملك السعودي، للتباحث في الملف.
ورجح أن تبدأ التحركات السعودية، لتفعيل المصالحة بداية شهر فبراير/ شباط المقبل، بعد انتهاء قيادة السلطة من تقديم المشاريع الخمسة لمجلس الأمن الدولي، المقرر خلال الشهر الجاري، بحسب ما صرح به أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لـ "الخليج أونلاين" سابقاً.
وكان أبو مازن خلال زيارته الأخيرة للرياض، قد قلد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، القلادة الكبرى لوسام دولة فلسطين، "تقديراً وعرفاناً لمواقفه النبيلة والشجاعة تجاه قضايا أمته العربية والإسلامية، وتثميناً لجهوده الكبيرة دفاعاً عن القضية الفلسطينية والقدس الشريف"، حسب بيان الرئاسة الفلسطينية حينها.
يذكر أن المصالحة الفلسطينية ما تزال تراوح مكانها منذ إعلان تشكيل الحكومة بعد توقيع اتفاق الشاطئ في 23 أبريل/ نيسان 2014، وما يزال مسلسل تبادل الاتهامات بين فتح وحماس، حول المُعطل للوفاق والمصالحة يتصدر الساحة الفلسطينية.
ولعل من أبرز قضايا الخلاف بين الحركتين عدم دفع رواتب موظفي حكومة حماس السابقة في غزة، وهو ما تبرره حكومة التوافق بـ "تحذيرات" تلقتها من كل دول العالم بعدم دفع أية أموال لهؤلاء الموظفين، إلى جانب فرض إقامات جبرية على أعضاء حركة فتح في غزة وهو ما تنفيه "حماس".
- دفع عجلة المصالحة
بدوره رحب القيادي في حركة حماس، وصفي قبها، بأي جهود تبذلها السعودية لتحريك الملفات الفلسطينية الداخلية العالقة، وتقريب وجهات النظر بين فتح وحماس، "بعد تخلي مصر عن دورها في الرعاية".
وأكد أن "القضية الفلسطينية والملفات العالقة، تحتاج إلى جهد عربي كبير من أجل دعمها، وموافقة السعودية على تحريك تلك الملفات سيكون خطوة هامة، وستساعد في الوصول إلى الوحدة".
وشدد على أن "حماس مستعدة للتعاون وبشكل كبير مع كل جهد سعودي يبذل في صعيد المصالحة على قاعدة المصلحة وعدم استثناء الآخر"، مضيفاً: "حماس تفتح يدها لكل جهد تبذله السعودية من أجل المصالحة، وستتعاون لدفع عجلة المصالحة للأمام للوصول نحو الوحدة الوطنية".
وأوضح القيادي في حماس أن "السعودية من الدول التي لها وزن كبير في المنطقة، وكل تحرك نحو فلسطين والقضية سيقابل بدعم وترحيب كبيرين"، لافتاً إلى أن "تحقيق المصالحة الفلسطينية يعني تحقيق استقرار عربي وإسلامي".
وحول الزيارة المرتقبة لخالد مشعل إلى الرياض، أكد قبها، أن حركة حماس لا يوجد عندها أي تحفظ على زيارة مشعل للرياض، والزيارة ستتم خلال الفترة المقبلة، لدعم جهود السعودية في تحريك ملف المصالحة المجمد منذ منتصف عام 2014.
وكان إسماعيل الأشقر، القيادي في حماس، قد كشف لـ "الخليج أونلاين" عن زيارة قريبة لخالد مشعل للرياض، للتباحث في ملفات فلسطينية هامة على رأسها المصالحة الداخلية.
وعقب قرابة سبع سنوات من الانقسام، وقّعت حركتا فتح وحماس، في 23 أبريل/ نيسان 2014، على اتفاق للمصالحة، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
وأعلن في الثاني من يونيو/ حزيران 2014، تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية، إذ أدى الوزراء اليمين الدستورية أمام الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة في رام الله بالضفة الغربية، إلا أن هذه الحكومة لم تتسلم حتى اليوم المسؤولية الفعلية في القطاع.