هل صحيح ما ادعاه الطفل المرتكب للجريمة أن لعبة إلكترونية علّمته التسديد والرمي بالمسدس؟ وهلفعلاً أن الألعاب الإلكترونية تعزّز السلوك العنيف عند الأطفال؟
قبل الحديث عن السلوك العنيف الذي تسببه ألعاب الفيديو والكمبيوتر من الضروري أن يسأل الأهل أنفسهم، هل يراقبون أطفالهم خلال مزاولتهم هذه الألعاب؟ ولماذا يفضّل الطفل هذا النوع من الألعاب؟ كم من الوقت يمضي أمام الشاشة؟ فمن الضروري معرفة عدد الساعات التي يمضيها الطفل أو المراهق في اللعب، خصوصًا الألعاب التي تتضمن الكثير من العنف والقتل ومشاهد الدم التي تؤثر في الطفل نفسيًا وجسديًا، وتحفّز السلوك العنيف لديه.
فالجلوس لساعات طويلة واللعب بها ينتج عنه تماهٍ كلي بشخصية بطل اللعبة العنيف الذي يقتل ويدمر الأعداء كي يصل إلى هدفه. إضافة إلى أن الطفل يصبح منعزلاً اجتماعيًا يتفاعل مع آلة ويعيش في عالم خيالي.
وفي المقابل لا يدرك الطفل الفرق بين العالم الإفتراضي الذي تعرضه اللعبة والواقع. وأثبتت الدراسات أن الطفل دون السابعة لا يستطيع التمييز بين الواقع والخيال، وليس من الضروري أن يتصرّف بعنف بعد انتهائه من اللعب مباشرة بل تختزن صور العنف في العقل الباطن، ويظهر تأثيرها السلبي عند حدوث مشكلة مع الطفل يعمل على حلّها في شكل عنيف، وربما هذا ما حدث مع الطفل الذي أطلق الرصاص على شقيقته.
إضافة إلى أن مكوث الطفل ساعات إلى هذه الألعاب يجعله غير اجتماعي ومنطويًا على ذاته وأنانيًا، على عكس الألعاب الأخرى التي تتطلّب شريكًا. وعمومًا معظم الأطفال والمراهقين الذين يتأثرون بهذه الألعاب يكون لديهم استعداد للعنف، واللعبة تكون عاملاً مساعدًا وليست سببًا رئيسيًا.
لماذا يدمن الطفل الألعاب الإلكترونية؟
للأسف تشتري بعض الأمهات الألعاب التي تقوم بدور الجليسة، إذ يجدن فيها الحل لإلهاء الأطفال أثناء انشغالهن بأعمال المنزل. كما أن غياب رقابة الأهل وعدم وضع قوانين حازمة يحدّد فيها الأهل الوقت المسموح به باللعب والذي لا يجوز أن يتعدّى الساعة، وعدم مشاركتهم أطفالهم اللعب كلها أمور تحفز الطفل على إدمان هذه الألعاب. فمن المعلوم أن ألعاب الفيديو والكمبيوتر تحتوي على مراحل عدة في اللعب وفي كل مرة يتخطى اللاعب مرحلة صعبة تظهر مراحل أخرى أصعب وهكذا إلى ما لا نهاية، مما يحفز لديه التحدي.
إضافة إلى أن بعض الأهل لا يتنبّهون إلى التعليمات الواردة في كتيب اللعبة ويشترون اللعبة في شكل عشوائي من دون الأخذ في الاعتبار ما إذا كانت مناسبة لسن الطفل أم لا، رغم أن شركات تصنيع الألعاب الإلكترونية تشير إلى السن الموجهة إليها اللعبة.
إلى ماذا يؤدي إدمان الطفل الألعاب الإلكترونية؟
يمكن أن يؤدي إدمان الألعاب الإلكترونية من الناحية النفسية إلى أمراض نفسية كالخوف، والفوبيا الاجتماعية، والسلوك الوسواسي، والنوم المضطرب، وضعف الثقة بالنفس، والقلق، والسلوك العدواني، وكراهية الآخرين، وتشتيت الذهن، وضعف التفكير، والانطواء، والخلط بين الواقع والخيال.
كما يمكن أن يؤدي من الناحية الإجتماعية والسلوكية إلى عدم تعاون الأطفال مع الغير والشك في سلوك الآخرين وضعف الشخصية والصعوبة في محاورة الآخرين، وضعف العلاقة مع أفراد الأسرة والأصدقاء لانشغالهم بتلك الألعاب.
أما من الناحية الجسدية فيؤدي إدمان الألعاب الإلكترونية إلى تعرض الأطفال للسمنة نتيجة الجلوس الطويل وعدم ممارسة المشي أو الرياضة أو الحركة بشكل عام، وتقلص العضلات، وتوتر الأعصاب، وآلام اليدين، وضعف البصر، والتشنجات العضلية والعصبية بسبب التركيز العالي جدًأ في هذه الألعاب. وكل هذا بالإضافة إلى هدر الوقت الطويل الذي يضيع في اللعب.
ما هي النصائح التي يمكن توجيهها إلى الأهل؟
- اختيار الألعاب المناسبة لسن الطفل.
