في دول متقدمة وتحتاج الى الطاقة، ولا تملك مصادرها التقليدية من بترول وفحم، والتي تعتبر البيئة من جل اهتمامها، قامت وما زالت تواصل الاستثمار في مصادر طاقة متجددة ونظيفة ومستدامة ولا تنضب، ومن هذه الدول المانيا، التي وحسب الانباء خلال الايام القليلة الماضية، باتت تحصل على اكثر من ثلث حاجتها من الطاقة من مصادر طاقة نظيفة مثل الرياح والشمس والغاز والمخلفات العضوية وغيرهما؟ وفي العديد من البلدان ومن ضمنها بلادنا، التي تسطع فيها الشمس لساعات طويلة خلال النهار، وحتى يستمر دفؤها خلال الليل، تمتاز بإمكانية الحصول على طاقة هائلة نظيفة رخيصة، لا تنعم بها الكثير من الدول، او المناطق في العالم، واستغلال هذه الطاقة، سواء من خلال تسخين المياه، وبالتالي الحصول على المياه الدافئة للاستخدامات المنزلية، او من خلال تجميع وتخزين وتحويل طاقة الشمس الى طاقة كهربائية نظيفة ومستدامة، وبالتالي استخدامها لاغراض الاضاءة او اية مجالات اخرى نحتاج فيها الى الطاقة؟
واستغلال طاقة الشمس، يعتبر اولوية وطنية، وبالاخص في بلادنا، حيث ما زلنا نشتري غالبية الكهرباء و الطاقة، او الوقود غير النظيف للطاقة، وبأسعار مرتفعة، وبشروط وبقيود وبتهديدات متنوعة، وما زلنا نعتمد وبشكل شبه كامل، على الآخرين في الحصول على مصدر حيوي للبشر ولنشاطات البشر، وهذا الاعتماد مكبل بالمتغيرات السياسية والاقتصادية وما يتبعهما؟ وصحيح اننا بدأنا او قمنا بتدشين بعض المشاريع، او المحطات التي من المفترض ان تعمل من خلال الطاقة الشمسية، او من خلال الخلايا التي تقوم بامتصاص وتجميع ومن ثم تحويل طاقة الشمس، الى طاقة كهربائية، وصحيح انه لا يكاد يخلو بيت في بلادنا، من وجود الخزانات الشمسية على اسطح البيوت، وبالتالي الحصول على المياه الساخنة مجانا وبشكل نظيف، ولكننا وحتى الآن، لم نقم باعتماد استراتيجية وطنية، من خلال التوجه نحو مصادر الطاقة النظيفة، سواء اكانت شمساً او رياحاً او غازاً او من مخلفات عضوية او غيرها، وهي البديلة للمصادر الحالية من فحم وبترول، المضرة للبيئة، ولم نقم بالزخم المطلوب من اجل ايصال الفكرة الى قطاعات الناس المختلفة، سواء القطاع العام وبمؤسساته، او القطاع الخاص، والذي وفي دول اخرى يستثمر وبكثافة في مصادر الطاقة المستدامة، او حتى الى مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والمدارس والمواطن العادي؟ وبدون شك ان قيام شركة الكهرباء الاسرائيلية من فترة الى اخرى بالتلاعب بتزويد مناطقنا بالكهرباء، من خلال قطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق وبغض النظر عن الاسباب، هو اجراء مؤلم ومحزن ويظهر مستوى الاعتماد الذي وصلنا اليه، لان الكهرباء أصبحت جزءاً أساسياً من حياة الناس، سواء على صعيد البيت او المواطن، او على صعيد المصنع والمزرعة والمكتب والمشروع، ولكن وفي نفس الوقت، فإن هذا العمل، هو فرصة لنا للتفكير وبشكل جذري او بشكل بعيد المدى في كيفية التخلص او على الاقل في اساليب للتخفيف من الاعتماد، على الجانب الآخر، والذي اصبح يستخدم هذه الاعتماد وهذه القيود كأوراق للضغوط بأنواعها المختلفة، سواء أكانت السياسية او المالية او الاقتصادية، او حتى النفسية؟ ومعروف ان نسبة اعتمادنا على اسرائيل في الحصول على الطاقة والكهرباء وما ينتج عنهما، تزيد على اكثر من 90% من مجمل استهلاكنا للطاقة، وبالاضافة الى القيود الكثيرة التي يمثلها هذا الارتباط القسري والاعتماد غير الصحي، فأن لذلك تبعات مالية من حيث الاسعار المرتفعة، وتبعات بيئية من حيت الاستمرار في استخدام مصادر الطاقة التقليدية، اي البترول والفحم وما يصاحبهما، وما ينتج عن ذلك من تلويث للبيئة بكافة مصادرها، وحتى ان لهذا الاعتماد تبعات تتعلق، بامكانية التخطيط والبناء والتنمية، والاهم التنمية المستدامة، او التنمية بعيدة المدى، اي التي لا تتقيد بشروط وبمصادر وبأهواء الآخرين، وبالأخص حين يكون هذا الاعتماد على مصادر للطاقة، مستنزفة او متآكلة او متناقصة باستمرار؟ والبديل عن هذا الاعتماد، ولو بشكل تدريجي، هو الاتجاه، ومن خلال استراتيجية وطنية شاملة وملزمة ومحمية بقوانين وتشريعات، ومن خلال تشجيع التكنولوجيا والمبادرات والخبرات، ومن خلال الحوافز والدعم، الى مصادر الطاقة المستدامة او الطاقة المتجددة، او الصديقة للبيئة او النظيفة، او مصادر الطاقة الخضراء، ومنها الشمس والرياح والمياه والغاز وما الى ذلك من مصادر نستطيع ان ننتجها ولو بشكل تدريجي او تراكمي، وفي نفس الوقت نستغني وبشكل تدريجي
عن مصادر طاقة، تكبل ايدينا وتستنزف اموالنا وتلوث بيئتنا، وتقيدنا سياسيا وماليا واقتصاديا ونفسيا، وما يترتب على ذلك، ومن ثم استغلال طاقة الشمس المجانية؟ حيث يمكننا استغلالها من خلال التوجه نحو البناء الاخضر، سواء من خلال تصميم البيوت والمباني والمنشآت والمصانع، او من خلال الحصول على التدفئة وتسخين المياه، او من خلال استخدامها وتحويلها الى طاقة في الصناعة، او من خلال تحويلها الى الاضاءة، او من خلال استخدام هذا المصدر من الطاقة الصديق للبيئة، في التخلص من النفايات، أسوة بما بدأت تقوم به الكثير من الدول، والتي لا تملك الشمس بمستوى الشدة، او بالفترة الزمنية التي نملكها نحن؟