اليســار الإسـرائـيـلــي: المتطــــرفــــون، الحـــالمـــون وا لـغـائبــون

a43e2f5898a0c29310f4b3805e5320c4
حجم الخط

 



قبل اسبوع ظهرت الى جانب غادي بلتيانسكي مدير عام «مبادرة جنيف»، في جدال علني امام طلاب كلية التمهيد العسكري. قلت ان لا أمل لاتفاق سلام في جيلنا وهناك حاجة الى مبادرات اخرى تضيق النزاع. اما بلتيانسكي فقال ان الصهيونية تقوم على اساس الامل وان اقوالي (على أنه لا سلام) حزينة. فينبغي المحاولة المرة تلو الاخرى. هكذا تحدثنا وتجادلنا عن من اقترح ماذا بالنسبة للسلام. من المذنب – الاسرائيليون ام الفلسطينيون. من يمكنه ومن لا.
كان هذا من نوع الاحاديث التي تدور حول ذات النقطة بلا جدوى. فهو يؤمن بانه يمكن وأنا لا. ودعنا بعضنا في نهاية الحدث. بعد بضعة ايام من ذلك بعث لي أحد ما بعنوان نشر في موقع مبادرة جنيف: «يوعز هندل سيؤيد اتفاقا بصيغة مبادرة جنيف اذا ما وفر أمنا حقيقيا». والتفسير في قلب التقرير على الموقع كان اقرب الى الواقع، ومع ذلك اثار عندي بعض الافكار. لماذا يحتاجون لأن يضعوا أحدا مثلي في الموقع. ماذا يعطيهم هذا؟ فالمبادرة لن تستأنف بفضل احساس ملفق بان المزيد فالمزيد من الناس يؤمنون بها.
إذن، صحيح، اذا ما جاء المسيح واصبح الفلسطينيون سويديين، فسأؤيد حنين الزعبي ايضا. غير أن هذا على ما يبدو لن يحصل، وعليه فان مثل هذه المبادرة تبدو لي انشغالا بالاحلام. احساسي من ذاك الحدث كان احساسا يأسا. عدم قدرة على مواجهة الواقع الصعب، وخلق بدائل (من اليسار ولكن بدائل) لاتفاق لا يحصل ولا يأتي.
بلتيانسكي هو رجل يساري صهيوني. من أواخر المؤمنين. ثمة من هجروا الجانب الصهيوني. يوم الخميس الماضي نشرت ايلانا دايان في «عوفدا» تحقيقا عن عزرا ناوي من «تعايش» وعن باحث «بتسيلم» ممن سلما تجار اراضي فلسطينيين للسلطة الفلسطينية. ناوي تحدث بصوته عن التعذيبات التي سيتعرضون لها وعن الاعدامات. سواء تمكنا من تسليمهم أم لا، فان هذا التحقيق هزني. ثمة فارق بين عنصريين يهود يريدون المس بالابرياء وبين نشطاء حقوق انسان يبتهجون لتصفية ابرياء. ليس لخطورة الفعل بل لخطورة الازدواجية الاخلاقية.
نشأت في اليمين المتطرف في السنوات الاخيرة ظواهر مقلقة. فمنذ اغتيال رابين وأنا واع لها. من نشاطات «تدفيع الثمن» وحتى كراهية مؤسسات الدولة في الشبكات الاجتماعية. وأنا اكافحها بكل ما استطيع. لا دور لي فيها ولكني اشعر مسؤولا، لأني اسرائيلي وهم كذلك. الاعداد ليست مماثلة، ومع ذلك توقعت كفاحا مشابها من اليسار عندما تظهر ظواهر كهذه في اليسار المتطرف. وبدلا من ذلك وجدت صدمة معركة. اتهموا الرسول (برنامج «عوفدا»)، قلة هذه الاعمال، كراهية الشرقيين، ومن زود المعلومات لباحثي البرنامج. الكل، باستثناء أخذ المسؤولية.
انظروا في المحيط وسترون ماذا تبقى من اليسار الاسرائيلي؟ فهذا ليس الاستطلاعات واحساس المطاردة، بل فقط النقص في القيادة وفقدان القوة السياسية – بل الضعف، المطاردة وبالاساس عدم القدرة على التأثير على ما يجري هنا. هذه الكلمات لا اكتبها شماتة، رغم انه سيكون من سيدعون ذلك. فالدولة تحتاج الى توازن سياسي، وهذا تبدد في اسرائيل. اليسار المتطرف يتحدث بصوت عال، بينما اليسار الصهيوني الذي بنى الدولة يتوزع في كل صوب، يتصدى لمسألة هويته او يجد ملجأ لدى يائير لابيد الذي لا يتردد في أن يتحدث بلغة قومية وصهيونية.
وفي الموضوع ذاته: قبل نحو اسبوعين كتبت هنا عن البروفيسور عميرام غولدبلوم الكلمات التالية: «امس استيقظ البروفيسور مرة اخرى والى جانبه صديق من الجامعة ووصفا وزيرة العدل بالنازية الجديدة بسبب قانون الجمعيات». وبالفعل، ايضاح: البروفيسور غولدبلوم كتب بوستاً بشعا على نحو خاص عن الوزيرة آييلت شكيد، ولكن كلمتي «النازية الجديدة» اضافهما رفيقه في المسلسل للبوست. ما كتبه غولدبلوم حقا هو: «الدين اليهودي يصفينا جميعا – مثلما ساعد هتلر في تصفية اليهود في اوروبا». وكتب ايضا «هل سينهي احد ما شجاع ويمنع تربية الاطفال في المستوطنات. وهذا بعد أن وصف المستوطنين الكبار في السن بانهم «جنود ارهاب».
اعتذر للبروفيسور غولدبلوم عن اني نسبت له كلمتي «النازية الجديدة»، ومقتنع بان ادارة الجامعة العبرية ستعرف كيف تتصدى لكلماته الاخرى. فلا يعقل ان يكون توأم غوفشتاين بروفيسورا عاديا ولا احد يأخذ المسؤولية. 

عن «يديعوت أحرونوت»