- اختيار الألعاب التثقيفية والتربوية البعيدة عن العنف.
- تحديد الوقت على ألا يتجاوز الساعتين كحد أقصى في الاستخدام .
- عدم الموافقة على استعمال الأطفال للألعاب في غرف النوم خوفًا من الإشعاعات .
- الاهتمام بوضعية جلوس الطفل بشكل صحي لحماية العمود الفقري والجهاز والعصبي من الخلل.
- مشاركة الوالدين لأطفالهما في اللعب وتشجيعهم على التواصل .
- إتاحة الفرصة للأطفال للتحاور حول الألعاب.
- أخذ وعد من الطفل قبل شراء الجهاز الإلكتروني بأن استعماله سيكون في أوقات محددة. ويمكن إبرام عقد مكتوب يوقّع عليه الطفل، مما يشعره بالمسؤولية.
- تشجيع الولد على اللعب الجماعي.
هل هناك من طريقة تساعد على إنتقاء الألعاب الإلكترونية من حيث السن والمحتوى؟
أنشأ فريق جامعي سعودي من طلاب الماجستير في جامعة الملك سعود موقعًا إلكترونيًا يحتوي على تصنيف إسلامي للألعاب الإلكترونية، وترأس هذا الفريق الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الهدلق، وهذا الموقع على الرابط:
http://www.islamic-esr.com وهو على غرار موقع PEGI للاتحاد الأوروبي، وموقع نظام تصنيف برمجيات الألعاب الإلكترونية الأميركي ESRB.
ويرى المسؤولون عن الموقع، أنه على الرغم من الفوائد التي قد تتضمنها بعض الألعاب الإلكترونية، فإن سلبياتها أكثر من إيجابياتها إذ ان معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين ذات مضامين سلبية تؤثر في جميع مراحل النمو لديهم، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين، وتدمير أملاكهم، والاعتداء عليهم بدون وجه حق، كما تعلم الأطفال والمراهقين أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها، وتنمي في عقولهم قدرات ومهارات آلتها العنف والعدوان.
هل من إيجابيات للألعاب الإلكترونية؟
بالطبع، ولكن بحسب أي لعبة إلكترونية، فإذا كانت ألعاب المتعة والإثارة فهي مسلية ولكن مضارها أكبر بكثير من فوائدها.وإذا كانت ألعاب الذكاء أو الألعاب التربوية والتعليمية فهي مفيدة ويمكن إستغلالها في عمليات التعلّم.
فهي تساعد الولد على تعلم مهارة إتباع التعليمات، وحل المشاكل؛ وتحسن المنطق، والتناسق ما بين العين واليد، وحركات اليد الدقيقة، والتوجه الفضائي؛ وتدربه على التخطيط، والسرعة في المساعدة والإنقاذ، والتنوع في المثيرات، والسرعة في التفكير والتحليل والتطبيق، وإتخاذ القرارات، والدقة في الأداء، ووضع خطط والتنبؤ والفرضيات، والمثابرة، وتقوي الملاحظة، والتركيز، والمخاطرة، وكيفية مواجهة التحديات، والإدارة. ولكن هذا بالطبع مع اللعب بحدود من دون الوصول إلى الإدمان، والإختيار الصحيح للعبة الإلكترونية.
ما هي الألعاب الإلكترونية؟
تعد الألعاب الإلكترونية electronic games من أهم الظواهر التي رافقت ظهور الكمبيوتر وتطوره، وهي في المفهوم المعلوماتي برمجيات تحاكي واقعًا حقيقيًا أو إفتراضيًا بالاستناد إلى إمكانات الكمبيوتر في التعامل مع الوسائل المتنوعة multi media وعرض الصور وتحريكها وإصدار الصوت. أما في المفهوم الاجتماعي فهي تفاعل بين الإنسان والآلة للإفادة من إمكاناتها في التعليم والتسلية والترفيه.
ومن الناحية العملية تمثل الألعاب الإلكترونية أداة تحدّ لقدرات اللاعب إذ تضعه أمام صعوبات وعقبات تتدرج من البساطة إلى التعقيد، ومن البطء إلى السرعة، وأداة تطوير لثقافته وقدراته إذ تشد انتباهه وتنقل إليه المعلومة بسهولة ومتعة.
ناقوس خطر- 400 دولار أميركي معدّل إنفاق الطفل السعودي على الألعاب الإلكترونية
قّدّر خبراء في الفيديو والألعاب الإلكترونية في السعودية حجم إنفاق الطفل السعودي على ألعاب الترفيه الإلكتروني بنحو400 دولار سنويًا، بما يوضح مدى إنتشار هذه الألعاب التي بدأت آثارها تنعكس على سلوك الأطفال والطلبة في المدارس، حتى وصل الأمر إلى استخدام الأسلحة البيضاء في مشاجراتهم كما تقول الصحف والتي تزامنت وزادت بشكل ملحوظ مع انتشار العنف في هذه الألعاب.
ولقد أجمع خبراء الصحة النفسية والعقلية على ضرورة أن يكون75% من وقت فراغ الولد في أنشطة حركية، وتمضية25% في أنشطة غير حركية، ولكن وللأسف هذا عكس ما نجده عند الأطفال في المجتمعات العربية.